«المدّ الأحمر» يتفاقم ومخاوف من تسمم الأسماك

رسائل انتشرت على الهاتف بين سكان المنطقة الشرقية تفيد بوجود كميات كبيرة من الأسماك على امتداد كورنيش خورفكان.

وصف مستهلكون وصيادون في مدن المنطقة الشرقية المتأثرة بالمد الأحمر، الجهات المختصة بـ«عدم الشفافية والوضوح»، متهمين إياها بالتسبب في حدوث ارتباك فيما يختص بإمكانية تناول الأسماك التي يجلبها صيادو المنطقة، ومدى تأثيرها في صحة الإنسان، بعد أن أصبح الوضع حالياً خارج السيطرة، معبرين عن تخوفهم من تناولها، مطالبين وزارة البيئة بـ «تفعيل دورها واتخاذ قرارات مباشرة بشأن صيد الأسماك وتناولها، وعدم الاعتماد على البلديات والجهات المحلية لضعف إمكاناتها».

فيما أكد صيادون أن «لون البحر يثير الخوف لديهم من بيع الأسماك التي يصطادونها أو تناولها، قائلين إن «اللون البني للمياه، لا يقتصر على الشواطئ، بل يمتد على بعد أميال في عرض البحر، وصولاً إلى مناطق رؤوس الجبال، والتي تعدّ بعيدة جداً عن الشواطئ».

في المقابل أفاد مدير مركز الأحياء البحرية التابع لوزارة البيئة والمياه، الدكتور إبراهيم الجمالي بأن«الوزارة تتابع الموقف باستمرار، منذ بداية ظهور المد الأحمر، حيث شكلت فريق عمل تحرك مباشرة إلى المنطقة وأجرى دراسات وأخذ عينات من المياه والأسماك، وتم التعاون مع منظمة «روبمي» المستقرة في الكويت، لمتابعة الظاهرة من خلالها، لتزويدنا بصور عن تحركات المد عبر الأقمار الاصطناعية. كما تم التعاون والتنسيق مع مختلف الجهات المختصة في الدولة، ومنها هيئة البيئة في أبوظبي، لدراسة الظاهرة والتعامل معها علمياً».

وكانت «الإمارات اليوم» نشرت أخيراً إفادة لغواصين محترفين أكدوا أن «هناك أسماكاً وكائنات بحرية نافقة في قاع البحر ولغاية 22 متراً، مما أكد قلق الصيادين والجمهور من سلامة الأسماك التي تستخرج من «الدوابي والقراقير» المنصوبة في الأعماق». واعتبر مواطنون أن«الصيادين غير مؤهلين لفحص الأسماك، ويصعب عليهم التأكد من سلامتها».

وتفصيلاً قال المواطن عبدالرحمن الحمادي «انتشرت مساء أول من أمس رسائل على الهاتف بين سكان المنطقة الشرقية، تفيد بوجود كميات ضخمة من الأسماك على امتداد كورنيش خورفكان الجديد، وتحركت مباشرة للاطلاع على الوضع، وبالفعل كانت هناك كميات كبيرة من الأسماك نافقة، ولكن المفاجأة الأكبر كانت جمع عدد كبير من الآسيويين هذه الأسماك في أكياس كبيرة، متجهين إلى السوق القديم في اتجاه مقر سكنهم».

وأضاف «بتنا نتابع الوضع وننصحهم بعدم الاقتراب من هذه الأسماك النافقة، إلا أنهم لم يصغوا إلى أحد واستمروا بجمع كميات الأسماك حتى وقت متأخر من الليل».

جهات رقابية

وقال المواطن بوسلمان «أستغرب غياب الجهات الرقابية عن هذا التصرف، وعدم الشفافية والوضوح من جانب الجهات المختصة في التعامل مع هذه الظاهرة، وتقديم نصائح لهؤلاء الآسيويين الذين ليس لهم دراية بمجريات الأمور، وتركهم ليكونوا ضحايا لهذه الكارثة الطبيعية».

وتابع «أعتقد أن الخوف الكبير من جمع هذه الكميات من الأسماك، هو بيعها للمطاعم، أو استخدامها في صناعات السمك مثل التجفيف أو التمليح». مستغرباً من موقف رجال الشرطة ومراقبي البلدية من عدم منع هؤلاء الأشخاص من جمع هذه الأسماك الخطرة على صحة الإنسان».

التقت «الإمارات اليوم» أحد الآسيويين الذين كانوا يجمعون الأسماك الذي قال «السمك غالي الثمن جداً في السوق، ووجود هذه الكميات الهائلة يعد مصدر رزق لنا، ولذا جمعت كميات من الأسماك، بعد أن رأيت كثيراً من الأشخاص يفعلون ذلك على امتداد الشاطئ».

