مصارف إسلامية تصوّغ حلولاً للــديون المتعثرة

ضاحي خلفان. تصوير: مصطفى قاسمي

أكد القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان أن الرهون العقارية في دبي بريئة من تطور تداعيات الأزمة الاقتصادية، فيما أعلن مسؤولون بالمصارف الإسلامية في الدولة عن استعداد البنوك الإسلامية لشراء ديون المتعثرين لدى البنوك الأخرى وتقسيطها عليهم بعد ذلك، كما قرروا عقد اجتماع موسع لصياغة حل إسلامي بديل عن مسألة الرهون.

وتفصيلاً قال خلفان على هامش منتدى «الرهون العقارية بين الإشكاليات والحل» الذي استضافته أكاديمية شرطة دبي أول من أمس إن الرهون العقارية ليست طرفاً في الأزمة في دبي، مشيراً إلى أن مؤشر البلاغات المتعلقة بالشيكات المرتجعة منذ بداية الأزمة الحالية لا يسجل أي ارتفاع بالنسبة للرهون مقابل الشيكات الخاصة بالقروض التي تمنحها البنوك للأشخاص.

وأوضح لـ«الإمارات اليوم» أن «الاستثمار العقاري يحتفظ بقوته في دبي ولا يمكن أن يتعرض لانهيار سريع مثلما يزعم البعض، ولكن قد يعاني من هبوط على المدى الطويل ويتعافى منه سريعاً»، مشيراً إلى أن «بعض المسؤولين في القطاع المصرفي يحاولون، تعليق مشكلاتهم على شماعات الرهون»، لافتاً إلى أنه على حد علمه كمدير للأمن يعرف أن بعض مديري البنوك استثمروا أموالاً كثيرة في البورصات وتعرضوا للخسارة حينما انهارت على المستوى العالمي.

وانتقد خلفان طريقة تعامل بعض المصارف مع العملاء، مشيراً إلى أن مسؤوليها يتحدثون أحياناً بشكل جميل في المناسبات المختلفة وحينما يأتون إلى الواقع يفرضون أعباءً كبيرة على الناس ويحملونهم ما لا يطيقون، مطالباً البنوك الإسلامية بأن تكون هناك شفافية في الإفصاح عن القوانين التي تصب في صالح العميل، حتى يكون على علم ودراية بكيفية التعامل مع أي إشكالية قد تواجهه.

نظام إسلامي

ودعا خلفان المصارف الإسلامية إلى «تجاوز بعض الأخطاء في معاملات الرهن العقاري، حتى نستطيع أن نصدّر للعالم نظاماً مالياً إسلامياً راقياً، يحتوي أفضل الحلول الممكنة»، لافتاً إلى أنه مر بتجارب غير إيجابية مع بنوك إسلامية حينما حاول تجنب التعامل مع غيرها مثل فرض أحد المصارف مشاركته مدى الحياة في عقار مقابل الحصول على رهن، لافتاً إلى «أننا حينما نتحدث معهم يقولون هذا حلال وهذا حرام، ولا أدري ما الحلال في أن أظل مديناً مدى الحياة».

من جانبه أعلن رئيس هيئة الرقابة الشرعية في بنك دبي الإسلامية، استعداد البنوك الإسلامية لاستيعاب المتعثرين عن سداد ديونهم للبنوك الأخرى من خلال شراء الديون، مشيراً إلى أن الشراكة بين البنوك الإسلامية والأشخاص مشروطة بفترة محددة ولا يمكن ان تكون إلى ما لا نهاية، داعياً أي عميل يتعرض لمشكلة مع بنك إسلامي الى اللجوء للهيئات الشرعية.

فيما طالب خبراء مصرفيون واقتصاديون بضرورة اتجاه المؤسسات المصرفية لإعادة جدولة ديون متعثري الرهن العقاري لدى البنوك والعمل على منحهم مهل سداد مناسبة في إطار مواجهة متغيرات الأزمة المالية في الأسواق.

وحذر الخبراء من أن الاتجاه للتشدد في التعامل مع متعثري الرهون العقارية، عبر تراكم فوائد الديون عليهم وطرح العقارات التي يملكونها للبيع من الممكن ان يسهم في تفاقم تداعيات الأزمة المالية بشكل مشابه لظروف ظهور الأزمة في الأسواق الأميركية.

وأشاروا إلى «ضرورة عودة عمليات تمويل العقارات من البنوك بشكل يناسب ظروف الأزمة ونقص السيولة لإعادة الانتعاش والاستقرار للأسواق العقارية في الدولة والمساهمة في الحد من ظهور حالات تعثر جديدة».

