أخطاء في صرف الأدوية وانقسـام بين الأطباء

قانون الصيدلة الجديد يلزم الطبيب بكتابة الوصفة الطبية باسم المادة الفعالة. تصوير: أسامة أبوغانم

شهد الوسط الطبي انقساما بعد تطبيق قرار إلزام الاطباء بكتابة الاسم العلمي في الوصفات الطبية، اعتبارا من الأول من مارس الجاري، وابدى اطباء تأييدهم للقرار وآخرون ابدوا اعتراضهم، ويرى اطباء ان كتابة الاسم العلمي من اساسيات احتراف مهنة الطب، في حين يرى اخرون ان القرار الجديد اربك العلاقة بين الاطباء والصيادلة، ما تسبب في صرف أدوية خطأ للمرضى، وفق أطباء، والذين أشاروا إلى أن تطبيق القرار تحول إلى بزنس يغدق على الصيدليات عروضا مغرية من شركات الأدوية، بينما قال مرضى: إنهم يجهلون الفرق بين الاسمين التجاري والعلمي، في حين يرى اخرون انهم مظلومون خصوصا أصحاب الامراض المزمنة الذين احتاروا بين الأدوية المختلفة وفق الاسم العلمي.

وأكد صيدلي في منطقة النادي السياحي محمد صيام، أن عددا كبيرا من الاطباء لا يلتزم كتابة الاسم العلمي، على الرغم من تطبيق القرار منذ الاول من مارس الجاري، مضيفا أن غالبية المرضى بل معظمهم لا يفهم الفرق بين الاسم التجاري للدواء والاسم العلمي، لافتا الى أن معظم الصيادلة لا يتقيدون بحرفية الاسم العلمي للدواء ويعطون البديل الأكثر ربحية، الأمر الذي يجعل أصحاب الامراض المزمنة يجدون صعوبة في تغيير ادويتهم التي اعتادوا عليها.

وقال إن هناك صيادلة لديهم مشكلة في قراءة الوصفة الطبية باسمها العلمي، خصوصا تركيبات «الكوزماتيكس» التي تحتوي على مواد فعالة متعددة ومركبة، لافتاً الى اضطرار صيادلة إلى تكرار المكالمات الهاتفية بالاطباء عشرات المرات يوميا للاستفسار عن نوعية الدواء المكتوب ومركباته، مشيرا إلى وجود عدد كبير من الاطباء لا يجيدون كتابة تراكيب المادة الفعالة ولا يوجد لديهم نموذج هيئة الصحة لكتابة الوصفة الطبية.

وأوضح صيام، أن أغلب الصيادلة يتجاهلون صرف أدوية مشكوك في كتابتها، ويكون امام الصيدلي أمران اما الاتصال بالطبيب او الامتناع عن صرف الدواء المشكوك في صحة كتابته، ملمحا الى احقية الصيدلي في استشارة المريض في صرف الدواء بالاسم العلمي أو التجاري، متابعا ان اطباء يعتبرون ان كتابة الاسم العلمي امر مؤقت لحين العودة إلى كتابة الاسم التجاري ثانية، موضحا أن كتابة الاسم العلمي تمنح فرصة منافسة الشركات المحلية المصنعة للدواء مع مثيلاتها الاوروبية بأسعار أقل، مؤكدا ان الشركات العالمية المنتجة للدواء تطرحه باسعار مبالغ فيها، مؤكدا ان عروض شركات الادوية ومغرياتها تحولت من الطبيب الى الصيدلي.

قرار ومستشفيات
وأشار المدير الطبي في مستشفى السلامة الدكتور سامح بشري يني، إلى ان جميع الاطباء وغالبيتهم اكاديميون ملتزمون بكتابة الوصفة الطبية بالاسم العلمي، مؤكدا ان المستشفى يطبق نظاما الكترونيا يمكن الطبيب من معرفة الاسماء العلمية وتركيباتها وكتابة الوصفات عن طريق الكمبيوتر، موضحا ان المعاناة ظهرت في المراكز الطبية الصغيرة التي لاتزال تتعامل يدويا.

