شرطة دبي تحقق في «تجاوزات» مركز الشعراوي
أثار التحقيق الذي نشرته «الإمارات اليوم» في عددها الصادر أمس، حول التجاوزات التي يشهدها مركز الشعراوي لتعليم الكبار في دبي، ردود فعل واسعة من الجهات ذات العلاقة، في الوقت الذي راوحت فيه تصريحات إذاعية أدلى بها مدير المركز حامد جنيد، بين النفي والتأكيد للمعلومات الواردة في التحقيق.
وكانت «الإمارات اليوم» نقلت عن مسؤولين ودارسين في المركز أن هناك طلاباً يرتكبون أفعالاً مخلة بالآداب، ويتعاطون مواد مخدرة، ويتداولون صوراً إباحية داخل الصفوف الدراسية، إضافة إلى تلفظهم بعبارات بذيئة.
وبدأت إدارة مكافحة المخدرات في شرطة دبي تحقيقاً حول واقعة تعاطي مواد مخدرة «حشيش» داخل المركز. وحمّل نائب القائد العام لشرطة دبي اللواء خميس مطر المزينة، إدارة المركز المسؤولية عن عدم السيطرة على الأوضاع داخله.
وقال المزينة «كان من الضروري إبلاغ الشرطة عن الدارسين الذين يتعاطون مخدرات»، في حين أصدرت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، التي تتولى الإشراف على المركز، بياناً لم يتضمن نفياً مباشراً للمعلومات التي أوردها التحقيق، لكنه نقل عن جنيد نفي وجود طلبة يتعاطون المواد المخدرة، ما أكده جنيد نفسه في حديث لبرنامج «الرابعة والناس» على إذاعة عجمان، في سياق مكالمة انتقد فيها «الإمارات اليوم» لإثارتها الموضوع، وكشف فيها عن مشكلات عدة يغرق فيها في المركز، وقال ان الاختلاط بين الطلبة الكبار والصغار «اكبر مصيبة».
وتفصيلاً، بدأت إدارة مكافحة المخدرات في شرطة دبي تحقيقاً حول واقعة تعاطي مواد مخدرة «حشيش» داخل مركز الشعراوي لتعليم الكبار في دبي، وفقاً لنائب القائد العام لشرطة دبي، الذي كلف مدير إدارة المكافحة بالتوجه إلى المركز ومقابلة رئيسه لسؤاله حول ما أثير في هذا الصدد، وتحديد الأشخاص المتعاطين وفحص العينات التي حُرّزت، لافتاً إلى أن «آخر حالة تم ضبطها كانت تعاطي حبوب مخدرة داخل إحدى المدارس العام الماضي».
وقال المزينة في تصريحات صحافية أمس، إن «إدارة المركز مسؤولة عن السيطرة على الأوضاع داخله» وتابع «كان من الضروري إبلاغ الشرطة عن الدارسين الذين يتعاطون المخدرات، طالما كانت لديهم معرفة سابقة بذلك، لافتاً إلى أن هناك قنوات متعددة وفّرتها الشرطة حتى يستطيع أي فرد في المجتمع الإبلاغ، ومنها قنوات سرية مثل خدمة «الأمين» الالكترونية». وأضاف أن «ترك أشخاص فاسدين داخل المؤسسة المدرسية يؤثر سلبياً في غيرهم، ويسمح لهم بنشر أفكارهم وسلوكياتهم بين زملائهم»، لافتاً إلى أن هناك جهات رسمية مسؤولة بشكل مباشر عن تلك المراكز، مثل: هيئة المعرفة في دبي، ووزارة التربية والتعليم. وكان من الضروري إبلاغها بتلك الأمور حتى تتدخل لحل المشكلة. وأشار إلى أن «وجود عدد كبير من الدارسين داخل المركز (نحو ٧٠٠ طالب) لا يبرر انتشار هذه التجاوزات، كما لا يبرر السكوت عنها، لأن ذلك سيحولها من مجرد سلوك فردي إلى ظاهرة» لافتاً إلى أن المعايير الحديثة للتعليم، تحدد أعداد الطلبة داخل الفصل الواحد. ومن الضروري أن تتدارك الجهات المعنية ذلك».