وقال آسيوي آخر «أيقظني صديقي بالهاتف وأخبرني أن كميات أسماك كبيرة على الشاطئ، وجئنا نجمع السمك الذي مازال حياً، وقد كان اصطياده سهلاً جداً، كان بأحجام مختلفة».

الصياد محمد الحمادي من خورفكان، قال إن «الوضع في البحر غير مطمئن والمد الأحمر ممتد لأميال بعيدة في عرض البحر، ويصل اللون البني إلى غاية مناطق رؤوس الجبال البعيدة، ما يجعل تصريح الجهات المختصة بأن الأسماك الموجودة في الأسواق سليمة، لأنها من أعماق البحر أمر مغلوط وأشك في صحته». وتابع «المد الأحمر يمتد من الساحل الشرقي، وصولاً إلى منطقة مسندم العمانية، مما يصعب معه التأكد من سلامة الأسماك وعدم نفوقها، خصوصاً الكميات الموجودة في الدوابي».

وقال الصياد بوسالم من منطقة البدية التابعة لإمارة الفجيرة «الوضع سيئ للغاية». مستغرباً موقف وزارة البيئة السلبي، واكتفاءها بالتصريح بأن المد الأحمر ظاهرة طبيعية، وتشكيلها لجنة مراقبة فقط، من دون دراسة الوضع بشكل ميداني والتأكد من سلامة البيئة والأسماك على صحة الإنسان».

وزاد بوسالم «جميع أهالي الساحل الشرقي في تخوف وحيرة من أمرهم، من الآثار المترتبة للظاهرة في صحة أسرهم، فتجد البعض لا يزال يقبل على تناول الأسماك، والأغلبية أعرضت عن تناوله بسبب عدم تأكدهم من مصادرها، وهل كانت حية أثناء تم صيدها أم نافقة».

صحة الإنسان

وذكر المواطن سليمان محمد أن «التصريحات متضاربة، حيث يؤكد بعض المسؤولين أن الأسماك سليمة ومن الممكن تناولها، فيما يؤكد اختصاصيون آخرون أن تناول الأسماك النافقة يشكل خطراً كبيراً على صحة الإنسان».

وأضاف «الناس متخوفه من الإقبال على الأسماك، لذا ينبغي أن تتعامل الجهات المختصة مع الموضوع بشفافية تامة، وتبين للجمهور مدى تأثير تناول الأسماك في صحة الإنسان، كما نطالب بتوضيح آثار المد الأحمر على مرتادي البحر للسباحة، وبناء عليه تقوم بإصدار قوانين تختص بصيد الأسماك وارتياد البحر».

وطالب المواطن راشد النقبي، وزارة البيئة

بـ «ضرورة إصدار قوانين احترازية، حرصاً على المصلحة العامة، تخوفاً من تلاعب الصيادين». موضحاً أنه ليس صياداً ولكنه من أبناء الساحل ويعلم جيداً أن الأسماك متوافرة بكثرة في هذا الموسم وفي جميع مدن الدولة، لذا يجب أن تصدر الوزارة قراراً احترازياً بحظر الصيد في المنطقة الشرقية، ويتم ضخ الأسماك إلى الساحل الشرقي من الإمارات الأخرى، لحين الوقوف على الآثار التي خلفها المد».

وبرر ذلك بقوله «لأن ليس جميع الصيادين مصدر ثقة وقد يتلاعب بعضهم بالأسماك التي يتم جلبها من«الدوابي»، أو قد لا ينتبه الصياد إلى نفوق بعض الأسماك، فيتم تزويد السوق بها، وتالياً قد تصل إلى المستهلك وتضرّ بصحته».

ومن جانبه قال مدير بلدية الحصن، محمد أحمد المطوع إن «الظاهرة بدأت في التفاقم، وأصبحت خارج نطاق سيطرة البلديات المحلية، ومن الواضح جداً أن الأسماك النافقة لم تعد مقتصرة على الأسماك الصغيرة، بل بدأت تظهر أسماك كبيرة الحجم على الشواطئ وفي عرض البحر نافقة».

وأضاف «نتمنى من وزارة البيئة التدخل المباشر، والاجتماع إلى الجهات المحلية، وإعلامها بنتائج العينات التي أخذتها الوزارة، لتتضح الصورة ونقوم بدورنا على أكمل وجه».

وفي ما يتعلق باستحداث قرارات منع الصيد قال المطوع «هذه القرار ليس من اختصاصنا، ويجب أن يكون من جهات عليا وعلى رأسها وزارة البيئة، حيث يجب أن يستند إلى دراسات علمية وبحوث». وشدد على أن «البلديات المحلية قائمة بدورها على أكمل وجه، والمقتصر على مراقبة الشواطئ وتنظيفها من الأسماك النافقة والطحالب المتضررة، ومراقبة أسواق السمك من جهة أخرى».

