مسنون دخلوا المستشفيات وهم مصابون بأمراض الشيخوخة. الإمارات اليوم

مسنون يمضون العيد بصمت وعُزلة

يحل عيد الفطر على آباء وأمهات مواطنين «من دون فرحة»، فهم يعيشون في مستشفى راشد في دبي منذ سنوات عدة، و«يرفض أبناؤهم استلامهم، أو حتى زيارتهم في الأعياد، أو في أي يوم من أيام العام». ولم تتـوقف اتصالات إدارة المستشفى بـذوي هـؤلاء المواطنين «ليأتوا ويتسلموهم»، لكن الإجابة «تأتـي دوماً بالرفض، ويطلبـون من المستشفى أن يتولى رعايتهم».

وهؤلاء المسنون «دخلوا المستشفيات وهم مصابون بأمراض الشيخوخة، وشفيوا واستقرت حالاتهم، وصرّح لهم الأطباء بالخروج، لكن أبناءهم أو ذويهم يرفضون تسلمهم»، وبعض هذه الحالات «يعيشون في المستشفى منذ ستة أعوام».

وتقول الأخصائية الاجتماعية في المستشفى فاطمة علي لـ«الإمارات اليوم» إن «العيد سيحل حزيناً على مواطنين يعيشون في المستشفى، من دون دواعٍ طبية»، فهؤلاء «تركهم أبناؤهم منذ سنوات عدة، ويرفضون تسلمهم، أو زيارتهم».

وأضافت «بعض هؤلاء المواطنين تعرّضوا لصدمة شديدة من قسوة أبنائهم، ودخلوا في مرحلة اكتئاب شديدة، وبلغ الأمر بهم أن أصيبوا بالصمت أو البكم الاختياري»، لافتة إلى أنهم «يتلقون علاجاً من أعراض الاكتئاب، لكنهم يرفضون التحدث مع أحد، ومنذ سنوات لم ينطقوا بكلمة واحدة، ولم تزر البسمة شفاههم». وأكثر ما يحزن الطاقم الطبي في المستشفى أن «الأعياد والمناسبات السعيدة تمر على هؤلاء المواطنين من دون أن يقدم لهم أبناؤهم التهنئـة ولو هاتفياً، ويعمل الأطباء والممرضون على تعويضهم بالجلوس معهم وتهنئتهم».

ولاحظت أن «بعض زوّار المرضى الآخرين حينما يعلمون بمأساة هؤلاء المواطنين يتجهون إليهم محاولين مواساتهم، والتخفيف من آلامهم»، كما يستقبل المستشفى «متطوعين قرروا أن يزوروا هؤلاء المسنين في المناسبات لتعويضهم، والتقليل من صدمتهم في قسوة أبنائهم».

ومن الحالات التي تعيش في المستشفى حالة المسنة (س) التي «اقترب عمـرها من 80 عاماً، ودخلت المستشفى مصابـة بجلطة، وشفيت منها واستقرت حالتها، لكن ابنها يرفض تسلمها، على الرغم من الاتصالات المستمرة به من الأخصائيين الاجتماعيين في المستشفى».

و(س) امرأة «ثرية، وتمتلك منزلاً يمكن أن تعيش فيه، وكل ما تحتاج إليه هو خادمة تقدم لها الطعام»، وبسبب «قسوة ابنها، اختارت (س) أن تلتزم الصمت الاختياري، ولم تتحدث مع أحد منذ سنوات عدة».

وهناك حالة (غ) التي تعدى عمرها الـ70 عاماً، ودخلت المستشفى أيضاً مصابة بجلطة، وبعد استقرار حالتها «رفض شقيقها خروجها من المستشفى، وبسبب هذه القسوة أصيبت باكتئاب، ويتولى أطباء المستشفى علاجها منه». وتشير الأخصائية الاجتماعية إلى أن «هناك حالات لمسنين تركهم أبناؤهم في المستشفى منذ عام ،2001 ولم يزوروهم يوماً». وأفادت فاطمة بأن «المستشفى تعهّد لأسر هؤلاء المواطنين بتوفير أسرّة طبية لهم في منازلهم، وتوفير رعاية طبية مستمرة لهم، وتوفير احتياجاتهم لأية خدمات طبية مثل علاج الأمراض المُزمنة، وإجراء تحـليل السكري وعينات الدم وعـلاج الجـروح، وتـوفير أنابيب الغـذاء»، عـلى الرغـم مـن ذلك «يرفضـون تسلم ذويهم».

وتابعت «أكثر ما يحزننا أننا حين نتصل بأبناء هؤلاء المواطنين يكون الرد (ليس لدينا وقت لرعاية آبائنا)»، مضيفة «نعمل على إقناعهم بشتى الطرق، ونحذرهم من مصير عقوقهم لآبائهم، لكن من دون جدوى».

من جانبه، اعتبر كبير المفتين في دبي، الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد، أن ما فعله أبناء هؤلاء المواطنين «من أكبر العقوق»، داعياً الجهات المختصة في الدولة «بتطبيق عقاب شديد عليهم».

وحذر هؤلاء الأبناء من أن «الله سبحانه وتعالى أعدّ لمن يعق والديه عقاباً شديداً في الآخرة، لأن عقوق الوالدين قرين بالشرك بالله، وطاعتهما قرينة بطاعته تعالى». وذكّر الحداد أن «كفالة الوالدين والبر بهما والإحسان إليهما، فريضـة شرعيـة لا عـذر لأحـد من الأبناء في تركها».

الأكثر مشاركة