<p align=right><font size=1>عدم إبلاغ الطلاب الذين تعرضوا للتحرش الجنسي للجهات المعنية في المدرسة يؤدي إلى تفاقم الظاهرة. تصوير: محمد عبدالحكيم</font></p>

تربويون يدعون إلى تثقيف الطلاب لحمايتهـم من التحرش الجنسي

دعا تربويون ومختصون إلى تثقيف طلبة المدارس لتحصينهم ضد محاولات التحرش الجنسي التي قد يتعرضون لها خلال فترة الدوام المدرسي، مطالبين وزارة التربية والتعليم بـ«ضرورة وضع منهاج ديني أخلاقي لحمايتهم من التحرش الجنسي».

وأوضح المختصون أن «بعض الطلاب يجهلون كيفية التصدي لمحاولات التحرش الجنسي، وأن افتقار المدارس لمادة الثقافة الجنسية، أدى إلى تعرض بعض الطلاب للإساءة الجنسية من قبل آخرين».

وقال تربويون إن «بعض طلبة المدارس الحكومية والخاصة يتعرضون إلى الابتزاز والتحرش الجنسي من قبل زملاء لهم، ومن قبل بعض المعلمين وسائقي الحافلات والفراشين في المدرسة».

وحذروا من انتشارالعنف الجنسي في المدارس، مطالبين بإنشاء مؤسسة لعلاج وتأهيل الطلاب المرضى بالشذوذ.

وكانت منطقة الشارقة التعليمية أوقفت ثلاثة طلاب من مدرسة «خالد بن محمد» عن الدراسة في شهر نوفمبر من العام الماضي، ونقلتهم إلى ثلاث مدارس مختلفة وأحالتهم للتحقيق لاتهامهم بهتك عرض طالب بالإكراه في أحد فصول المدرسة أثناء الدراسة، ولم يتمكن المجني عليه من الهرب أو الصراخ بسبب تهديدهم له بالضرب.

فيما تمت إحالة الطالب المجني عليه إلى طبيب مختص للكشف عليه وإعداد تقرير طبي حول وضعه الصحي، كما تم عرضه على طبيب نفسي لإعادته إلى حالته الطبيعية.

كما استبعدت منطقة الشارقة التعليمية في شهر فبراير الماضي سائق حافلة يحمل احدى الجنسيات العربية، يعمل في مدرسة خاصة في الشارقة بسبب تحرشه بالطلاب وملامسته لأماكن حساسة في أجسادهم بطريقة غير أخلاقية، وتحرشه ببعض الطالبات في المرحلة الابتدائية، أثناء توصيلهن إلى المدرسة، رغم صدور قرار من محكمة الشارقة ببراءته من التهم الموجهة إليه.

وفي التفاصيل، قالت الدكتورة في علم النفس العيادي هند ربحي لـ«الإمارات اليوم» إن السبب الرئيس في انتشار ظاهرة العنف الجنسي بين طلبة المدارس، عدم اهتمام إدارة المدرسة بتوفير حماية كاملة للطلاب من التعرض للتحرش من قبل المعلمين والمشرفين وسائقي الحافلات المدرسية.

وأشارت إلى أن «عدم ابلاغ الطلاب الذين تعرضوا للتحرش الجنسي بالجهات المعنية في المدرسة يؤدي إلى تفاقم ظاهرة التحرش في المدارس»، موضحة أن «بعض المعلمين في المدارس الخاصة لا يحملون شهادات جامعية تؤهلهم للعمل في مهنة التدريس».

وتابعت أن «افتقار بعض المعلمين إلى الأخلاق الدينية والتربوية وجهلهم بالعادات والتقاليد، جعلهم يرتكبون مخالفات أخلاقية بطلبة المدراس، وخصوصاً في المدارس الخاصة».


دراسة
وكشفت دراسة أجرتها ربحي على عينة مكونة من 250 طالبة من خمس مدارس في الدولة تدرس المنهجين البريطاني والأميركي، أن 5٪ من الطالبات في المدارس الخاصة في الدولة، التي تراوح أعمارهن بين 14 و17 عاماً، تعرضن للتحرش أو للاغتصاب الجنسي من قبل سائقي الحافلات المدرسية أو فراشي المدرسة.

