ضاحي خلفان: كشف الفساد يؤكــد نزاهة الدولة ويجذب الاستثمار
أكد القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم، أنه «لا يوجد في إمارة دبي مسؤول بمنأى عن المحاسبة، إذا ثبت تورطه في قضايا فساد أو استغلال وظيفي أو تربح بطرق غير قانونية»، مؤكداً أن «صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «لن يترك فاسداً في دبي من دون أن يحيله إلى القانون ويتخذ بحقه الإجراءات اللازمة»، ولفت إلى أن «سموه يعطي فرصاً كثيرة، ويضع ثقةً لا حدود لها بالمسؤولين والموظفين، لكنه لا يتهاون مع من يتعاطى مع المسؤولية بشكل سلبي، وينتهك في ممارساته الأموال العامة، حيث تتم معاقبته بصرامة، وإن طالت المدة».
وقال ضاحي خلفان لـ«الإمارات اليوم»: «لا توجد نواقص في قانون العقوبات في شأن الفساد، ولكنْ هناك دائماً نفس بشرية طامعة، وهناك مسؤول غير أهل للمسؤولية، وهناك من يخون الأمانة»، لافتاً إلى أن «بعض الشركات شبه الحكومية التي برزت في الآونة الأخيرة تنقصها اللوائح والأنظمة المختصة في هذا الشأن، خصوصاً أنها كانت تشيع في فترة من الفترات أنها، وبحكم إسهامات الحكومة فيها بشكل غير مباشر، بعيدة عن الرقابة الحكومية، وهذا اعتقاد خاطئ، فالأمن والحفاظ على الأموال العامة هي مسؤولية الحكومة، وفرض رقابة على حركة تلك الأموال، ومنع التلاعب فيها من صلب اختصاص الحكومة».
وأضاف أن «الأموال المملوكة لتلك الشركات، والأصول التي تملكها من أراضٍ كلها ملك للحكومة، وبالتالي فإن عمليات التدقيق على الأموال ومحاسبة المتورطين في استغلالات وظيفية هي أمور إجرائية من حق الحكومة اتخاذها في أي وقت».
الرشوة هي الرشوة
وكشف خلفان أن «المتذرعين باعتبار هذه الشركات (خاصة)، ولا تسري عليها القوانين الحكومية، ولا تجب محاسبة موظفيها بقوانين الرشوة المحلية، مخطئون تماماً، فجميع موظفي الشركات العقارية شبه الحكومية والتي تسهم الحكومة فيها بنسبة معينة، هم موظفون حكوميون، على الرغم من كونهم يتعاملون مع القطاع الخاص، فهم مشمولون بمظلة التقاعد الحكومية، وتسري عليهم ضمانات التأمين الصحي الحكومي، كما أن الأصول التي يتعاملون بها كلها أراض حكومية»، مؤكداً أن «الرشوة هي الرشوة، سواء كانت في القطاع الحكومي أو الخاص، حتى وإن كان القانون يعاقب الموظف الحكومي بعقوبات أشد».
وحول الكيفية التي يمكن بها محاربة الفساد، قال ضاحي خلفان: «نستطيع مكافحة الفساد والتقليل منه باتخاذ الإجراءات القانونية بحق جميع من يثبت تورطه، من دون مواربة أو تمييز، كما أن المساواة في نشر أسماء المتهمين والتهم الموجهة إليهم، في حال بدأت النيابة العامة التحقيقات معهم، أمر مهم لردع البقية، شريطة أن يُطبق على الجميع، ولا يُستثنى من ذلك أحد، مهما كانت أهميته وموقعه»، لكنه استطرد قائلاً: «يبقى القضاء على الفساد مسألة صعبة للغاية، فهو مرتبط بالبشر، والشخص الفاسد سيبقى فاسداً على الرغم من قوة القانون، ومع ذلك فالإجراءات الصارمة وتطبيق القانون على الجميع يسهمان في التقليل من حالات الفساد ويكافحان انتشاره».
لا تأثير في الاقتصاد
واستبعد خلفان أي تأثير في الاقتصاد الوطني وسمعة الإمارات وحركة جذب الاستثمارات جراء الإعلان عن ضبط حالات فاسدة، وتحويل المسؤولين المتورطين إلى القضاء، قائلاً: «من يظن أن الإعلان عن وجود حالات فساد في قطاع اقتصادي معين يضر بالمصلحة العامة واقتصاد الإمارات فهو (قصير النظر)»، مؤكداً أن «ضبط الفاسدين يجعل سجل الدولة نظيفاً في سجلات النزاهة والشفافية العالمية، ودول العالم تحترم من يصحح هذه الأخطاء، ويقضي على هذه الآفات، والمستثمرون يلجأون إلى الدول التي تقمع الرشوة وتكافح المستنفعين، لأنهم في هذه الحالة يستطيعون الاستثمار في جو من الشفافية والحرية، بعيداً عن الألاعيب والمحسوبية والدفع من تحت الطاولات»، لافتاً إلى أن «مكافحة الفساد تشجع عمليات الاستثمار وتجذب رؤوس الأموال، ولا دخل لها إطلاقاً في الإضرار بالنمو الاقتصادي».
