«الدروس الخصوصية» تعود عبر جدران البنايات
عودة الدروس الخصوصية تتزامن مع ارتفاع الرسوم. أرشيفية تباينت آراء سكان ومعلمين في الشارقة بخصوص عودة ظاهرة الدروس الخصوصية ونشر إعلاناتها في الشوارع وعلى البنايات مع بدايات العام الدراسي الجاري، البعض اعتبرها «ظاهرة عادية وطبيعية وطريقة لتحسين دخل المعلم في مواجهة الغلاء، وسبيلاً للطالب الضعيف لتقوية نفسه»، والبعض الآخر أكد أنها «ظاهرة غير صحية يجب أن تختفي من حياتنا»، وبدورها أشارت منطقة الشارقة التعليمية إلى خطورة الظاهرة مطالبة بـ«ضرورة التصدي لها ضمن حزمة من الإجراءات وخطوات التوعية للمدرس والطالب والأهالي للحد من هذه الظاهرة التي تسيء لمهنة التعليم ومكانة المعلم، وتفتقد الجانب الأخلاقي، وتعمل على نشر الفساد في المجتمع، وتعلم الطالب الخمول والكسل والاتكالية».
وفي التفاصيل شكا حسين موسى، موظف، لـ«الإمارات اليوم» قائلا إن «بداية العام الدراسي تزامنت مع شهر رمضان وإغلاق شوارع في الشارقة وزيادة الازدحام المروري، وإغلاق مدارس الفلل، الأمر الذي خلق حالة من الازدحام تصل لدرجة الفوضى في كثير من المدارس الخاصة، وبالتالي زادت الرسوم المدرسية بصورة غير عادية، كما ارتفعت أسعار الكتب وكل ما يتعلق بالعملية التعليمية».
مفيدة للطلبة بينما يرى المواطن أبوأحمد أن الدروس الخصوصية مفيدة للطلبة، كما أنها مفيدة للمعلم الذي يعاني ظروفاً مالية صعبة من حيث تدني الراتب قياساً برواتب المهن الأخرى، موضحاً أن «أبناءنا في حاجة للدروس الخصوصية، ومن دونها لا نضمن لهم النجاح» متسائلا «لماذا كل هذا الهجوم على هذه الظاهرة، أليست موجودة منذ زمن بعيد ولا تضر أحداً، بل يستفيد منها الطالب والمعلم».
وقال المعلم، (غ.ز) «من خلال خبرتي التي تجاوزت 30 عاماً في التعليم في أكثر من دولة عربية تيقنت أنه لو كانت رواتب المعلم مناسبة فلن يفكر في البحث عن زيادة مصدر دخله من خلال الدروس الخصوصية، على الرغم من الموقف الرسمي منها»، مؤكداً أن الخطوة الأولى للقضاء على هذه الظاهرة بكل تداعياتها هي تعديل وتحسين رواتب المعلمين قياساً بالوظائف والمهن الأخرى».
ورأى معلم آخر (زهير. ص) إن المعلم لديه وقت كافٍ يستطيع الاســتفادة منه في الدروس الخصوصية، من دون أن يؤثر ذلك في أدائه أو اخلاله بواجباته حيال الطلبة، موضحاً أن «من حق المــعلم الاستفادة من وقته في تحسين دخله في ظل راتب المعلم المتدني مقارنة بالمهن الأخـرى، ملمـحاً إلى أن بعض المدارس لا تدفع راتباً للمعلم أكثر من 2000 درهم وهو الحد الأدنى المفروض من قبل الوزارة، فكيف يعيش المعلم بهذا الراتب في ظل موجة الغلاء وارتفاع الأسعار، ولا حل لديه غير الدروس الخصوصية، فالمعلم غالباً لا يتقن غير التعليم، ولا طريق أمامه بعد المدرسة غير بعض الدروس الخصوصية سواء في بيوت الطلبة أو في بعض مراكز ومعاهد التعليم».
الأمان الاقتصادي وبدوره قال المعلم (فراس.ح) «الدروس الخصوصية ممنوعة بحكم القانون لكنها ليست جريمة، فهي تسهم في تحسين دخل المعلم، الذي من حقه الشعور بالأمان الاقتصادي أسوة بالمهن الأخرى». ورفضت المعلمة أمل حسن فكرة الدروس الخصوصية قائلة «أنا لا أوافق على إعطاء دروس خصوصية مهما كلف الأمر، لأن تلك الدروس من خلال المراكز والمعاهد أو البيوت والأسر تعكس تدني مكانة المعلم الذي قيل فيه (كاد المعلم أن يكون رسولا)».
