متخصصون يطالبون برخصة قيادة لـ«الزواج الناجح»
حذر مختصون أسريون من زيادة حالات العنف المعنوي والجسدي الذي يتعرض له الرجال من زوجاتهم في المجتمع، مطالبين بتفعيل أدوار مؤسسات النفع العام لـ«رأب الصدع داخل الأسرة» وضرورة إلزام جميع المقبلين على الزواج بالحصول على شهادة «القيادة الزوجية الناجحة» والانخراط في دورات تدريبية مكثفة حول فنون الحياة الزوجية للحد من حالات الطلاق.
وبلغ عدد الخلافات الأسرية التي وصلت إلى قسم التوجيه الأسري في دائرة القضاء على مستوى إمارة أبوظبي العام الماضي 4492 حالة، بينها 2523 حالة في مدينة أبوظبي. وعالج قسم التوجيه الأسري 1361 خلافاً من مجموع الحالات التي عرضت عليه العام الماضي، وأحال نحو 863 حالة إلى محكمة الأحوال الشخصية بما نسبته 19.2٪ من إجمالي الحالات المعروضة.
وأكد المستشار المتخصص في التدريب الأسري محمد الحمادي أن هناك زيادة ملحوظة في حالات العنف الأسري الذي تمارسه الزوجات ضد أزوجهن، لافتاً الى أن أسباب هذا العنـف ناتجة عن طبيـعة التنـشئة الأسرية التي ترعرعت فيها المرأة سيراً على مبدأ «الأطفال يتعلمون ما يعيشون» حيث تكون الزوجة المتسلطة قد تبنت سلوكيات مماثلة من أمها وطريقة تعاملها مع أبيها، أو تكون المرأة تعرضت لأساليب تربوية معنفة من قبل أحد الأبوين، ومن ثم تولد عندها هذا السلوك الشاذ فتعكسه على حياتها الزوجية وطريقة تعاملها مع زوجها.
وذكر أنه «من واقع الحالات التي وردت إلينا، فإن العنف ضد الرجل في تصاعد، وتتنوع مظاهره ما بين العنف اللفظي والمعنوي المتمثل في سلاطة اللسان، والتحدث بصوت مرتفع، وصولاً إلى العنف الجسدي المادي المتمثل في اللكم أو الصفع على الوجه.
وأكد أن هناك حالات متزايدة من الخلافات الأسرية يكون فيها الرجل هو الضحية نتيجة ممارسات عنيفة تمارسها زوجته بحقه.
وطالب الحمادي باعتماد شهادة قيادة زوجية، وإلزام جميع المقبلين على الزواج بالحصول عليها بالانخراط في دورات تدريبية حول أمور الحياة الزوجية، وكيفية احترام الآخر والتعامل مع ثقافته، وبيئته، وسلوكياته، والاختلافات الفكرية بين الطرفين، لافتاً إلى أن «هذه التجربة سبقتنا إليها ماليزيا منذ فترة طويلة، حيث لا يمكن هناك عقد القران إلا بالحصول على تلك الشهادة».
وطالب أيضا بإدراج مادة دراسية حول التربية الأسرية ضمن مناهج وزارة التربية والتعليم لتدرس لجميع الطلبة في المدارس، بهدف غرس القيم الأسرية النبيلة وكيفية الحياة الزوجية الناجحة في نفوس الأطفال.
وأكد المستشار في العلاقات الأسرية عيسى المسكري أن هناك حالات كثيرة وردت إلينا يكون فيها الرجال عرضة للضرب من زوجاتهم، شارحاً أنه بين حين وآخر تمر علينا حالة عنف زوجي يشكو فيها الرجل زوجته، مؤكدا أنها لا تحترمه، وتضربه، موضحاً أن الرجل في مثل هذه الحالات يعتبر فاقداً لقوامته على زوجته، إذ تكون المرأة مدعومة من عشيرتها الكبيرة، أو في حالات أخرى أقوى من زوجها جسدياً، أو أكبر منه عمراً، أو أكثر مالاً.، ومن ثم تمارس عليه سلوكاً متسلطاً.
وفي تقديره، فإن الرجل يعاني في هذه الحالات من اضطهاد زوجته التي تعنفه باستمرار، سواء لفظياً عن طريق مخاطبته بكلمات تجرحه مثل «ما منك فائدة، وأنت لست رجلاً» مستخدمة هذه الأساليب بهدف إجبار الرجل على طاعتها وتنفيذ أوامرها.
ويشير المسكري الى أن دور الموجه الأسري علاج هذه الخلافات ودياً من خلال أكثر من محاولة قبل تحويلها إلى القضاء ودخول الزوجين في مشكلات قضائية قد يكون الأبناء ضحية لها.
