<p align=right>المشاركون يعلنون اليوم إطلاق مبادرة الصحافة الأخلاقية وتأسيس لجنة للمتابعة. تصوير خالد نوفل</p>

«الصحافة الأخلاقية» يطالب بتوسـيع مساحة الحـريـات

شهد مؤتمر دبي لإطلاق مبادرة الصحافة الأخلاقية الذي انطلق أمس ويختتم اليوم، جدلاً من فعاليات إعلامية حول ضرورة توسيع هامش الحرية وتدفق المعلومات التي تتوافر في ظل حماية الدولة لمبادئ حرية التعبير، إذ طالب إعلاميون الحكومات بـ«ضرورة تحرير الإعلام من القيود المفروضة عليه، وإتاحة مساحة كافية لإيجاد نشاط إعلامي مهني مستقل».

ودعوا إلى «إلغاء القوانين التي تحدّ من التعبير وتخنق الآراء، من خلال توفير قوانين تحمي ولا تحرّم»، مشددين على أن «الأخلاق ليست مسألة هامشية في مستقبل الصحافة، بل هي المفتاح لبقائها».

ويعلن اليوم في نهاية المؤتمر إطلاق مبادرة الصحافة الأخلاقية، وتأسيس لجنة لمتابعة تنفيذها على المستوى الإقليمي.

ورأى رئيس جمعية الصحافيين في الإمارات محمد يوسف أن «الصحافة في مجتمعنا تعاني من التدخلات والحساسيات»، داعياً إلى «النظر إلى الصحافة العالمية بتجاربها الناجحة التي دفعتها إلى التطور»، لافتاً إلى أن «المبادرة لا تهدف الى وضع الصحافة فوق المساءلة والمحاسبة، إنما وضع أسس لإعلام قابل للمحاسبة عبر التنظيم الذاتي» على اعتبار أن «ضمانة الصحافة الحرة لا تتحقق إلا في ظل حماية الدولة لمبادئ حرية التعبير التي تؤكدها الدساتير كافة».

ودلل يوسف على رأيه بـ«دور مواثيق الشرف التي تقرها المجتمعات الصحافية» والتي وصفها بـ«السياج» الذي يحمي المجتمع وحقوقه، ويعطي الصحافة حقها الرقابي في المجتمع، مكملةً دور السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية.

وتابع يوسف أن «تلك المواثيق تعكس التجارب الصحافية والخبرات المكتسبة فيها، وتراعي الحقوق والواجبات كافة المفروضة على أي صحافة في العالم».

وأكد أن قوة الصحافة وسلامتها، يندرجان في إطار مسؤوليات العاملين في المؤسسات الصحافية «الأمر الذي يفرض عليهم مراعاة معايير مهنية تفرضها مواثيق الشرف الصحافي والقوانين والتشريعات الأخرى التي تكفل لهم حق حرية التعبير».

وعزا تطور الصحافة العالمية، إلى تأسيس «مجالس الصحافة»، لافتاً إلى أن «هذه المجالس التي تضم أهل الاختصاص من ممثلي الصحافيين والإعلاميين ورجال القانون والنقابات المهنية والقراء والمثقفين، أثبتت نجاحاً ملحوظاً في دول العالم لإدارتها شؤون مهنة الصحافة مقابل تقاطعات قوانين الصحافة والنشر التي تفرضها الحكومات».

وطالب الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافيين إيدين وايت الحكومات بـ«تحرير شعوبها، وإتاحة مساحة كافية للتفكير والتعبير عن أنفسهم بقوة، حتى بالنسبة للمعارضين للسلطة، وأصحاب القوى والنفوذ»، معتبراً أنه «في حال تحقق ذلك سيكون هناك نشاط إعلامي مهني مستقل».

ودعا وايت إلى «إلغاء القوانين التي تحد من حرية التعبير وتخنق الآراء وتثير الرعب في غرف الأخبار والاستعاضة عنها بقوانين تحمي ولا تحرم»، مشيراً إلى أن «عمل حملة الاتحاد الدولي للصحافة تسعى إلى تحطيم القيود والتي تضع تحديات لكل بلد في المنطقة».

