برنامج «لفت انتباه» يساعد على التواصل مع حراس الأمن وشرائح المناطق الصناعية. من المصدر

«لفت انتباه» يكافح الجريمة اجتـماعياً

نظم فريق من مركز شرطة جبل علي برئاسة مدير المركز المقدم عبدالقادر محمد البناي، جولة ميدانية لبعض المنشآت الصناعية الواقعة ضمن منطقة اختصاص المركز للقاء العمال والتعرف إلى إجراءات الأمن والسلامة المتوافرة في الشركات والمنشآت الصناعية، في إطار برنامج «لفت انتباه» الذي يطبقه للتواصل اجتماعياً لمكافحة الجريمة، إضافة إلى تعريف فئة العمال بخدمات شرطة دبي المتنوعة، وقنوات الاتصال التي تمكنهم من التواصل معها في حال الرغبة بتقديم شكوى أو تقديم بلاغ حول حدث أوظاهرة ما.

وتأتي الجولة عقب تقرير نشرته «الإمارات اليوم» تحت عنوان «مجرمون يفرون بفضل السلبية المجتمعية» وتضمن نماذج جرائم منها سرقة كبرى لمستودع هواتف محمولة في منطقة جبل علي نتيجة الإهمال والسلبية في تأمين المستودع.

إلى ذلك، أقر مواطنون ومقيمون في الدولة بوجود سلبية في التعامل مع المشكلات أو الحوادث والجرائم التي ربما تقع في الشارع، مشيرين إلى أن «هناك حالة من الذاتية وعدم المبالاة بين الناس»، معربين عن مخاوفهم من التورط في الجريمة أو المساءلة إذا تواصلوا مع الشرطة بشأنها مثل التوقف في حالات الحوادث.

فيما كشف مدير إدارة الحد من الجريمة في الإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي في شرطة دبي المقدم احمد ثاني بن غليطة، عن أن «هناك توجيهات مشددة من القائد العام لشرطة دبيالفريق ضاحي خلفان، بالتعامل الجيد مع الشهود وإنهاء إجراءاتهم في أسرع وقت»، عازياً السلبية في التعامل مع الشرطة إلى (الثقافة السلبية) التي اكتسبها بعض المقيمين من بلادهم ضد رجال الشرطة والتي تثير بداخلهم المخاوف من التوجه للشهادة أو الإدلاء بمعلومات ربما تفيد في حل غموض جريمة، مؤكداً أن «الحصول على شاهد إثبات في حادث أو جريمة بات أمراً صعباً للغاية».

وفي التفاصيل، قال مدير مركز شرطة جبل علي إن الزيارة الميدانية تأتي في إطار برنامج «لفت انتباه» الذي يطبقه ويتمثل في تنظيم زيارات ميدانية لمناطق اختصاصه، للتواصل اجتماعياً مع الجمهور، للوقوف على الظواهر السلبية التي تشكل خللاً أمنياً أو تمس بالسلامة العامة والخاصة، والاجتماع مع تلك القطاعات لإيجاد الحلول المناسبة لاستئصال تلك الظواهر وتشجيع أفراد المجتمع.

من جانبهم، أفاد أفراد من المجتمع في ردود أفعال على التقرير الذي نشرته «الإمارات اليوم» تحت عنوان «مجرمون يفرون بفضل السلبية الاجتماعية»، بأنهم يلمسون السلبية في الشارع بشكـل ملحوظ.

وقال أحدهم إنه شاهد سيارة متدهورة في شارع الإمارات ولفت انتباهه مرور الكثيرين عليها من دون أن يتوقف أحدهم ليسعف ركابها أو يستكشف حالتهم ويبادر إلى الاتصال بالشرطة والتوقف لمساعدة قائد السيارة. وأرجع سعيد، وهو أحد المشاركين في الرأي، السلبية من وجهة نظره، إلى خوف الناس من تحمل المسؤولية، إذ يوجد الكثير من الإجراءات السلبية ـ على حد قوله ـ التي تعرّض المتدخل للمسائلة القانونية والاستجواب ووجع الرأس. واتفق معه مشارك آخر، قائلاً إن الشخص يخاف من إبلاغ الشرطة تحسباً للمساءلة والدخول في إجراءات معقدة، مشيراً إلى أنه حتى في حال استدعائه شاهداً فإن ذلك قد يؤثر سلباً في عمله في حالة اتصال الشرطة عليه أثناء وجوده في الدوام، فضلاً عن أن ذلك قد يضيع كثيراً من وقته، مطالباً بوجود تسهيلات وحوافز من جانب الشرطة تشجع الناس على التعاون.

وكان مدير الإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي في شرطة دبي العميد خليل ابراهيم المنصوري، ذكر لـ«الإمارات اليوم» أن هناك حاجة لنوع من الثقافة الأمنية على غرار تلك الموجودة في الدول الأوروبية، تسهم في مساعدة الشرطة في أداء دورها بمساعدة المجتمع.