وأكد معلم آخر «نحن في المدارس الخاصة نتقاضى رواتب متدنية وإدارة المدرسة تؤمّن لنا بعـض الطلبة لنعطيهم دروساً خصوصـية بديلاً عن زيادة الأجور». ويرى آخر أن «الدروس الخصــوصية تشـغل كل وقتي خصوصاً في أيام الامتــحانات لدرجة أنني أعطي دروســاً قبل الـدوام وبعد الانتهاء من المــدرسة مباشــرة وفي الليل وفي كل الأوقات، لزيادة الدخل لأن الراتب لا يكفي لشراء الســجائر والمواصلات»، مؤكــداً أنه «لا حل أمامنا غير الدروس الخصوصية ولدينا آليات التحايل على الوزارة والمنــطقة وعمليات التفتيش التي بصراحة ليست جدية لأن الوزارة تعي تماماً أن رواتب المعلمين متــدنية ولو كانت جيدة لما فكرنا في الدروس الخــصوصية».
ومن جانبها أقرت رئيسة قسم المناهج التربوية والبرامج في منطقة الشارقة التعليمية حصة الخاجة، بوجود ظاهرة الدروس الخصوصية قائلة إن «المنطقة تعمل على محاربتها والحد منها» لافتة إلى أن أسباب الظاهرة ترتبط بولي أمر الطالب الذي يشعر بنوع من ثقل المسؤولية تجاه تعليم أبنائه، فيلجأ إلى المعلم الخصوصي كي يعلّم ابنه ويتابعه بدلاً منه، كما أن ولي الأمر يعتقد واهماً أنه من خلال المعلم الخصوصي يرتقي بمستوى ابنه خصوصاً في الثانوية العامة».
وتابعت الخاجة «لدينا حزمة من الإجراءات من أجل التصدي لهذه الظاهرة، تبدأ بتشكيل لجنة متابعة وتحقيق، وتقرير يتم تقديمه للوزارة التي تتخذ الإجراء المناسب لمثل هذه الحالة»، لافتة إلى أن «هناك دروس تقوية في بعض المدارس، لكنها مجانية الهدف منها العمل على تقوية بعض الطلبة».
وأشارت إلى أن «المنطقة تقوم بتوعية الأهالي من أجل الحد من هذه الظاهرة، من خلال توعية إدارات المدارس ومجالس الآباء والمعلمين، خصوصاً أنها ظاهرة تنشر الفساد في المجتمع، وتعلم الطالب الكسل والخمول والاتكالية، وتركز المنطقة على أهمية أن يأخذ المعلم دوره خصوصاً في ما يتعلق بالإخلاص في العمل وأداء الواجب، وتوعية المدرس بخطورة هذه الظاهرة والعقوبة المترتبة عليها».
تدريب المعلمين وأشارت الخاجة إلى «أهمية تدريب المعلمين على كيفية الارتقاء بمستوى الطلبة وكيفية التعامل مع الطالب الضعيف من أجل تقويته، والطالب النشط وكيفية تنمية مواهبه وقدراته» محملة المعلم مسؤولية انتشار الظاهرة، متسائلة لماذا يقبل راتباً متدنياً منذ البداية، ثم يحاول تعويضه بالدروس الخصوصية، ففي الأصل يجب ألا يقبل الراتب المتدني ويحفظ مكانته وهيبته ودوره».
وأكدت «خطورة هذه الظاهرة وطبيعة العقوبات المترتبة على من يقوم بهذه المهمة» ملمحة إلى أن «أمر الإعلانات في الشوارع من صلاحيات واختصاص البلدية التي تعمل على منع كل المخالفات سواء إعلانات الدروس الخصوصية أو غيرها».
عقوبات وعن طبيعة العقوبات بحق من يقوم بإعطاء الدروس الخصوصية، قال رئيس قسم الشؤون القانونية في المنطقة التعليمية، عبدالله إبراهيم الهرمودي «إن العقوبة التي تطبق على من تثبت عليه تهمة الدروس الخصوصية ترتبط بالمادة رقم 70 من قانون الخدمة المــدنية رقم 21 لسنة 2001 وتترواح العقوبات بين الإنذار والخصم من الراتب، وصولاً إلى الفصل من العمل». لافتاً إلى أن «الفصل من العمل والخصم من الراتب هما أكثر العقوبات الست التي يتم تطبيقها بنسبة لا تقل عن 99% من الحالات، وغالباً لا تقل العقوبة عن الفصل من العمل وفقاً لتعليمات وزارة التربية».
اقتصاد هامشي ووفقاً للباحث في شؤون الاقتصاد، عبدالحكيم دخل الله، فإن«ظاهرة الدروس الخصوصية التي تعتبر ممنوعة قانوناً وخلقاً، وتعكس حالة غير طبيعية ولا تخدم تقدم وتطور العملية التعليمية ولا تفيد الطالب، فهي تصنف اقتصادياً على أساس أنها من مركّبات وعناصر الاقتصاد الهامشي» مشيراً إلى أنه «جزء من القطاع الخاص غير النظامي الذي يتميز بكونه غير منظم ولا يملك أي ترخيص إداري أو اقتصادي، كما لا يملك العاملون فيه أية ضمانات قانونية».
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news