نجاة ولدت مُبصرة لكنّ حادثين تعرّضت لهما أفقداها البصر.                تصوير: عماد علاء الدين

كفيفة تتخصّص ببرمجة الكمبيوتر

لم تستسلم المواطنة نجاة لقيود إعاقتها البصرية، وقررت أن تطلب العلم، حتى لو كان في بريطانيـا، فصارت أول مبرمجـة كمبيوتر كفيفـة في الدولة.

نجاة حسين شرف، الموظفة بهيئة الصحة في دبي، توّلت وضع برامج جديدة طوّرت من الأداء الإداري في مستشفى دبي، والمختبرات الطبية.

ويدهش الموظفون في الهيئة حين تصلهم رسائل بريد إلكتروني موقّعة من نجاة تبلغهم فيها بآخر قرارات أو تعميمات صدرت، ويدهشون أكثر حين يبعثون إليها بسؤال، فتصلهم الإجابة خلال دقائـق قليلة، متسائلين: «كيف قرأت رسائلنا، وطبعت إجابات عنها، وأرسلتها إلينا على الرغم من عجزها البصري؟».

نجاة قالت لـ«الإمارات اليوم»: «دوماً يسألني زملائي عن قدرتي على التعامل مع الحاسب الآلي على الرغم من أنني كفيفة، فأجيب بأن الكفيف قادر على عمل المستحيل، إذا أراد ذلك»، موضحة أنها «دربت نفسها على برامج إلكترونية حديثة، تمكّنها من التعامل مع الحاسب الآلي».

وتروي قصتها، قائلة: «ولدت مبصرة، لكنني تعرّضت لحادثين أديا إلى فقدي البصر كلياً، فبينما كنت ألعب مـع أطفال أُصبت بضربـة كـرة في إحـدى عينيّ أفقدتني البصر فيها، وبعد بضع سنوات تعرّضت لإصابـة مشابهـة، ففقدت العين الثانية».

ورفضت نجاة البقاء في المنزل، كغيرها من المكفوفين، وانتظمت في الدراسة في مدرسة عامة بين زملائها المُبصرين، حتى أتمت المرحلة الثانوية بتفوق، لكنها لم تكتفِ بهذه الشهادة، وتوجهت إلى بريطانيا للالتحاق بكلية للمكفوفين.

وهناك، تكمل نجاة، «بقيت 10 سنوات أعيش بمفردي، وتعلّمت استخدام (العصا البيضاء) لأسير بها في شوارع لندن، وتعلّمت بعض الأعمال اليدوية مثل قطع الحديد والنجارة وصناعة الفخار».

لكن ذلك، لم يرضِ طموحها العملي، فتعلمت طريقة «برايل» التي تساعد المكفوفين على القراءة، والتحقت بقسم العلوم في الكلية، ودرست رياضيات وأحياء وفيزياء.

ولم تكتفِ بذلك، بل قرّرت أن «تدرس في جامعة عامة، وحصلت على بكالوريوس العلوم الرياضية، وكان ترتيبها الأول مع مرتبة الشرف بين زملائها المُبصرين من مختلف الجنسيات».

وواصلت نجاة طريقها العملي، حتى حصلت على ماجستير في الأبحـاث العلميـة، وتلقّت عـروض عمـل في بريطانيا، لكنها رفضت، وقـررت العـودة إلى الإمارات.

وتضيف «التحقت بالعمل في هيئة الصحة في دبي، بوظيفة مبرمجة حاسب آلي، وهو أمر أدهش الكثيرين، واجتهدت في عملي ووضعت برامج للإدارة في مختبر مستشفى دبي».

وأشارت إلى أنها «تأمل في أن تعمل بمجال الإحصاء الإلكتروني، وتحليل البيانات، وهو التخصص الذي تملك خبرات كبيرة فيه»، وتكمل «أستعين بأجهزة ناطقة تساعدني على قراءة صفحات الإنترنت، وأخرى للقراءة بطريقة (برايل)».

وأوضحت أن «هذه الأجهزة ثقيلة الوزن جداً، لكننـي أحـملها يـومياً عـلى كتفي في ذهـابي وإيابـي من العمل، حـتى أؤدي المهام المطلوبـة منـي مـن دون تقصير».

وتتابع «أتولى الآن مسؤولية إدخال بيانات إلى الإنترنت، وإرسال القرارات الإدارية للموظفين، وأستقبل استفساراتهم، وأجيب عنها إلكترونياً».

وتضيف «اعتدت أن أسمع عبارات الدهشة والذهـول مـن زملائـي الذيـن يتلقون رسائل البريد الإلكتروني منـي يومياً، ويكتشفون بعـد أشهر أنني لا أُبصر».

نجاة، ترى أن تميّزها في عملها، يعود إلى رفضها الخضوع لإعاقتها، وتدعو كل ذوي الاحتياجات الخاصة إلى الاهتمام بالدراسة والتأهيل لكسر قيود الإعاقة وتحقيق التميّز في العمل.

الأكثر مشاركة