12 مقهى في مساحة 400 متر بأبوظبي
أعرب سكان في مناطق عدة في أبوظبي عن انزعاجهم من «الاختناق الحاد» الذي تسببه لهم المقاهي والمطاعم الموجودة قرب مساكنهم، لافتين إلى أنها تتجاور في بعض المناطق على نحو يحرمهم الشعور بالراحة والهدوء.
وقال سكان إن هناك مناطق تشتمل على 12 مقهى في مساحة لا تتعدى 400 متر .
و«تعطر» أدخنة الشيشة أجواء أحياء ومناطق عدة بنكهات «التفاحتين» و«الزغلول» و«النخلة» وغيرها من المعسلات، ففي منطقة دائرة المياه في الخالدية، والنادي السياحي، والاتحاد، تصاب الحياة بشلل تام بعد الساعة الثامنة مساء، خصوصاً في أيام إذاعة مباريات كرة القدم الأوروبية.
ووفقاً لسكان في هذه المناطق، فإن جلبة الحماسة لفريق دون آخر، تستمر طوال ساعات الليل.
وتشير إحصاءات غرفة تجارة وصناعة أبوظبي إلى أن عدد المقاهي في مدينة أبوظبي وحدها يبلغ 268 مقهى، يقدم بعضها خدمات ترفيهية أخرى، مثل ألعاب البلاي ستيشن، والبلياردو، والسنوكر، بخلاف الألعاب التقليدية المتعارف عليها، بينما يبلغ عدد مقاهي الشيشة في مدينة العين نحو 179 مقهى.
وأفادت دائرة التخطيط والاقتصاد بوجود مساع لإعداد لوائح تنظيمية جديدة لضبط عمل مقاهي الشيشة وشروط الترخيص لها، تتضمن توفير أماكن انتظار مناسبة، وتحديد أوقات للعمل، وتتضمن الخدمات المقدمة، ووسائل الصحة والسلامة، وكذلك بحث إمكانية نقلها خارج الأحياء السكنية.
وتفصيلاً، قال حسنين الرحيبي، وهو منسق مبيعات، أنه يسكن مع زوجته وطفليه بطابق الميزانين في البناية رقم 6090 في دائرة المياه، ولم يعرف الراحة منذ افتتح المقهى المجاور لشقته، وبعد تحويل الكافتيريا الموجودة في الطابق الأرضي كذلك إلى مقهى شيشة، حيث اتصل بطوارئ الشرطة مرات عدة بسبب الضجيج والجلبة التي يحدثها رواد المقهى حتى الثالثة فجرا.
يقول: «طلبت الشرطة بدورها من صاحب المقهى السيطرة على هذا الضجيج، لكن المشكلة عادت في اليوم التالي مباشرة».
ويضيف: «للأسف الشديد، فأغلب المقاهي تذيع مباريات الدوري الإنجليزي التي تبدأ غالبا في الثانية عشرة ليلا وتنتهي عند الثانية فجرا، وكذلك بطولة أوروبا التي قد تستمر حتى الثالثة».ويؤكد أنه طلب الشرطة ذات مرة، بعد أن فزع أطفاله من صياح رواد المقهى «الذين لا يراعون أحدا» فضلا عن مشكلات مواقف السيارات التي تسبب صداعا حقيقيا للسكان.
ويؤكد صاحب مكتب عقارات في منطقة دائرة المياه في الخالدية أنه لا يستطيع استقبال عملاء له في المكتب بعد الساعة التاسعة مساء بسبب الصوت العالي وأدخنة الشيشة المتصاعدة «التي تبدو كأنها صادرة من مداخن مصانع طوب حراري».
ويضيف أن «هذه المنطقة تشتمل على عدد قياسي من المقاهي، يصل إلى 12 مقهى في مساحة لا تتعدى 400 متر. وهناك بنايات تضم أكثر من مقهى، وهو ما يجعلها واحدة من أشد المناطق ازدحاما واختناقا طوال ساعات اليوم، على الرغم من أن أطوال بناياتها لا تتعدى سبعة طوابق، والغريب أن بعض رواد هذه المقاهي يأتون من أماكن بعيدة جدا ومعظمهم عزاب».
واعتاد مناسب توفيق، الذي يعمل في إحدى الجمعيات التعاونية، أن يظل جالسا في سيارته تحت المنزل مراقبا باب المقهى الموجود الذي يحتل كامل الطابق الأرضي من بنايته، حتى يخرج أحد الجالسين في المقهى، فيجد لسيارته موقفا.
ولكن انتظاره قد يستمر لساعات، كما يقول، خصوصاً في أثناء مباريات كرة القدم.
