مُـقـرئ يرفع الأذان بمصاحبة البيانو

 من العرض المسرحي الملحمي « زنوبيا».   أ.ف.ب
 

خاض الشيخ الشاب عبدالرحمن عبدالمولى تجربة لافتة في مجال الانشاد الديني، فبعد ان كانت مرافقة الطقس الانشادي تقتصر على آلات الايقاع وبعض آلات التخت الشرقي، قدم مع الموسيقي السوري معن خليفة حفلة انشادية بمصاحبة آلات شرقية وغربية، ورفع الأذان بمصاحبة البيانو. وقال عبدالمولى ان التجربة كانت «فريدة من نوعها وجميلة، فالكلام المنتقى من اجمل الكلام التصوفي، والالحان فيها بصمة حديثة»، ويضيف «دائما كنا نسمع الانشاد في شكل تراثي واحد، والذي فعلناه اننا قدمنا كلاما على مستوى رفيع ملحّن بطريقة جديدة لآلات شرقية وغربية».

 

والشيخ الشاب من مواليد 1980، قادم من عائلة متدينة، فوالده مؤذن جامع «عبدالرحمن الصديق» في دمشق منذ 40 سنة. ويشرح عبد المولى انه «قارئ للقرآن منذ 12 سنة بعد ان تدربت على يدي واحد من كبار المقرئين وهو الشيخ المرحوم محمد سكر». ويلفت الى انه دخل جو الانشاد الديني باكرا، منذ كان في السابعة من عمره حين كان يصطحبه والده الى جلسات الذكر والانشاد، وصارت لديه فرقة خاصة للإنشاد عندما صار عمره 15 سنة، ويوضح «كنا نخرج لإحياء الموالد والحفلات في المساجد وخارجها»، كما شارك في فرقة «الانشاد» مع المنشد السوري المعروف حمزة شكور.

 

وشارك عبدالمولى منشداً في الحفل «الصوفي» الذي اقامته احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008، الأسبوع الماضي، في قصر العظم الأثري في دمشق، تحت عنوان «نور على نور»، وقدم فيه مجموعة من اشعار محيي الدين بن عربي وابن الفارض.

 

لحن موسيقى الحفل الموسيقي معن خليفة بحضور آلات العود والكمان والناي والتشيللو والبيانو والغيتار. وانشد في الحفل كل من الشيخ عبدالمولى بمشاركة المغنيين ينال طاهر وعماد رمال. ومن المتعارف عليه في الحفلات التي تقام في قصر العظم، ان بدايتها تنتظر الى ما بعد رفع أذان العشاء في الجامع الأموي القريب. لكن بعد ساعة من انتهاء أذان العشاء، وبعد بدء الحفل الصوفي، رفع الأذان من داخل قصر العظم هذه المرة، بصوت الشيخ عبدالمولى وبمصاحبة البيانو خلال انشاد قصيدة «جل الإله» لابن عربي.

 

وحول تجربته في رفع الأذان بمصاحبة البيانو، قال الشيخ عبدالمولى «في الأماكن المقدسة يفضل ان يرفع الأذان وحيداً، لكني انشدته مع الموسيقى في حفل ديني»، وأضاف «وجود آلة البيانو زاد الأذان روحانية، وكل الآلات الموسيقية تعطي روحانية طبعاً»، ويتابع «عشت التجربة بروحانية عالية وخشوع، والمقام الذي انشدت عليه هو الحجاز وهو مقام حنون جداً».

لا يخفي عبدالمولى وعيه «الكامل» «للخلاف الكبير بين المشايخ والعلماء المسلمين ان كانت الموسيقى تجوز أم لا»، وهذا الخلاف برأيه «جعل غالبية المنشدين يتوقفون عن الإنشاد بمرافقة الآلات الموسيقية».

 

وقال عبدالمولى، الذي يقدم نفسه كشيخ مقرئ ومنشد وليس شيخ فتوى «بعد تجربتي انا مقتنع جداً بالانشاد مع الآلات الموسيقية، لأن الهدف هو ايصال المستمع الى روحانية عالية، والكلام الذي ننشده له تأثير اكبر مع الموسيقى»، ويورد عبدالمولى شواهد تسند وجهة نظره، ويلفت الى انه «حتى المطربين الكبار مثل ام كلثوم ومحمد عبدالوهاب استفادوا من انشاد الشيخ محمد ابوالعلا الذي كان شيخ جامع ومقرئاً، وعندما نسمع انشاده على اسطوانة سنجد آلات موسيقية ترافقه».

 

وأكد  الموسيقي معن خليفة ان ردود الفعل التي تلقاها عن الحفل «كانت ايجابية جدا»، مشيرا الى «وجود رجال دين من طوائف عدة كانوا ضمن الحضور، وقد حيوني بعد الحفل وهنأوني عليه»، ويوضح خليفة ان اختياره لانشاد الأذان في الحفل جاء «لأن الأذان، بطريقة انشاده، جميل جدا ويحمل موسيقى عالية، وقد قدمته كعمل موسيقي صوفي بمصاحبة البيانو».

 

وأعرب خليفة، وهو ملحن وعازف على آلة العود والترمبون، عن امله بأن يتطور مجال الإنشاد الديني. ويقول «الإنشاد هو اكثر عالم (موسيقي) يحتمل التطور»، ويضيف ان تجربته في «نور على نور» هي خطوة على طريق هدف اكبر، فهو يتمنى ان «يأتي يوم يظهر فيه المنشدون بمصاحبة الأوركسترا والكورال، وهدفنا ان يصل الإنشاد الى هذا الرقي».

 

وخلال الحفل انشد الشيخ عبد المولى قصيدة ابن عربي «الله يعلم» بمصاحبة منفردة للعازف طارق صالحية على الغيتار. وعن هذه المحاولة يقول عبدالمولى «المتعارف عليه ان يجلس المنشد مع الناي او العود او القانون، اما ان ينشد مع الغيتار فهي فكرة غريبة»، ويضيف «انا اميل الى الموسيقى الشرقية، لكني وافقت ان انشد مع الغيتار وأردنا ان نعمل شيئاً جديداً، وقد كانت الفكرة جيدة ولفتت انتباه كثيرين».

 

ويتمنى عبد المولى ان يتطور الانشاد «ويصل الى وضع افضل مما هو عليه»، ويقول «هناك ناس لا يحبون الاستماع للموسيقى او يحرمون ذلك، هذا رأيهم وهم أحرار فيه، لكن هناك ناس آخرون يهوون الموسيقى، وأحبذ ألا يحارب أحدٌ الآخرين برأيه فليس من انسان كامل في الوجود». يذكر ان ابرز الاحداث الثقافية التي اقيمت في اليوم ذاته لفرقة الانشاد كان العرض المسرحي الملحمي «زنوبيا» الذي سيقيم جولة على مدى الاسابيع المقبلة في معظم المحافظات السورية. 

تويتر