المد الأحـمر يرفـع أسـعار «المالح»
عزف مستهلكون عن تناول الأسماك، خوفا من تسممها جراء المد الأحمر الذي ضرب المنطقة الشرقية، ولجأوا إلى تناول سمك «المالح» عوضاً عنها، وفق مواطنين ووافدين في دبا، اشتكوا من استغلال بعض التجار الفرصة لرفع الأسعار بصورة مبالغ فيها، وصلت في بعض الأماكن إلى 100٪، حيث تعدى سعر علبة مالح الكنعد 350 درهماً، بعدما كان سعرها 250 درهما، فيما تعدى سعر مالح القباب الذي يعتبر رخيصا 250 درهماً، بعد أن كان يباع بـ 130 درهماً لدى جميع الباعة، حسب قولهم.
فيما أكد رئيس جمعية صيادي دبا، سليمان الخديم أن «سمك (المالح) موجود في سوق السمك بسعره القديم، إلا أن بعض التجار استغلوا الفرصة ورفعوا سعره»، مشيرا إلى أن ارتفاع سعره ليس له علاقة بالمد الاحمر، وإنما بسبب انتهاء موسمه واقتراب نفاد كميات المالح المعروضة منه».
ويعتبر «المالح» من الأكلات الشعبية في المنطقة، حيث يقوم الأهالي بتمليح سمك الكنعد والقباب والاستفادة من وفرته الكبيرة في موسم صيده، وتركه شهوراً عدة ليتم استهلاكه على مدار العام.
ويرى المواطن علي الزيودي أن «كثيراً من تجار المالح ليسوا على قدر كاف من المسؤولية تجاه أزمة طبيعية تعاني منها المنطقة، حيث إنهم يستغلون الوضع لصالحهم ويرفعون الأسعار لتحقيق مصالحهم الخاصة، من دون مراعاة لأزمة المد الأحمر التي ضربت المنطقة وجعلت الكثيرين يتخوفون من أكل الأسماك».
وتابع «فوجئت بسعر علبة مالح القباب يصل إلى 250 درهما، على الرغم من أن سعره منذ سنوات لم يتجاوز 130 درهما، والبعض يضطر إلى الشراء بسبب عزوف كثير من الأسر عن السمك في الوقت الحالي، تخوفا من تأثره بالمد الأحمر».
وأشار سالم عبيد سالم إلى أن «بعض أصحاب المالح استغلوا فرصة الإقبال عليه بسبب العزوف عن الأسماك، ورفعوا الأسعار بصورة مبالغ فيها»، لافتا إلى أن تكلفة تجهيز المالح منخفضة جدا، حيث يصل سعر سمكة القباب في موسمها إلى ثلاثة دراهم، كما أن أكبر سمكة كنعد في موسمها لا يصل سعرها إلى 350 درهماً، وهي تكفي لتجهيز أربع أو خمس علب، متسائلا «كيف تباع العلبة الواحدة من الكنعد بـ٣٥٠ درهما، وهي تضم عددا بسيطا من القطع؟ وهل يعقل أن تكون الأرباح بهذا الحجم؟».
ورأى موسى عبدالله أن «سعر المالح مرتفع جداً بالنسبة للمستهلكين، إلا أنهم مجبرون هذه الأيام على شرائه، لأنهم أبناء ساحل ولا يستطيعون الاستغناء عن أكل الأسماك، لذا فإنني أطالب جمعية الصيادين بالتدخل للحد من ارتفاع سعره».
وزاد موسى «المستهلك هو المتضرر الأول، خصوصا محدودي الدخل، الذين كانوا يستغنون بأكل المالح عن شراء الأسماك الغالية الثمن، ولكن المد الأحمر حرمهم من المالح، بعد ارتفاع سعره، فأصبحوا عاجزين عن شرائه».