ورأى وايت أن «العقبات القديمة التي تواجه الصحافة قد تلاشت اليوم، بعدما أصبحت مساحة المعلومات مكتظة ومليئة بالآراء والأصوات العالية المنفعلة، الأمر الذي يدعو الصحافة إلى إعادة النظر في طريقة عملها ودورها في المجتمع» مؤكداً الحاجة إلى التفكير في إقامة شراكات جديدة - عامة وخاصة وخيرية - من شأنها تقديم نماذج جديدة للتمويل من أجل مستقبل الصحافة، علاوة على ضرورة إنشاء شبكة عالمية من المتخصصين على الإنترنت، فضلاً عن الحاجة إلى أنظمة جديدة ومعدلة من التعليم الصحافي وتمويل للتعليم الحكومي في مجال الصحافة والإعلام».

إلى ذلك، اعتبر محرر الشؤون الخارجية في صحيفة ايريش تايمز بول جليسبي أن «الأخلاقيات الصحافية أساسية في عملية الديمقراطية»، مشيراً إلى أن «مبادئ مبادرة أخلاقيات الصحافة عالمية، ولا تختص بمنطقة معينة».

يشار إلى أن مبادئ المبادرة تتضمن الحقيقة والاستقلالية والمصلحة العامة والمسؤولية المهنية وأخلاقيات التواصل.

واقترح جليسبي أن «تعمل الصحافة على تطوير مفهوم أخلاقيات المواطنة والدفاع عن المصلحة العامة لحماية الرأي العام والتركيز على ممارسات المواطنة ووضع معايير افضل للعمل الصحافي».

يشار إلى أن المؤتمر يتضمن محاور عدة، منها المشكلات التي يواجهها الصحافيون بسبب التمييز القائم على الإثنية، أو المعتقد، أو اللغة، وكيف يقوم الإعلام بتمثيل الآراء المتنوعة وضمان إسماع كل الأصوات، بما فيها أصوات الأقليات المهمشة، ووجوب سعي الصحافيين لتحقيق التوازن والإنصاف في تغطيتهم لمواضيعهم، وتوفير التعددية داخل الإعلام الذي يضم تقارير دقيقة ذات نوعية عالية وآراء عدّة، ووجوب استعداد الإعلام لتصويب عدم الدقة، أو الأخطاء، وأن يقوم بعمل تصحيحات بشكل سريع حيثما تطلب الأمر ذلك، وعلى الصحافيين ان يحترموا أثناء قيامهم بعملهم الكرامة الإنسانية وحقوق الآخرين.

كما تتضمن أعمال المؤتمر تغطية موضوع «التنظيم الذاتي للمهنة»، للتأكيد على أنه يعتبر شكلاً من أشكال الأحكام التحريرية الحكيمة وليس عملية رقابة ذاتية، وعلى انه يشجع نشاطات تهدف إلى تمكين الصحافيين من الحصول على المعرفة ليتحاشوا التلاعب بهم من قبل متطرفين أو سياسيين غير مبدئيين.

وسيقوم المؤتمر بمناقشة هذه القضايا المعقدة مع مجموعات أخرى من منظمات المجتمع المدني وصناع السياسات، من دون التفريط بالاستقلالية التحريرية.

 

 الأخبار السيئة
 


قال الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافيين إيدين وايت إن «العصر الحالي بحاجة إلى الصحافة الاخلاقية الجيدة أكثر من أي وقت مضى، بسبب الأخبار السيئة المنتشرة في الفترة الحالية، من أمراض وفقر وعدم مساواة متزايدة واستمرار التمييز ضد المرأة والاقليات، علاوة على القلق وخيبة الأمل والاستياء داخل المجتمعات المحلية، خصوصاً فئة الشباب في العالم العربي»، مشيراً إلى أن «كثيراً من الناس يواجهون مستقبلاً غامضاً».

واعتبر وايت أن «هناك تحديات كثيرة تواجه العالم، مثل تغيير المناخ واحتمال دخول أكثر من مليار شاب إلى سوق العمل خلال العقد المقبل، في حين لا يزيد ما هو متوافر على 300 مليون وظيفة، إضافة إلى معاناة نصف سكان العالم من انخفاض الخصوبة والشيخوخة، ومعاناة النصف الآخر من النمو السكاني السريع».
 

الأكثر مشاركة