مراكز الإيواء قد تكون الملاذ الآمن لضحايا العنف.               فوتوز دوت كوم

مطالبة بتفعيل دور الأسرة البديلة لحماية الأطفال من ذويهم

طالب مختصون اجتماعيون بتفعيل دور الأسرة البديلة في المجتمع الإماراتي، مشيرين إلى تصاعد حجم مشكلة إساءة معاملة الأطفال. وأكدوا لـ «الإمارات اليوم» أهمية تطوير قوانين تسمح بسحب حضانة الأطفال ضحايا العنف الأسري من ذويهم، وتوجيههم إلى أسر بديلة، أو مراكز إيواء، تقدم لهم أوجه الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية، بهدف مساعدتهم على التعافي من الآثار التي لحقت بهم، أو وقايتهم من الآثار النفسية والعاطفية والاجتماعية التي قد يصادفونها في حال استمروا في الإقامة مع ذويهم.

وأيدت أستاذة علم الاجتماع الدكتورة سعاد العريمي، نقل حضانة الأطفال الذين يتعرضون للإساءة والعنف من ذويهم إلى أسر بديلة، تكون قادرة على توفير الحماية والأمان للأطفال الذين تنتهك حقوقهم من أسرهم البيولوجية، مطالبة بسن تشريعات قانونية تسمح بهذا الأمر في ظل استمرار ممارسة بعض الأسر العنف ضد أطفالها.

وأكدت أهمية تضافر الجهود المشتركة بين المؤسسات المعنية بالطفولة داخل الدولة لتأمين حقوق الطفل ضد أي انتهاك قد يمارسه ذووه ضده، والعمل على فرض عقوبات صارمة ضد الآباء والأمهات الذين يمارسون العنف والاضطهاد ضد الأطفال، وزيادة البرامج الإعلامية لتوعية الأسرة بالأساليب التربوية والأسرية في التعامل مع الأطفال.

ورأت أن الأبوين اللذين يمارسان العنف ضد أطفالهما غالبا ما يكونان غير طبيعيين، إذ يفرغان طاقاتهما السلبية في أبنائهما وليس لديهما استعداد أو معرفة كافية بأصول التربية السلمية، لافتة إلى أن ادعاء البعض أن من حق الأسرة ممارسة العنف ضد الأطفال بدعوى التربية والتقويم هو أمر في غير محله، «فالعنف هو العنف مهما اختلف أسلوبه»، وهناك وسائل حضارية لمعاقبة الأطفال دون التسبب في إلحاق الأذى بهم.

وطالبت بوضع معايير دقيقة تحدد السلطة التأديبية للأسرة على الأطفال، ومسؤولية الأهل عن الإهمال الذي يؤدي إلى إصابة الطفل، وتعريضه للحوادث المختلفة، بما فيها الاعتداءات الجسدية والجنسية وحوادث الدهس، إضافة إلى وضع برامج وقائية تتضافر فيها الجهود المشتركة في المؤسسات المختلفة ذات العلاقة بالأطفال ضحايا العنف وإساءة المعاملة، على صعيد أجهزة الشرطة والقضاء ووزارة التربية والتعليم والإعلام والطب الشرعي والتنمية الاجتماعية، لحماية الأطفال، وتوعية الأسرة بمخاطر إساءة معاملة الأبناء.

وطالبت كذلك بالحرص على الكشف المبكر عن حالات الإساءة للأطفال بالتنسيق بين مراكز الشرطة والاختصاصيين الاجتماعيين العاملين في المدارس، لما لذلك من أهمية في الوقاية والعلاج النفسي والاجتماعي لهم.

ووافق المستشار الأسري راشد المنصوري، على تطبيق فكرة الأسرة البديلة، لكنه فضّل تنفيذ ذلك في نطاق ضيق، ووفق ضوابط وقيود اجتماعية خاصة في حال غياب امتداد أسري للطفل الذي يتعرض للأذى، حيث يرى أنه يمكن نقل حضانة الطفل الذي يتعرض للأذي والعنف إلى أحد أقاربه، سواء الجد أو الجدة أو العم أو الخال قبل التفكير اضطرارياً في نقل حضانته إلى أسرة أخرى.