في المقابل أكد رئيس جمعية صيادي دبا، سليمان الخديم أن «المد الأحمر اختفى نهائيا من دبا ولم نعد نراه مطلقا، وبدأت حركة الصيد تعود إلى طبيعتها من جديد، حيث سُمح للصيادين بإعادة (دوابيهم) على بعد ميلين، كما هو مطبق سابقا».
وأضاف «بدأت الأسماك تتوافر في الأسواق بكميات جيدة، وبالنسبة لمالح القباب فهو متوافر في السوق، وقد يرتفع سعره أو ينزل حسب عدد القطع الموجودة في العلبة، واعتقد أن الزيادة التي يشكو منها المستهلكون تتعلق بالتجار الذين يبيعون المالح في منازلهم»، موضحا أن سعر المالح يعتمد على نوع السمكة وعدد القطع، إضافة إلى نظافته، كونه إعداداً منزلياً، ويعتبر خاصاً، حسب رأيهم.
كما أكد رئيس الجمعية أن «المد الأحمر ليس له علاقة بارتفاع سمك المالح، وتعتبر هذه الزيادة طبيعية، لأن موسم المالح شارف على الانتهاء، وكمياته بدأت في النفاد، لذا يزداد الطلب عليه في هذه الفترة، ما يؤدي إلى ارتفاع سعره».
أسرار المالح في البيوت
اعتبرت مواطنة متخصصة في تحضير المالح في دبا، الحاجة أم راشد، أن «المالح من الأكلات الشعبية التي عرفت في الساحل الشرقي، وتوارثتها الأجيال منذ قديم الزمان، وأهالي المنطقة يعتمدون على البحر كمصدر رزق رئيس، لذلك اهتموا بصناعة المالح وتخزينه ليقتاتوا منه في الشتاء، وفي الأيام التي تقل فيها كميات الأسماك، أو التي لا تسمح الظروف الجوية فيها للصيادين بالخروج للبحر، ولهذا لا يمكن أن تجد منزلاً في المنطقة الشرقية، امتدادا من ساحل كلباء وصولا إلى دبا، يخلو من المالح».
وأضافت أن «للمالح طريقة تحضير خاصة، ولا تتقن جميع الأيادي تحضيره، حيث إن المالح يتعفن عندما يحضره البعض دون علم، لذا يُتداول بيننا أن ليس كل يد تستطيع أن تحضر المالح». وأوضحت أم راشد «تتفاوت أسعار المالح حسب جودته ونوع السمكة المصنوع منها، الكنعد والقباب أشهر نوعين تُعتمد عليهما في صناعة المالح، حيث يعتبر مالح الكنعد هو الفاخر الذي يندر أن تجده في أسواق السمك بسبب ارتفاع سعره بالنسبة للقباب، ويتميز المالح بقطعه الكبيرة، وبياضه المحمر الخالي من الشوائب».
وتابعت «يعتبر مالح القباب هو الأكثر استهلاكا، وتجده متداولاً كثيراً بين الناس، ومتوافراً بكميات في الأسواق»، لافتة إلى وجود فرق بين تحضير المالح في الأسواق على أيدي الآسيويين الدخلاء على المهنة، وتحضير المالح في المنازل على أيدي ربات البيوت اللواتي يحرصن على نظافته».
وعن طريقة تحضير المالح تحدثت أم راشد قائلة «تقطع الأسماك بطريقة معينة على شكل شرائح، وتغسل جيدا، وهي أهم مرحلة في تحضير المالح، حيث تجد أن أسواق السمك تقوم بتحضير كميات كبيرة من المالح بشكل تقليدي، ولكن ربات البيوت يحضرن كميات بسيطة يقمن بتنظيفها جيدا ولا يملحن الأسماك إلا بعد التحقق من نظافتها وخلوها من الدم».
وأضافت «بعضهن يدخل نكهات عليه مثل ورق الليمون أو الزعتر لتحسين رائحته وطعمه، وتستطيع معرفة مدى جاهزية المالح للأكل بعد مرور شهرين على الأقل عندما يتغير لونه ويبدأ في الاحمرار».