«جار الله» متميّز في التعامـل مــع الجثث

جارالله يشعر بالسعادة عندما يسهم في كشف غموض إحدى الجرائم.  الإمارات اليوم

قضى خبير البصمات العريف محمد أحمد جار الله، 20 عاما من عمره، يتعامل مع الجثث ويرفع بصماتها، عاش تجارب عدة، وشاهد مآسي كثيرة مازالت محفورة في ذاكرته، على حد قوله، مشيراً إلى أن مهنته شديدة الصعوبة ومع ذلك فهو سعيد كونه يعمل من أجل مساعدة أجهزة البحث على كشف الجرائم.

وقال خبير البصمات في الإدارة العامة للأدلة الجنائية في شرطة دبي العريف محمد احمد جار الله، لـ«الإمارات اليوم» إنه تعامل مع مئات القضايا المختلفة مثل القتل والتزوير وتميز في تخصص صعب وهو تبصيم الجثث، مشيرا إلى أنه تعرض لمواقف غريبة خلال عمله لاتزال محفورة في ذاكرته.

وأضاف لـ«الإمارات اليوم» على هامش الملتقى السادس الذي تنظمه شرطة دبي وفاز فيه بجائزة عن فئة الموظف المتميز، إنه عاين مئات الأشلاء والجثث خلال 20 عاما عملها في الإدارة، لافتا إلى أن تبصيم أي جثة أمر صعب لأن بعض الجثث تكون في حالة تيبس أو اهتراء فيتم التعامل معها بحرص لحين الحصول على بصمتها بعكس الشخص الحي الذي يمكن توجيه يده حسب ما يريد المبصم.

وأشار جار الله إلى أن الوضع اختلف كثيرا الآن مقارنة بسنوات عمله الأولى حيث كان ينتقل بمفرده في سيارة دورية ليرفع بصمات الجثث وكان عدد الدوريات محدودا للغاية لذا كانت يتحمل عبئا كبيرا حتى أنه اضطر في بعض الأحيان إلى التعامل مع أربعة حوادث في يوم واحد، حيث يتم رفع بصمات أصحاب العلاقة بالجرائم وآثار الأقدام والسيارات، لافتاً إلى أنه كان يستخدم الجبس في البداية لطبع البصمات لكن تطور الحال الآن وأصبح يعمل بنظام التصوير الإلكتروني.

وقال إنه لايزال يذكر أول جثة قام بتبصيمها وكانت حالة تعفن متقدم، ووجد صعوبة في الحصول على البصمة وأمضى بعدها ثلاثة أيام لا يستطيع تناول الطعام أو الشراب، وحالته النفسية سيئة للغاية، وبعد ذلك ذهب لتبصيم جثة شخص شنق نفسه لاحتمال وجود شبهة جنائية في الحادث، وكان الظلام دامسا في المكان، وفر الجميع من الظلام بسبب الرائحة وحينما دخلت اصطدم وجهي بقدم الرجل المعلق في السقف فأصبت بحالة من الرعب الشديد.

وأوضح جار الله، أنه اعتاد بعد ذلك على هذه المواقف، وكان يشعر براحة حين يسهم في الكشف عن جريمة غامضة مثل جريمة قتل امرأة روسية تم ذبحها وتقطيعها ووضع أشلاءها في حقيبة ورميها في البحر دون رأس، لافتا إلى أن خبراء التبصيم استطاعوا تحديد هويتها من خلال البصمات ومعرفة مكان سكنها ومن ثم التوصل إلى الجناة بعد ذلك.

وأكد جار الله أن البصمة ستحتفظ بقيمتها في العمل الجنائي على الرغم من التقنيات الحديثة وظهور قرائن جديدة مثل البصمة الوراثية «دي ان ايه»، لافتا إلى أن البصمة تتكون للإنسان وهو في بطن أمه، وهي آخر ما يتحلل من جسده بعد وفاته كما أن البصمة لا تتفق حتى بين التوأم.

وأوضح أن تحليل «دي ان ايه» من القرائن المهمة في القضية وله جوانب إيجابية مثل إمكانية الحصول على العينة من أشياء مختلفة مثل الشعر والأظافر لكن قد تنطبق بصمات التوأم في تحليل «دي ان ايه» كما أن بعض الدول لا تعتمد عليه كدليل فضلا عن أن هناك مشكلة أخرى تتمثل في عدم تخزين عينات غالبية الأفراد بعكس بصمات الأصبع.

وحول بصمات الإطارات والأقدام قال جار الله إنها تستخدم قرائن وليست أدلة إلا إذا كانت آثار أصابع القدم بارزة لشخص حافي القدمين وما عدا ذلك فإنها تساعد على خفض أعداد المشتبه فيهم، بالنظر إلى حجم القدم او نوعية الإطار الموجود في مكان الحادث.

وأفاد جار الله بأن حادث سقوط الطائرة في إمارة الشارقة كان من الحوادث المؤثرة في حياته حيث تعامل مع مئات الأشلاء لأشخاص غير معروفين وكان أقاربهم في انتظار تسلمهم حتى يتم دفنهم بشكل لائق، مشيراً إلى أن «الإدارة بذلت جهودا كبيرة في جمع الجثث والتعرف إليها وتسليمها إلى أصحابها».

ولفت إلى أن عمل إدارة البصمات لا يقتصر فقط على جرائم القتل ولكن يشمل قضايا التزوير وحالات التأكد من صحة التوقيعات والتأكد من الأشخاص الذين يدخلون بجوازات سفر مزورة لأنها أكثر دقة من بصمة العين، لافتاً إلى أنه أعد بحوثا في مجاله من أجل الاستفادة منها.
تويتر