ومن جانبه، قال استشاري أمراض الكبد والجهاز الهضمي الاستاذ الدكتور علاء الدين ابراهيم إن كتابة الاسم العلمي للدواء في الوصفة الطبية متعارف عليها اوروبيا واميركيا، مؤكدا ان هذا الاجراء يسهل على الطبيب حفظ اكثر من اسم تجاري للادوية متشابهة الفاعلية، لافتا الى ضرورة ان تكون جميع الادوية المرخصة للتداول في الدولة متساوية الفاعلية، مشيرا إلى أن قلة خبرة الاطباء جعلتهم يعانون في كتابة الوصفة الطبية، مؤكدا ان اساسيات احتراف الطبيب معرفته المواد الفعالة وتركبياتها، ملمحا إلى ان هناك عددا كبيرا من الاطباء يمارسون الطب في ابوظبي ولا يعرفون الاسم العلمي للدواء. وأفاد يني، بأن احد شروط القاء المحاضرات في المؤتمرات والندوات العلمية العالمية، ذكر الاسم العلمي وعدم ذكر الاسم التجاري للدواء، كما تعتمد قوانين الاعلان والنشر الطبية الاسم العلمي وتحظر ذكر الاسم التجاري. ويؤكد اخصائي في طب الاسنان، ان الاطباء غير مستفيدين من شركات الادوية، معتبرا ان تلك الادعاءات باطلة، وجميع مندوبي الادوية في دول العالم ومنها اوروبا يزورون الاطباء لتعريفهم بالمنتجات الجديدة، متسائلا «ما الهدف من اصدار القرار؟». وقال: «حال انفاق مريض على علاجه من جيبه الخاص ويرغب في دواء منتج اصلي ذي فاعلية عالية نلزمه بوصفة دوائية تمنحه البديل الاقل فاعلية»، مؤكدا ان هذا القرار جعل المريض في عهدة الصيدلي يوجهه كيفما شاء. واشار إلى أنه «اذا كانت هيئة ابوظبي حسب زعمها تهدف من القرار إلى الحد من رشوة الاطباء وتنظيم سوق الدواء، فإن الرشوة والبزنس سيتحولان الى قطاع الصيدلة»، مؤكدا اختلاف المادة الفعالة من شركة الى اخرى، متسائلا: هل دواء الصين بفاعلية دواء اوروبا نفسها؟

الخطأ والمسؤولية
وذكر استشاري الأمراض الباطنة الدكتور عباس السادات، أن هذا القرار لم يستشر فيه الاطباء، باعتبارهم الاساس في كتابة الوصفات الطبية، لافتا الى دعوة هيئة صحة ابوظبي للصيادلة وشركات الادوية من دون التركيز على الاطباء، وأفاد بأن غالبية الصيادلة يعانون من قراءة الوصفات الطبية بالاسم العلمي، مدللا بأنه يتلقى من ثمان الى 10 مكالمات هاتفية يوميا من صيادلة يستفسرون عن الدواء وتركيباته. وعقّب على كتابة الاسم العلمي للادوية المركبة قائلا «مريض مصاب بالتهاب شعبي ربوي، سنكتب له مضادا حيويا هو «الاوجمنتين» وهو مكون من جزأين، ثم دواء للكحة «برونكوفين» مكون من أربع مواد مختلفة، ثم دواء موسع للشعب الهوائية «سمبيكورد» يتكون من جزأين، اضافة الى اية ادوية اخرى، لافتا إلى أن الوصفة سابقا كانت اربعة او خمسة اسماء تجارية، لكن بهـذا التوصـيف اصبحت صفحة كاملة من التركيبات العلمية.

وافاد السادات بأن زمن كتابة الوصفة مستقطع من زمن المريض والطبيب، بمعنى حرمان المريض من نحو 20 دقيقة لحين الانتهاء من كتابة الوصفة الطبية، وقال: الانقطاع الوقتي يؤثر في فاعلية العامل النفسي للمريض واقناعه بعلاجه. ولفت الى ان 70٪ من الادوية لا يوجد لها بديل وتكتب بالاسم التجاري، وانتقلت الـ30٪ المتبقية الى الصيادلة. متسائلا «حال كتابة دواء مؤكد الفاعلية، ويصرف الصيدلي بديلا اخر لم يعط النتيجة المرجوة، فمن المسؤول عن الخطأ الطبيب ام الصيدلي؟».

ويروي السادات واقعة حدثت أخيرا، قائلا «كتبت لمريضة دواء مسكنا للالام «دولوبيد»، وصرف لها الصيدلي بالخطأ دواء السكر «دوانيل»، فأصيبت المريضة بهبوط حاد في السكر وغيبوبة مصاحبة، اتصل بي اهلها يلومونني ويسبونني على الخطأ الطبي الذي لا ذنب لي فيه، وبعد التحقيق في الواقعة اعترف الصيدلي بالخطأ».

وقال عدد كبير من اصحاب الامراض المزمنة: إنهم تعودوا على أدوية حققت معهم نتائج طيبة، الآن يعانون من صرف بدائل أقل فاعلية، ما افقدهم الثقة في الدواء، ونشبت بينهم وبين الصيادلة مشاحنات. ويقترح السادات وضع برنامج بالصيدليات يطابق الاسم العلمي مع الاسم التجاري.

تويتر