جدولة الديون

وقال الخبير المالي في مصرف الإمارات الإسلامي الدكتور معبد الجارحي إن «اتجاه البنوك إلى إعادة جدولة ديون متعثري الرهون العقارية يساعد في احتواء مشكلات التعثر في ظل ظروف الأزمة المالية الأخيرة»، مشيراً إلى أن «التعامل مع ديون العقاري من الأفضل أن تتم عبر دراسة الحالات ومنح العملاء مهل سداد مناسبة مع عدم اللجوء لخيارات بيع العقارات».

وأوضح أن «تراكم ديون متعثري العقارات بسبب زيادة فوائد التعثر في ظل الأزمة يزيد من خطورة الأزمة ولا يساعد على حلها»، لافتاً إلى أن «البنوك الإسلامية تعمل وفق معايير التعامل مع ديون المتعثرين بإعادة الجدولة بخلاف المماطلين في السداد».

وأضاف الجارحي أن «البنوك الإسلامية تعاملت مع الأزمة في بداياتها بشكل مناسب، مع تفاديها معايير تراكم فوائد الديون المتعثرة، إلا انها باتت تحتاج لسيولة زائدة للتغلب على أزمة السيولة في القطاع المصرفي وبشكل يناسب أساليب عملها في التعامل مع المتعثرين».

وأشار إلى أن «المصرف المركزي يجب أن يتابع بعض البنوك الإسلامية التي لا تتعامل وفق المعايير المعروفة للتعامل مع المتعثرين لأنها تتنافى مع شروط حصولها للعمل بتراخيص البنوك الإسلامية في أسواق القطاع المصرفي».

المشكلة والحل

أفاد نائب الرئيس التنفيذي لتطوير الأعمال في بنك الإمارات دبي الوطني علي أحمد النجار بأن «طرح حلول إمكانية حصول البنوك الإسلامية على جزء من الديون المتعثرة للرهون العقارية في البنوك التقليدية لا يحل المشكلة بشكل أساسي وإنما يعد جزءاً من سبل علاجها»، ملمحاً إلى أن «البنوك لم تمتنع عن منح قروض التمويل العقاري ولكنها تتم وفق ظروف الأزمة الجديدة والتي فرضت دراسة سبل منح التمويل بشكل أكبر من السابق».

وأشار إلى أن «التنسيق والتعاون بين البنوك الإسلامية والتقليدية للتعامل مع تطورات الأزمة المالية ومتعثري الرهون العقارية سينعكس إيجاباً خلال الفترة المقبلة في مواجهة الآثار السلبية للأزمة».

تدخّل الجهات

واعتبر رئيس قسم الاقتصاد والتشريع المالي في أكاديمية شرطة دبي الدكتور عبيد علي أحمد أن «تدخل الجهات المسؤولة في الدولة للتعامل مع أزمة متعثري الرهون العقارية جراء الأزمة المالية من الأمور الضرورية خلال الفترة المقبلة للعمل على تفادي تبعات تراجع مؤشرات القطاع العقاري والذي يعد من القطاعات التي تحتل مراكز متقدمة في المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي للدولة ويرتبط بشكل كبير بقطاعات اقتصادية أخرى».

وأضاف أن «مساندة متعثري الرهون العقارية يسهم في عودة الانتعاش للقطاع والذي يعد ضمن القطاعات التي تسمى بالاقتصاد الحقيقي في أسواق الدولة والذي يؤثر بشكل سلبي أو إيجابي في قطاعات اخرى»، مطالباً «باتجاه المصارف للتنازل عن جزء من فوائد الديون المتراكمة على متعثري الرهون العقارية حال امكن ذلك بما يكون له مردودات إيجابية متعددة».

وأشار إلى أن «خيارات إعادة جدولة ديون متعثري العقارات والعمل على منحهم مهل سداد مناسبة والاتجاه لدعم زيادة حجم السيولة لإعادة الإقراض العقاري في الأسواق المصرفية لاستكمال مراحل تطور القطاع العقاري».

إشكالية السيولة

ومن جانبه اوضح نائب الرئيس التنفيذي لتطوير الأعمال في بنك الإمارات دبي الوطني علي أحمد النجار أن «إعادة الإقراض للقطاع العقاري خلال الفترة الحالية يحتاج لزيادة حجم السيولة المتوافرة حالياً في الأسواق المصرفية»، مشيراً إلى أن «خيارات إعادة جدولة الديون ومنح المتعثرين فترات سداد إضافية من الممكن ان تتم عبر دراسة حالات المتعثرين بشكل منفصل لتحديد أطر التعامل المناسبة للتعامل مع كل حالة».

تويتر