وأكد المزينة «خطورة اختلاط الطلبة صغار السن من أعمار تسع سنوات، مع الدارسين كبار السن، مشيراً إلى أن «مفهوم تعليم الكبار لا ينطبق بهذه الطريقة على المنتسبين إليه، كما أن هذا الوضع يجعل الطلبة الصغار عرضة للتأثر بأفكار زملائهم في مرحلة المراهقة الذين تختلف أفكارهم وسلوكياتهم في هذه المرحلة العمرية»، مشدداً على «ضرورة الفصل بين الطلبة حسب أعمارهم وإلحاق الطلبة ذوي الأعمار الصغيرة بمدارس نظامية تناسب أعمارهم لأنهم في حكم القانون أحداث».
وأكد أن الشرطة «لديها صلاحية التدخل لضبط أي أمور مسلكية ينجم عنها فعل مجرم من دون مشاورة أي طرف، سواء كان مدير المركز أو غيره»، موضحاً أن تدخل الشرطة في هذه الحالات «يكون لحماية المجتمع» وتابع «لا يمكن القبول بمثل هذه التصرفات سواء كان في مراكز تعليم الكبار أو مدارس».
وأضاف المزينة أن قيام مدير المركز بطرد خمسة طلاب أو أكثر لا يعد إجراء رادعاً لتصرفات مثل هذه لأن من أمن العقوبة أساء التصرف، بل يجب اتخاذ إجراء، مشدداً على وجوب إبلاغ الشرطة والجهات المعنية كافة، لافتاً إلى أن «المعلمين يتحملون المسؤولية كذلك، وخصوصاً الذين تحدثوا عن وقوع هذه التصرفات داخل المركز».
«الهيئة» لم تتلق شكاوى
أكدت هيئة المعرفة والتنمية البشرية أنها لم تتلق أية شكوى رسمية من مديري ومعلمي ودارسي مراكز تعليم الكبار، حول ما وصفه بيانها بـ«ممارسات وسلوك الدارسين غير الأخلاقية، فيما يتعلق بتعاطي دارسين مواد مخدرة، وتبادل الصور الإباحية داخل الصفوف الدراسية، خصوصاً في مركز الشعراوي لتعليم الكبار».
وقالت الرئيس التنفيذي لمؤسسة التعليم المدرسي في دبي التابعة للهيئة فاطمة المري، إن «مدير مركز الشعراوي لتعليم الكبار حامد جنيد، نفى للهيئة وجود دارسين في المركز يتعاطون مواد مخدرة أو يتبادلون الصور الإباحية».
وأشارت المري إلى أن الهيئة «بدأت خلال الفترة الماضية تنفيذ خطة متكاملة، لتطوير تعليم الكبار في دبي مستقبلاً»، وأضافت أن عدد مراكز تعليم الكبار في دبي وصل إلى13 مركزاً، يدرس فيها قرابة 3087 دارساً ودارسة، بينهم 1515 من الذكور، فيما وصل عدد الإناث إلى 1572 دارسة.
وأقرت المري بأن انتقال الطلبة من الدراسة الصباحية إلى الدراسة في الفترة المسائية وتلقيهم منهجاً دراسياً موحداً، «أدى إلى اختلاط فئات عمرية مختلفة في مراكز تعليم الكبار»، مشيرة إلى «وجود تحديات مالية وإدارية تنعكس على جودة التعليم في مراكز تعليم الكبار».