وأضافت ربحي أن بعض الطالبات في المدارس الحكومية التي تراوح أعمارهن بين ثمانية أعوام و14 عاماً تعرضن للتحرش من قبل سائقي الحافلات وعاملين في محال تجارية في مناطق سكنهم، مشيرة إلى أن «بعض الطالبات من أسرة واحدة من الجنسية الآسيوية اشتكين من تعرضهن للتحرش الجنسي من قبل والدهم بأسلوب متكرر قبل ذهابهن إلى المدرسة».

وتابعت ربحي أنها أجرت دراسة من عينة مكونة من أكثر من 170 طالباً من ثلاثة مدارس خيرية في الدولة أظهرت أن «10٪ من الطلبة تعرضوا للتحرش من قبل الطلاب الأكبر منهم سناً».

ولفتت ربحي إلى أن بعض المعلمين في المدارس يعانون من مشكلات نفسية واجتماعية، أثرت سلباً في سلوك الطلاب، موضحة أنه لا يجوز تعيين المعلم الذي لا توجد لديه الخبرة الكافية لمهنة التدريس لأنه سيعلّم الطلاب الفساد والجهل، مشيرة إلى أن «بعض المعلمين الأجانب لا توجد لديهم الخبرة الكافية في التعامل مع الطلاب والطالبات أخلاقياً ومهنياً».

وطالبت وزارة التربية والتعليم بضرورة مراقبة المدارس الحكومية والخاصة لحماية الطلاب من التعرض للاستغلال والتحرش الجنسي، إضافة إلى تصنيف المعلمين وإخضاعهم لدورات تربوية، بهدف تعليم المعلم كيفية التعامل مع طلبة المدراس أخلاقياً وتربوياً.

وبدوره أفاد رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة الشارقة الدكتور أحمد العموش، بأن «السبب في انتشار ظاهرة العنف الجنسي في المدارس عدم وجود رقابة مدرسية على ممارسة وسلوك الطلاب»، موضحاً أن غياب الثقافة الجنسية في المدارس ساعد على تطور العنف الجنسي بين طلبة المدارس.

وأوضح العموش أن «الكثير من الطلبة الذين تعرضوا للإساءة الجنسية يمارسون السلوك نفسه مع طلبة آخرين، بسبب غياب الوعي لدى الطلاب وعدم معرفتهم بأن ذلك السلوك يعتبر حراماً وغير أخلاقي».

وأشار العموش إلى أن «الكثير من الطلاب والطالبات لا يمتلكون الوعي الكافي للإبلاغ عن تعرضهم للتحرش الجنسي المباشر وغير المباشر»، متابعاً أن «الأطفال الذين تعرضوا للإساءة الجنسية في الصغر سيمارسون الرذيلة مع طلاب آخرين في حال لم تتم معالجتهم فورياً في مرحلة الصغر».

وأوضح العموش أن «المدارس تركز في التعليم على الجانب المعرفي فقط في التحصيل العلمي، وأن جميع المدارس في الدولة تعتمد على تدريس الحصة الدراسية للطلاب من دون الاهتمام بالجانبين التربوي والسلوكي».

وأوضح «يجب إخضاع المعلم إلى دورات مكثفة في الجانب السلوكي حتى لا ينقل سلوكه السلبي إلى طلبة المدارس، وخصوصاً أن الطالب المدرسي يحاول أن يتقمص شخصية المعلم المريضة».

وحذر العموش من انتشار ظاهرة العنف الجنسي بين طلاب المدراس، مطالباً بنشر ثقافة الجرأة بين الطلاب والإبلاغ عن أي إساءة جنسية يتعرضون إليها، من خلال تعليمهم مبدأ الشفافية والصراحة في التحدث.

وأشار إلى أنه يجب تعليم الطلاب ثقافة تعتمد على تعليم الطالب والطالبة كيفية الدفاع عن أنفسهم في حال تعرضوا للتحرش الجنسي، وتعريف الطلاب أنهم بحاجة للعلاج في حال تعرض للتحرش من قبل آخرين، وأضاف العموش أنه يجب أن يتم التركيز في المدارس الحكومية والخاصة على الثقافة السلوكية لإكساب الطلاب مهارات الدفاع عن أنفسهم ضد أي إساءة من الأشخاص الآخرين.

تهديد
من جانبها قالت الموجهة التربوية في محاكم دبي وداد لوتاه، إن العديد من طلاب الصف السادس يتحرشون بالطلاب الأصغر سناً، من خلال الإغراءات المالية، أو التهديد بالضرب، موضحة أن «الطلاب لا يبلغون آباءهم بموضوع التحرش بسبب تهديد الطلاب الفاعلين لهم بالضرب».