ويطالب المسكري بإلزام جميع المقبلين على الزواج بالانخراط في دورات تدريبية حول كيفية الاختيار حتى الحصول على رخصة قيادة زوجية معتمدة لتحقيق الاستقرار الأسري، ويكون عقد الزواج مرهوناً أيضاً بهذه الرخصة، وإلزام جميع الموظفين والموظفات بالانخراط في مثل هذه الدورات الأسرية بهدف الحفاظ على كيان الأسرة واستقرارها وتفعيل جمعيات النفع العام والمدارس والمساجد، داعياً إلى إجراء دراسة ميدانية حول حالات العنف الأسري بشكل معمق حتى يستفاد من نتائجها في وضع الحلول.
ومن جانبها، تؤيد الواعظة والمحاضرة في دائرة الأوقاف اعتدال الشامسي، أن تضرب المرأة زوجها في حال تعرضها للاعتداء من دون وجه حق، شارحة أن الإسلام أعطى حق القصاص للمعتَدَى عليه. وتمتد هذه الرخصة في حال تعرضت المرأة للعنف الجسدي من قبل زوجها، لتشمل الرد بالطريقة التي اعتدى عليها بها، خصوصاً إذا كانت تقوم بواجباتها المنزلية والأسرية على أكمل وجه من دون تقصير، وتراعي شؤون أطفالها من دون إهمال، لافتة إلى أن ضرب الزوج زوجته مسموح من باب التأديب، شريطة ألا يكون مبرحاَ وهدفه تقويم سلوكها بعد فشل نصحها أكثر من مرة وعدم ارتداعها.
وتشير إلى أن حالات العنف ضد الرجال في المجتمع نسبتها قليلة جداً، وهي حالات شاذة تعكس البيئة الأسرية غير السليمة التي نشأت فيها المرأة، وانعكست بدورها على سلوكياتها تجاه زوجها.
وتلفت إلى أهمية تأهيل الأفراد قبل الزواج لرفع مستوى وعيهم بأمور الحياة الزوجية وتثقيفهم جنسياً وتدريبهم على كيفية التعايش السلمي والتفاهم المشترك من خلال اقتراح رخصة قيادة زوجية.
وتؤكد دراسات محلية أن نسب الطلاق وصلت إلى 26٪، وأن أعلى معدلات في الشريحة العمرية من 20 إلى 30 عاماً (نسبة المطلقين في هذه السن 42٪ من إجمالي عدد المطلقين)، وأن معظم حالات الطلاق تمت في السنوات الأولى من عمر الزواج حيث بلغت37 ٪.
تُعنى إدارة التوجيه الأسري بمعالجة كل الخلافات الأسرية بأسهل الطرق وأكثرها إنجازاً، من خلال اتفاق أسري ملزم يحفظ لكل من الزوجين حقوقه، ويجنبهما المحاكم ما أمكن ذلك. وإذا تعذر الحل، وتبين بجلاء أن المودة بين الطرفين قد انعدمت، أو انقلبت إلى نقيضها، وسدت سبل العلاج، فعندئذ يتم تنظيم الانفصال بين الطرفين باتفاق يحفظ لكل منهما حقوقه ويلزمه بحقوق الطرف الآخر. وإذا تعذر الوصول بالطرفين إلى الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان، يحال خلافهما إلى محكمة الأحوال الشخصية. أما آلية عمل الموجه الأسري، فتبدأ بأن يستقبل طرفي النزاع، ثم يوضح لهما الهدف الرئيس من التوجيه الأسري في إصلاح ذات البين، وحل الخلافات ودياً إذا رغبا في ذلك، ثم يطلع على محتويات ملفاتهما، واستمارة البيانات الخاصة بكل منهما. وهو بذلك يكون قد كوّن فكرة عامة عن شخصيتهما، من حيث المستوى التعليمي والعمر، على أن يستمع إلى الطرف الأول. ويبدأ الموجه بعد ذلك في الاستماع إلى ردود الطرف الثاني حول الشكوى التي تقدم بها الطرف الأول، ويحلل المشكلة سريعاً من خلال أقوال الطرفين، على أن يحاول تقريب وجهات النظر بين الطرفين من خلال ما سمعه من شكوى وردود، ثم يبدأ في شرح مفصل حول الحقوق والواجبات الشرعية لكل منهما، وفقاً لتعاليم الدين وقانون الأحوال الشخصية، ثم يبدأ في تقديم النصح والإرشاد لكل منهما، سعياً وراء حل المشكلة ودياً من دون الذهاب إلى المحكمة، وقد يتم ذلك بحضور الطرفين معا، أو كل على انفراد. وقد يحتاج الموجّه الأسري في بعض الأحيان إلى تدخل أحد الأقارب من الطرفين، ممن له تأثير قوي فيهما، سعياً وراء تحقيق الحل الودي، وقد يؤجل البت في الحالة إلى جلسة أخرى، لمنح الطرفين فرصة لمراجعة النفس، ولإتمام الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان، يستمع إلى رأي كل منهما في حل المشكلة، على أن يضيف رأيه من خلال خبرته في هذا المجال، على أن يتم توثيق ما تم الاتفاق عليه مع الطرفين، ليكون هذا الاتفاق بمثابة سند تنفيذي، أو أنه يثبت الطلاق وما يتبع ذلك من التزامات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news