حوّاء محمد تساعد الصُمّ والبُكم على الاندماج في المجتمع. تصوير: عمران خالد

حوّاء: الإشارة لغة عميقة جداً..

تتدرّب حوّاء محمد، التي تعاني من الصمم والبَكم والموظفة في إدارة نظم المعلومات في إدارة الجنسية والإقامة في دبي، على كيفية إنجاز معاملات الإقامة وأذونات الدخول إلى الدولة للمتعاملين من ذوي الإعاقة السمعية والنطقية، ضمن مبادرة أطلقتها «جنسية دبي» بهدف دمج أصحاب الإعاقة السمعية والنطقية في المجتمع.

إذ بدأت الإدارة أخيراً، عملية تأهيل وتوظيف عدد من المختصين بلغة الإشارة، وتدريب مجموعة واسعة من موظفي الإدارة لفهم أسس هذه اللغة للتواصل بشكل أفضل مع المتعاملين من هذه الفئة، علاوة على تدريب الموظفين من ذوي الاحتياجات الخاصة على كيفية إجراء معاملات معيّنة لمساعدة العملاء من فئتهم.

وعلى الرغم من عدم قدرة حوّاء (38 عاماً) على النطق والسمع، إلا أنها تعيش حياتها بشكل طبيعي وهي مفعمة بالتفاؤل، وترى أن الإشارة لغة عميقة جداً، وقد ساعدتها في عملها منذ خمس سنوات في نظم المعلومات في «جنسية دبي»، إذ تؤرشف قرابة الـ30 ملفاً يومياً، وتصل مبكرة في السادسة صباحاً، أي قبل موعد بدء العمل بساعة ونصف الساعة، وتغادره بعد خروج موظفي الإدارة التي تعمل فيها، لذلك فهي تحتفظ بمفاتيح الأبواب.

حوّاء امرأة متزوجة من رجل يعاني الإعاقة نفسها، لكنها أنجبت بنتين وولداً أصحّاء، أكبرهم في الـ13 من عمره، وأصغرهم عمره عام وشهران، وهم يتفاهمون معها باستخدام لغة الإشارة.

حــــوّاء هي الأخت الكبرى لثلاثة أولاد وتسع بنات، قضّت السنوات الخمس الأولى من حياتها لا تعاني من إعاقة، ولا أحد من أشقائها يعاني إعاقة ما، غير أنها أصيبت بحمّى أثّرت في نطقها وأفقدتها القدرة على السمع، فبدأت بتعلّم لغة الإشارة ومن ثم علّمتها أشقّاءها وشقيقاتها كي تستطيع التفاهم معهم، واستمرّت في تلقّي تعليمها حتى الثانوية العامة، ومن بعدها حصلت على دورات في الكمبيوتر أهّلتها للحصول على فرصة عمل.

طوّرت حوّاء نفسها بنفسها، وتلتقي صديقات لها من فئة الإعاقة نفسها، وتجمعها بهن علاقة قوية، إذ إنها لا تستسلم للإعاقة ولا تضعها حاجزاً بينها وبين مواصلة حياتها بشكل طبيعي، فدائماً ما تتردّد على نوادي المعاقين وتتعرّف إلى أشخاص جدد، وترى أن الانغلاق على نفسها لن يطوّر عقلها، وتقول إن «الإعاقة لم تحرمني التفكير، لذا اخترت العمل وعدم الجلوس في البيت، فالعمل يوفر لي الفرصة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من الصمم والبكم».

تتطلّع حوّاء إلى السفر إلى بلدان جديدة للتعرف إلى ثقافات الآخرين، والالتقاء مع معاقين من الصمّ والبكم وتبقى على تواصل معهم عن بعد عن طريق الكمبيوتر، الذي تجيده بطريقة ممتازة.

وتتمنّى أن تتطوّر في عملها، وتعتبر أن مدير «جنسية دبي» اللواء محمد أحمد المري حافزها الأول على العمل، وتقول إنه يسخّر لها ولجميع العاملين في الإدارة من ذوي الاحتياجات الخاصة بيئة عمل مثالية.

من جانبـــه، ذكر المري أن «إدارة الجنسية والإقامـــــة في دبي تحرص على توفير الفرص لجميع فئــــات الشباب الإماراتي بصورة عامة ولذوي الاحتياجات الخاصة بالتحديد، إذ توفّر الفرصة لعــــدد من أصحــــاب الإعاقة للانضمام إلى فريق العمل في الإدارة»، متابعاً أن «الإدارة جزء لا يتجزأ من المجتمــــع الذي تتعامل معه والتي تشمل تأمين الفرص الوظيفية لذوي الاحتياجات الخاصة وتمكينهم من الاضطلاع بدور فعّال في المجتمع».

يشار إلى أن «جنسية دبي» تضم في كادرها حالياً 17 عنصراً من ذوي الاحتياجات الخاصة، بينهم ستة من أصحاب الإعاقة السمعية والنطقية.

الأكثر مشاركة