وأوضحت لوتاه أن «بعض طلاب المدارس المنحرفين يتعمدون تصوير الطلاب الصغار شبه عراة بهواتفهم المتحركة»، مشيرة إلى أن بعض الأشخاص الكبار يشترون تلك الصور من الطلاب بهدف الاستمتاع بالنظر لصور الطلاب العراة.

وتابعت لوتاه أن «ظاهرة التحرش الجنسي منتشرة في الكثير من المدارس التي لا يوجد بها رقابة على سلوك الطلاب»، موضحة أن بعض المدارس طلبت قبل أربع سنوات المساعدة التربوية نتيجة وجود طلاب منحرفين يتحرشون بالطلاب الصغار داخل دورات المياه.

وأضافت لوتاه أن «بعض الطلاب والطالبات تعرضوا للتحرش الجنسي أثناء توصيلهم إلى المدرسة، من قبل سائقي الحافلات والمدرسية ومن قبل الخادمين والخادمات في المنازل»، موضحة أن «بعض السائقين يعطون الطلاب المال يومياً لمنعهم من التحدث إلى أحد عن تعرضهم إلى التحرش الجنسي». وتابعت «من الأفضل أن يوصل الوالد أو الوالدة ابناءهم إلى المدرسة لتفادي وقوع التحرش الجنسي لهم باستمرار».

وأوضحت أنه يجب تثقيف طلبة المدارس الحكومية والخاصة من الصف الأول وحتى السادس، ومن الصف السابع وحتى الثاني عشر، حسب تفاوت أعمارهم.

وأشارت إلى أنه يجب تعليم الطلاب من الصف الأول وحتى الصف السادس ثقافة «التصرفات العيب» في الأمور الجنسية، وتعليمهم التصرفات الصحيحة وغير الصحيحة، والحلال والحرام، وذلك ضمن منهج ديني تربوي مدروس، والتحدث إلى الطلاب بأنه يجب عليهم تقديم شكوى إلى مدير المدرسة أو إلى الأب في حال تعرضوا للتحرش الجنسي من قبل الآخرين.

وأشارت لوتاه إلى أنه يجب على أسرة الطالب تعليم الأبناء كيفية التعامل مع الأشخاص أو الطلاب الذين يتحرشون بهم، وتنبيه الطلاب إلى أن تلك الأفعال يكرهها الله عز وجل ورسوله «عليه الصلاة والسلام»، موضحة أن «تعليم الطلاب الحرام والحلال أفضل طريقة لجعل الطالب يخاف من ارتكاب الأفعال المخلة الآداب».

وأوضحت أن الطلاب من الصف السابع وحتى الثاني عشر لا يعرفون معنى كلمة «لواط» أو كلمة «زنا». وتابعت أن الطلاب يتعلمون تلك التصرفات السيئة والمحرمة بجهالة.وأضافت لوتاه أن «أسر الطلاب يتحملون المسؤولية كاملة تجاه تصرفات أبنائهم غير المسؤولة»، موضحة أن الكثير من العائلات لا يهتمون بطريقة ملابس أبنائهم الشاذة. ولفتت لوتاه إلى أنه يجب على الأسرة مراقبة أبنائهم في النهار والليل، مشيرة إلى أن بعض الطلاب يتعلمون التحرش الجنسي من خلال وجود الصالات الرياضية و المسابح في المدارس الخاصة، وأن انفراد الطلبة ببعضهم من دون وجود رقابة من المدرسة، سبب رئيس في انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في المدراس.

وأوضحت لوتاه أنه يجب إجراء دورات تربوية مكثفة لأسر الطلاب حول كيفية تربية أبنائهم تربية سليمة، لتفادي تعلم الطلاب السلوك السيئ من بعض الطلاب المنحرفين.وحذرت لوتاه من انتشار العنف الجنسي بين طلبة المدارس، وطالبت بإنشاء مؤسسة خاصة لعلاج وتأهيل الطلاب المرضى بالشذوذ، وعرضهم على موجهين تربويين ومختصين نفسيين واجتماعيين.وطالبت لوتاه وزارة التربية والتعليم بضرورة تدريس الثقافة الجنسية في المدارس الحكومية والخاصة في الدولة، للحد من انتشار ظاهرة العنف الجنسي بين الطلبة.

الأكثر مشاركة