الإعلان عن المتورطين
وأبدى قائد عام شرطة دبي تأييده للإعلان عن هذه القضايا للرأي العام، بمجرد تحويلها إلى تحقيقات النيابة العامة، مؤكداً «ضرورة أن يكون الرأي العام مطلعاً على ما يحدث في هذا الشأن، إضافة إلى دور الإعلان في ردع بقية الموظفين والمسؤولين عن التورط في قضايا شبيهة»، مشيراً إلى أن «دبي تحتوي على دوائر حكومية كثيرة وشركات كبيرة ومتعددة وأعداد متزايدة من الموظفين، فإذا لم يكن هناك رادع صارم فإن الوضع سيشجع الآخرين على استغلال مناصبهم والتربح بطرق غير مشروعة متعددة».
كما أبدى تأييده التام للإجراءات التي اتبعتها الجهات المختلفة في التعامل مع قضية رئيس مجلس إدارة «مجموعة دبي للعقارات» هاشم الدبل، حيث قامت دائرة الرقابة المالية التابعة لديوان الحاكم بواجباتها في التحقيق مع المتهم، وتم على الفور تحويله إلى النيابة العامة، بعد توافر الأرضيات التي تؤكد تورطه، ومن ثم تقوم النيابة العامة بدورها في المرحلة المقبلة لاستكمال التحقيقات، واستكمال المراحل القانونية المختلفة، مشدداً على أن الإجراءات الحالية المتبعة مطمئنة و«سليمة» من حيث تحري الدقة حتى لا يُظلم أحد أبداً»، مطالباً بضرورة أن يُكشف ذلك للناس والرأي العام، «شريطة أن يسري ذلك على جميع من تثبت إدانتهم».
فريق جنائي متخصص
وأشار خلفان إلى أن «هناك تعاوناً وتنسيقاً بين الجهات المختلفة في هذا الشأن، ولا يظن أحد أن هناك تهاوناً أو تقصيراً في موضوعات الرقابة والتدقيق، وكل مسؤول يتطاول على المال العام سيجد نفسه محاسباً ومساءلاً، وسينال جزاءه»، مؤكداً وجود فريق متميز من المحققين الجنائيين في جهاز أمن الدولة، متخصصين في الحسابات المالية يستطيعون التدقيق وتتبع الأرصدة والحسابات بشكل دقيق، «فلا يظن أي مسؤول أنه يستطيع الاستيلاء على فلس واحد من الأموال الواجب عليه تورديها إلى خزينة الحكومة وينجو بفعلته».
وتساءل ضاحي خلفان، مستغرباً، عن سبب «قيام بعض المسؤولين في تلك الشركات باختلاس الأموال والاستغلال، خصوصاً في ظل إدارة وقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الذي كان يكافئهم مكافآت مجزية، ويدعمهم ويحرص دائماً على بث الثقة في نفوسهم ويتغاضى كثيراً عن أخطائهم، ما يدل على وجود خلل في شخصية أولئك المسؤولين».
«بونص موظف»
وجدد قائد عام شرطة دبي معارضته لنظام «البونص»، المعتمد لدى الشركات العقارية والذي «يحصل بموجبه الموظفون والمسؤولون على أموال طائلة لا حق لهم فيها»، وفق قوله. لافتاً إلى أن «(البونص) هو مكافأة على مجهود خارق، لكنه يطبق في تلك الشركات بشكل غريب، فما المجهود الذي يبذله هؤلاء في بيع أراض (حكومية)؟ ولماذا يستحقون مكافأة على ذلك المجهود الذي لا يذكر؟». وأضاف: «في أفضل الأحوال يجب ألا تتجاوز مكافأة أي موظف 10٪ من راتبه الشهري، لكن إحدى الشركات تصرف لموظفيها (بونص) يبلغ أضعاف الراتب 20 مرة وأكثر، مؤكداً حصول أحد الموظفين في شركة عقارية على «بونص» بلغ 200 مليون درهم في صفقة واحدة.. فهل يعقل ذلك!».
المحافظة على الأموال العامة والأمن من اختصاصات الحكومة، ولا توجد شركات شبه حكومية مستثناة من الرقابة.
الرشوة هي الرشوة، سواء كانت الشركة خاصة أو عامة. جميع الموظفين في الشركات العقارية «حكوميون» يقدمون خدمات «خاصة». الإعلان عن أسماء المتورطين ردع ضروري، شريطة أن يشمل جميع من تثبت إدانتهم. فريق جنائي متخصص في تتبع الحسابات والأرصدة، ولا يمكن إخفاء «فلس» واحد. |