وأفاد احد المشاركين بأن الإيجابية قد تعرض الشخص أحياناً للمشكلات، مشيرا إلى أنه شاهد ذات يوم شخصا اسيويا يضرب فتاة على الشاطئ في مكان مزدحم ولم يتحرك أحد، فاتصل بالشرطة وتدخل لإنقاذها من يده، وبالفعل وصلت الشرطة بسرعة لكنه فوجئ بالفتاة تخبر الشرطي بأنها كانت تلعب مع صديقها وأني تهجمت عليه بهدف ضربه، بل وحاولت لمس جسدها، ولولا وجود شهود لتورطت في مشكلة كبيرة.

وذكرت إحدى المشاركات ان السلبية تصل أحيانا إلى درجة عدم التدخل للمساعدة في المواقف الإنسانية، مشيرة إلى أن ابنها ضل الطريق في أحد المناطق وشاهدته من بعيد يتحرك على الكورنيش، وطلبت المساعدة من المارة لإيقافه لحين وصولها إليه، لكن لم يتدخل أحد وكأنهم في عالم آخر.

وأكد مشارك آخر أن السلبية موجودة فعلاً ، مشيراً إلى أن لصاً سرق الهاتف الجوال من شخص في سوق مرشد وفر وسط الزحام، وركضت خلفه بمفردي ولم يتحرك أحد لإيقافه أو حتى عرقلته واستمرت المطاردة فترة طويلة حتى تعثر من تلقاء نفسه وسقط على وجهه، مشيراً إلى أن السلبية تبدو واضحة من جانب جنسيات معينة تكتفي بالمشاهدة فقط. واقترح محمد احمد، مواطن مشارك في التعليق، تخصيص رقم موحد بالإمارات للإبلاغ عن أية جرائم أو انتهاكات ويتم التعامل مع البلاغات بسرية كاملة، ويعفى المتصل من أي إجراءات معقدة، مطالبا كذلك بتحفيز الجالية الاسيوية على التعاون من خلال منحهم مكافآت مالية لأنهم من أكبر الجاليات ويجب تثقيفهم بأهمية دور الفرد في المحافظة على أمن المجتمع

 95 ٪ نسبة الإحساس بالأمن في دبي 

قال المقدم بن غليطة، إن من المهم التأكيد أولاً على أن مستوى الجرائم في الإمارات عموماً ودبي خصوصاً، منخفض للغاية، مقارنة بالنسب العالمية، وتتجاوز نسبة مستوى الإحساس بالأمن في دبي 90٪، فيما تعتبر بعض الدول ان تحقيقها نسبة 50٪ إنجازاً، مستدركاً بأنه على الرغم من هذا الانخفاض إلا أن هناك توجيهات مستمرة ببذل مزيد من الجهد لأن قوة الاقتصاد تعتمد على قوة الأمن. وأضاف بن غليطة ان هناك إدارات مختلفة في شرطة دبي عموماً والتحريات خصوصاً يمكن اللجوء إليها من جانب أفراد المجتمع، مشيراً إلى أنه لا مبرر للمخاوف إطلاقاً لأننا نحافظ على سرية المتصل لافتاً إلى أن الإدارة في طور إعداد خط ساخن على غرار خدمة الأمين التي توافرها شرطة دبي. وحول مخاوف البعض من التورط في المشكلة أو الدخول في إجراءات معقدة في حالة الإبلاغ أو التوجه للشهادة، أوضح بن غليطة ان القائد العام لشرطة دبي، أصدر توجيهات بتوفير حسن المعاملة مع الشاهد وإنهاء إجراءات الحصول على إفادته بسرعة كبيرة حتى يشعر بالرضا ولا يتردد في التعاون مع الشرطة لاحقاً.وأوضح أن تخوف البعض كذلك من التوقف في حال وقوع حوادث دهس مثلاً لم يعد مبرراً في ظل تطور علم الأدلة الجنائية الذي يمكنه إثبات السيارة المتسببة في الحادث، لذا يجب على الشخص إنسانياً الوقوف في حالة هروب السيارة المتسببة والاتصال بالشرطة بسرعة والإسعاف الموحد الذي ينتشر في جميع مناطق دبي وعدم التدخل بنفسه لإسعاف المصاب إلا إذا كان طبيباً أو متخصصاً في التعامل مع الحوادث. وأكد بن غليطة ان هناك صعوبة كبيرة في توفير شهود إثبات في الحوادث المرورية نتيجة عدم وقوف الأشخاص، لافتاً إلى أن المشكلة تتضاعف في الجرائم، موضحاً أن التعاون مع الشرطة في حال مشاهدة عملية نشل مثلاً والإدلاء بمواصفات اللص يمكن أن تجنب آخرين أن يكونوا ضحايا للص نفسه. وأفاد بأن التدخل في حال وقوع مشكلة أو جريمة يعتمد على ظروف الواقعة، فإذا حدثت مشاجرة مثلاً لا يجب التدخل لفضها حتى لا يتعرض الشخص للإصابة أو يتورط فيها، وعليه الاتصال بالشرطة وتسجيل ما حدث بهاتفه، أو الإدلاء بإفادته، لكن يختلف الأمر لو شاهد الشخص لصاً يهرب أمامه، فبإمكانه في هذه الحالة عرقلته بقدمه أو وضع شيء أمامه يعيق هروبه، مؤكداً أن السلامة الشخصية لها الأولوية في المقام الأول، لذا لا ينبغي الدخول في احتكاك مباشر مع المجرم.

 

الأكثر مشاركة