جنيد: تعاطي المخدرات حالة فردية
أقر مدير مركز الشعراوي لتعليم الكبار حامد جنيد، في لقاء اجراه معه المذيع عبدالله راشد بن قصيف، في برنامج «الرابعة والناس» من اذاعة عجمان؛ بأن المركز «يعاني من مشكلة كثافة الدارسين في المركز، بالإضافة إلى اختلاط الكبار والصغار في فصل واحد»، وأضاف أن بعض المعلمين «تركوا المركز بسبب بعده، ولأنهم يدفعون رسوم (سالك) مرتين ويخسرون رواتبهم». ونفى تصريحاته لـ«الإمارات اليوم» حول تداول الطلبة صوراً وأفلاماً إباحية. وأظهرت تصريحات جنيد تناقضاً في بعض اقواله، ففي حين قال في مستهل المقابلة، إنه لم ير منذ تعيينه في المركز عام 1994 أي حالة لتعاطي المخدرات، أوضح لاحقاً أنه تم فصل طالب العام الماضي لتعاطيه حبة مخدرة، مشيراً الى أنه «تم القبض عليه من قبل الشرطة»، وتابع أن «بعض الطلاب أبلغوه بأن الدارس يتعاطى حبوباً لا تظهر آثارها في فحص البول». ولفت إلى أن تعاطي المخدرات حالة فردية حصلت العام الماضي عندما دخل دارسان مكتب المدير وشك في تعاطيهما المخدرات، فجلب لهما الشرطة وتم طردهما من المركز. واتهم مدير المركز «الإمارات اليوم» بأنها «تبحث عن الإثارة والعناوين الفاقعة، وتمس أعراض الدارسين»، وأضاف أن «بعض طلاب المركز من خيرة الدارسين، وأنه كان يمزح عندما قال إنه يوجد في المركز دارسون شواذ، وأنه سيأتي بهم حتى يتم تصويرهم». واعرب عن قلقه على الدارسين الصغار من تداول الصور الإباحية ووصولها إليهم عبر الدارسين الكبار خارج المركز. وأوضح أن أغلب الدارسين من المراهقين والبالغين سن الثلاثين. وأسهب جنيد في شرح معاناة المدرسين ومعاناته شخصياً في ادارة المركز، مشيراً الى تدني الرواتب باعتبارها واحدة من ابرز مشكلاته، وقال «فكرت في تقديم استقالتي، لكني خشيت من نتائج اختلاط الدارسين من مختلف الفئات العمرية».
فصل الدارسين إلى 3 فئات عمرية
اعلنت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة التعليم المدرسي في دبي فاطمة المري، أن هناك دراسة لفصل الفئات العمرية في مراكز تعليم الكبار، من خلال تقسيمهم إلى ثلاث فئات عمرية، تشمل الأولى من هم أقل من 15 سنة، وتراوح أعمار الثانية من 15 إلى 35 سنة، فيما تشمل الثالثة الدارسين الذين تزيدألاأعمارهمألاعلى 35 عاماً. وأوضحت المري أن الهيئة «تبحث بقاء الدارسين من الفئة العمرية التي تراوح أعمارهم من 15 إلى 35 عاماً في مراكز تعليم الكبار، مع توفير برامج تربوية ترتقي بمهاراتهم وتربطهم بسوق العمل، أو الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي»، لافتة إلى أن الفئة الثالثة من الدارسين الذين تزيد أعمارهم على 35 عاماً، سيخضعون لبرامج تعليمية تستهدف في المقام الأول محو أميتهم مع إكسابهم مهارات حياتيةألاتركز على جوانب التطوير الشخصي، ومنها ألامهارات التواصل باللغتين العربية والإنجليزية ومهارات تقنية تسهم في مواكبة التطور الاجتماعي والثقافي في المجتمع. وأشارت إلى أن خطة الهيئة في قطاع تعليم الكبار «تهدف إلى بناء شخصية متكاملة وفاعلة تشارك في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية»، موضحةً أن الخطة «تركز على توفير حق التعليم للجميع، من خلال توفير التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة والدارسين من مختلف الأعمار والجنسيات، وطرح لوائح جديدة للقيد والقبول». وعبرت المري عن دعم الهيئة في تفعيل دور الاختصاصي الاجتماعي أو النفسي في مراكز تعليم الكبار لمواجهة أية مشكلات اجتماعية أو نفسية قد يتعرض لهاألا الدارس في مراكز تعليم الكبار التي تعد مقراً لتطوير الجوانب الشخصية والأكاديمية للدارس، بالإضافة إلى توفير بيئة مناسبة للدراسة الجادة في هذه المراكز.