ويؤكد أهمية وجود اختصاصيين اجتماعيين ونفسيين يشرفون على تنفيذ هذه الفكرة في حال تطبيقها، بحيث يكون خيار الأسرة البديلة هو الأخير الذي يمكن اللجوء إليه عندما نصل إلى قناعة بأن الوالدين غير مؤهلين لتربية أبنائهما، مع دراسة إمكان إيوائهم في مركز إيواء خاص بالأطفال الذين يتعرضون للعنف الأسري لفترة زمنية.

ودعا إلى زيادة برامج التوعية والتثقيف لدى الأسرة في شأن كيفية تربية أبنائها بصورة سليمة، إضافة إلى إلزام الأبوين بالمشاركة في دورات تدريبية حول أصول وقواعد تربية الأبناء للحد من حالات العنف الذي قد يمارس ضد الأطفال.

وكشفت دراسة صدرت في عام 2007 وأعدها ا لدكتور أحمد فلاح العموش أستاذ علم الاجتماع في جامعة الشارقة أن هناك أشكالاً عديدة للعنف الممارس على الطفل داخل المنزل في حالة مخالفته للأوامر، منها: الحبس في المنزل، حيث أظهرت الدراسة أن 14٪ من الأطفال يحبسون في غرفة بمفردهم عند مخالفة الأوامر داخل المنزل، و8 .9 ٪ يشتمون ويسبون، و1٪ يصفعون على الوجه، و2.1٪ يشدون من الشعر (الإناث)، في حين تستخدم أداة صلبة لعقاب 3٪ من الأطفال. ويعتبر التهديد والوعيد من أكثر أشكال العنف، إذ يستخدم مع 39.9٪ من الأطفال، ثم يأتي الحرمان من أشياء يحبونها بنسبة 22.8٪، بينما لم يحدد 16.6٪ نوع العنف الممارس ضدهم.

وأشارت الدراسة إلى أن التهديد والوعيد والحرمان من الأشكال الشائعة، كما أن الشتم والسب من صور العنف الأساسية التي تمارس في المجتمعات كافة.

وأفضت الدراسة إلى أن 36.3٪ من الآباء يمارسون العنف ضد الأطفال داخل المنزل، و14٪ من الأمهات، بينما يأتي العنف بنسبة 20.2٪ من الأخ، و6.2٪ من الأخت، 3.1٪ من الجدة. وحول شعور الطفل عند التعرض للعنف، بينت أن 30.6٪ يشعرون بالإحراج، و5.7٪ بالإهانة، و20.7٪ بالغضب و10.4٪ بالخوف، و6.2٪ بمشاعر أخرى، و26.4٪ لم يحدد.وقال إن إحدى الصغيرات وصفت شعورها «بأنها خلقت للضرب»، وتشير هذه النتائج إلى سوء المعاملة النفسية والإهمال العاطفي الذي تمارسه الأسرة ضد الأبناء، إذ إن 42٪ من الأطفال يشعرون بأنهم مهملون.

وعزا العموش أسباب العنف إلى افتقار الأبوين إلى مهارات الرعاية وعدم فهم ضرورات استخدام العقاب ضد الأطفال، إضافةً إلى عدم فهم مراحل التطور عند الأطفال (المراحل العمرية المتميزة) وكذلك عيش الأبوين في أسر مارست العنف، وافتقاد الآباء إلى المصادر الكافية لرعاية الأبناء، مثل الوقت الكافي والدخل والدافعية والدعم، فضلاً عن الضغوط التي تمارس على الآباء أنفسهم والتي تشكل مصدر تهديد للأبناء.

 
أشكال العنف

يعـــرّف عـــلم النفس الاجتماعي العنف الممارس ضد الطفل بأنه تصرف يحدث في محيط الطفـــل يعيق نموه الطبيعي، ويتضـــمن صوراً عدة، كجرح جسدي، أو إساءة جنسية، أو إهمال من شـــخص مسؤول عن رعايته، أو أي فعل يؤدي إلى إيذاء الطفل بشكل مقصود، كالشـــروع في القتل أو القتل أو الضرب المبرح والخنق والحرق اســــتعمال أدوات حـــادة، ما ينتج عنه إصـــابات جسدية خطيرة أو نتائج مسيئة للطفل أو ســلوك أو اتجاه يسبب أذى أو ألماً للطفل، سواء كان جسمياً أو عاطفيا أو إساءة اجتماعية أم نفسية.

الأكثر مشاركة