الرائحة تنتشر

ومن جهته أكد نائب مدير بلدية خورفكان للشؤون الخارجية، ورئيس جمعية صيادي خورفكان سليمان الكابوري أنه «بدا للجميع أن نفوق الأسماك متزايد، كما بدأت الرائحة تنتشر في خورفكان، بعد أن كانت مظاهر المد مقتصرة على المياه، ولذا فقد خصصت البلدية فريق مراقبة من قسم الصحة في البلدية، لتنظيف الشاطئ، علماً أن الوزارة أخذت عيّنات ونحن ننتظر النتائج منهم».

وفي ما يتعلق بأسماك سوق خورفكان قال الكابوري «إن معظم الأسماك الموجودة في السوق تم توفيرها من «قراقير» الصيادين المنصوبة على بعد 30 و40 ميلا، وهي بعيدة جدا عن المد الأحمر، ومعظمها من الأسماك المهاجرة».

وأكد الكابوري أنه «تم حظر دخول أسماك الساحل الشرقي إلى سوق السمك، إلا بعد فحصها جيداً من قبل طبيب مختص والتأكد من سلامتها من المد الأحمر».

تناول الأسماك

قال مدير مركز الأحياء البحرية التابع لوزارة البيئة والمياه، الدكتور إبراهيم الجمالي «إن تناول الأسماك النافقة بسبب المد الأحمر مضرّ بشكل مباشر بصحة الإنسان، ويجب ألا يتم تناولها، كما يجب الابتعاد كليا عن المحار سواء كان حياً أو نافقاً، بسبب تركز المواد السامة فيه، إضافة إلى عدم تناول القشريات».

وأضاف الجمالي«هناك تعاون بين الوزارة والجهات المحلية كالبلديات وجمعيات الصيادين في المنطقة الشرقية، إذ تم منع الصيد مباشرة فور ظهور المد الأحمر لبعد ثلاثة أميال».

ورد مدير مركز الأحياء البحرية في وزارة البيئة على المطالبين بقرار منع الصيد وتزويد الأسواق بأسماك خارجية قائلاً «لقد تم منع الصيد في الأماكن المتضررة على بعد ثلاثة أميال من الشاطئ، ولا يوجد ما يستدعي منع الصيد عموماً، ومعظم الأسماك التي يجلبها الصيادون تكون من أعماق تصل إلى 50 متراً في القاع، وأغلبها من الأسماك المهاجرة، التي تكون على شكل أسراب كبيرة تتجنب الاقتراب من المد الأحمر، كما أنه من السهل جدا التعرف إلى الأسماك النافقة من المد من قبل الصيادين والباعة وكذلك المشترين».

الأسماك النافقة

شرح مدير مركز الأحياء البحرية التابع لوزارة البيئة الدكتور إبراهيم الجمالي، كيفية تمييز الأسماك النافقة نتيجة المد الأحمر، وكيفية تناولها بطريقة آمنة وقال «تظهر على الأسماك النافقة بسبب المد الأحمر آثار واضحة يسهل تمييزها من قبل الصيادين فور استخراجها من الماء، حيث تكون رائحتها نتنة جداً ويسهل تمييزها بين كميات من الأسماك، كما تكون عيناها مبيضة بشكل واضح، إضافة إلى ظهور بقع حمر على الذيل».

وأضاف «يستطيع المستهلك أن يتناول السمك إذا كان متخوفاً من سلامته بعد إزالة الأمعاء والرأس، وهي الأجزاء التي تتأثر بشكل مباشر بالمادة السامة الناتجة عن الظاهرة».

الكابوري: منع تقديم السمك في المطاعم

قال نائب مدير بلدية خورفكان سليمان الكابوري، إن ظاهرة المد في خورفكان زادت على مثيلاتها في دبا الفجيرة والحصن وكلباء، حيث تحولت من أزمة بيئية إلى مخاوف من انتشار الأمراض، نتيجة إقبال كثير من الآسيويين على جمع الكميات الكبيرة من الأسماك النافقة التي فوجئ بها أهالي المنطقة مساء أول من أمس، وقاموا بتحميلها في أكياس كبيرة لاعتقادهم بأنها صيد سهل ووفير.

وأضاف أن «البلدية فور علمها بجمع الآسيويين للأسماك النافقة، اتخذت قراراً فورياً، بسحب الأسماك من المطاعم ومنع تقديمها إلى الزبائن، تخوفاً من تناولها».

وأضاف «جلبت التيارات المائية كميات كبيرة من الأسماك إلى شواطئ خورفكان ليلاً، و نظفت البلدية الشواطئ، بالتعاون مع وزارة البيئة وجمعية الصيادين والشرطة، وقد فوجئنا بكميات أكبر صباح أمس بعد انحسار البحر».

تويتر