ويؤكد مناسب لـ «الإمارات اليوم» أنه غالبا ما يترك سيارته بشكل مخالف بعد عناء وتعب، ويصعد بيته لتغيير ملابسه وتناول غذائه، وحتى لا يتعرض للمخالفة يعاود النزول لسيارته ويبحث من جديد عن مكان آمن يركن فيه السيارة حتى إن كان بعيدا عن مقر سكنه نسبيا.
ويقول: «أصبح من المعتاد أن ترى خلف زجاج السيارات في هذه المنطقة لوحات تحمل أرقام هواتف أصحابها، ليتصل بهم رواد المقاهي بعد انتهاء جلساتهم لتحريك السيارات التي تعيقهم».
أما علا أحمد فتشكو من عدد مخالفات «عرقلة حركة السير» التي حصلت عليها خلال العام الماضي، وتتجاوز 3000 درهم، وفق قولها.
وخلال الأشهر القليلة الماضية من العام الجاري، حصلت على مخالفات انتظار خاطئ وعرقلة حركة سير، نتيجة صعوبة إيجاد موقف قريب من البناية.
وتؤكّد علا أنها فكرت في أن تفعل مثل بعض جيرانها الذين يتركون سياراتهم فوق أحد أرصفة الشوارع الرئيسة الخارجية. لكنها تصطحب أطفالها يوميا الى المدرسة، ولا تستطيع السير بهم كل هذه المسافة، ولم تجد سوى حيلة طريفة لتفادي المخالفة حيث كتبت لوحة صغيرة علقتها داخل السيارة تقول «أرجوك لا تخالفني. أنا أسكن هذه البناية، ولم أجد موقفا قريبا».
وقال مختار أبوسعدة أن البناية التي يسكن فيها تحتوي على مقهيين يحتلان الطابق الأرضي بكامله، أحدهما يحتوي على أجهزة بلاي ستيشن، أما الآخر فيتميز عنه بوجود ساحة خلفية بعيدة عن الرقابة ويستمر الجلوس فيها حتى ساعات الصباح يوميا، ويتجمع بها شباب من جنسيات عدة للعب الورق. والمشكلة الحقيقية هي الصراخ وأصوات الشجار والضحك العالية التي كثيرا ما تسبب الأرق له ولأسرته.
ويؤكد أبوسعدة أنه لم يتمالك نفسه ذات يوم فما كان منه سوى أن تشاجر مع صاحب المقهى. ولولا تدخل بعض الحاضرين لوصلت المشاجرة إلى قسم الشرطة.
وطالب أبوسعدة الجهات المسؤولة في بلدية أبوظبي بتنفيذ تعديلات مشابهة للتعديلات التي أقرتها إمارة دبي للقضاء على هذه السلبيات، ومنها منع مقاهي الشيشة في المناطق السكنية والسماح لها بالعمل فقط في المناطق التجارية والسياحية والمناطق المصنفة تجارية سكنية، إضافة إلى حجم المقهى نفسه، وكذلك أن يكون المقهى بعيداً عن المداخل الرئيسة للمباني. وحظر دخول المقاهي على الأحداث.
من جانبه، قال ياسر المنهالي، من قسم مظهر المدينة في بلدية أبوظبي، إن مهمة قسم مظهر المدينة التابع لبلدية أبوظبي لا تشمل الإشراف على مقاهي الشيشة العاملة في الإمارة، ولكنه يختص بالإشراف على مدى التزامها بالمظهر العام، وعدم تعديها على الأرصفة والمنشآت العامة، مضيفا أن الجهات المرخصة تعتبر هي الجهة المسؤولة عن الإشراف عليها.
وأكد أن التدخين بكل أنواعه يعرض أفراد المجتمع للمخاطر الصحية، ومن ثم وجب العمل على حل هذه المشكلة بأسرع ما يمكن.
وانتقد مدير إدارة الشرطة المجتمعية بالإنابة الرائد مبارك بن محيروم، وجود كبائن خاصة مغلقة في العديد من هذه المقاهي، وعدم التزام بعضها بتقديم أطعمة ووجبات غذائية صحية.
يذكر أن القيادة العامة لشرطة أبوظبي عقدت اجتماعا تنسيقيا مع بعض الدوائر الحكومية في أبوظبي أخيرا، لمواجهة سلبيات وجود مقاهي الشيشة داخل الأحياء السكنية. وأوصى الاجتماع بتشكيل لجنة تضم الشرطة وهيئات أبوظبي البيئية والصحية والسياحية لإعداد تصور متكامل ودراسة لوضع لوائح تنظيمية لمقاهي الشيشة والإنترنت في العاصمة، على أن تقوم بلدية أبوظبي بإعداد مقترح بالأماكن البديلة للمقاهي الحالية.