إعـلام أجـنبي يسعى إلى «التشفي والابتزاز» بـعد إعادة هيكلة «دبي العالمية»
وصف إعلاميون وأعضاء في المجلس الوطني الاتحادي التحليلات والاستنتاجات التي نشرت في وسائل إعلام عربية وأجنبية، في أعقاب طلب حكومة دبي تأجيل سداد الديون المستحقة على (دبي العالمية)، بأنها «تهويل لا يخلو من التشفي والابتزاز»، مشيرين إلى أن «بعض وسائل الإعلام تسرعت في الوصول إلى نتائج ليست مبنية على حقائق»، مطالبين «بتحليل اقتصادي شفاف لإدارة الأزمة بعقلانية، بعيداً عن الانفعال والشطط في الطرح الإعلامي، وتوفير جميع المعلومات لوسائل الإعلام الوطنية المحلية، لتكون الناقل الرئيس الذي تعتمد عليه وسائل الإعلام الأجنبية».
وتفصيلاً، رأى الخبير والإعلامي الدكتور علي الشعيبي، أن «المتابع لما تناولته وسائل الإعلام الأجنبية والغربية في ما يتعلق بديون (دبي العالمية)، يجده يأخذ مسارين متقاربين، يشكلان تياراً واحداً يتعلق بالتهويل، للنيل من النجاحات التي تحققت في دبي على المستويات الاقتصادية»، متابعاً أن «بعض وسائل الإعلام ومن خلال القراءة المتأنية يمكن تفسير ما ورد فيها على أنه نوع من التشفي، ومحاولة لابتزاز المتلقي للتغرير به وتوجيه الرأي العام لمسألة مهمة كانت قد طُرحت منذ أمد بعيد في ما يتعلق بالنجاجات التي تحققت، على الرغم من أحادية الاقتصاد في دبي»، لافتاً إلى أن «هذا التشفي نابع أساساً من النظرة الضيّقة جداً لإمكانية نجاح التوجهات والفكر الاقتصادي في دبي».
من جانب آخر، رأى الشعيبي أن بعض ما يطرحه الخبراء الاقتصاديون في الصحف الأجنبية قد يعطي المتلقي انطباعاً بأن الأمر مرتبط بالكارثة الاقتصادية التي حلّت بالعالم وتعتبر دبي إحدى تداعياتها، فالضربة الأولى في نيويورك والثانية في دبي، وربما ضربات أخرى موجعة في اقتصادات أخرى على المستويات العربية والخليجية والعالمية أيضاً»، معتبراً أن وسائل الإعلام تستبق الحدث وتصطنع كارثة، وتخلق هاجس خوف، وهذا يدخل في باب الإثارة والسبق الصحافي واستغلال عاطفة المتلقي». وأضاف الشعيبي أن الإعلامين العالمي والعربي يتحدثان عن دبي وكأنها مدينة تعيش في كوكب آخر، إذ هناك محاولة لعزلها عن محيطها الإماراتي، وإحداث نوع من الشقاق في ذهنية المتلقي بين دبي وأبوظبي»، متابعاً «لا فرق بين دبي وأبوظبي، وهذا ما أكدته وستؤكده الأحداث، وأن أبوظبي لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أية تطورات اقتصادية، فهي جزء من المنظومة الاقتصادية، وستضطلع بدورها باعتبارها العاصمة الاقتصادية للإمارات، ولطالما استطاعت أن تؤكد أنها القلب المحرك لاقتصاد الدولة»، مؤكداً أن «العزف على وتر التفرقة لن يكون إلا ضرباً من الخيال وتحقيقاً للحلم المستحيل».
واعتبر الشعيبي أن «ما تشهده دبي تنعكس آثاره على بقية الإمارات والمنطقة»، موضحاً أن أي هزة أو خلل سيصيب السوق المالي في دبي سيتأثر به مجمل دول الخليج المرتبطة بهذا النوع من الاقتصاد.
ولاحظ الشعيبي أن «بعض وسائل الإعلام تتسرع في الوصول إلى نتائج لا تكون مبنية على حقائق، ولكن الحقيقة الماثلة للأذهان أن هناك أزمة يجب أن تعالج في إطار من الوعي والتحليل الاقتصادي وإدارة الازمة بعقلانية، بعيداً عن الانفعال والشطط في الطرح».
ومن خلال التجربة، تابع الشعيبي أنه «سيتبيّن أن أبناء الإمارات الذين استفادوا من الطفرة الاقتصادية وجمعوا ثروات تقدر بمليارات الدولارات في استطاعتهم أن يقفوا بقوة وحزم لمنع أي خدش بسيط في الصلب الاقتصادي»، مطالباً المحللين في وسائل الإعلام الخارجية بأن يكونوا صادقين في تحليلاتهم، وألا يسيروا وراء بعض التوجهات.
إلى ذلك، طالب رئيس لجنة شؤون التربية والتعليم والشباب والإعلام والثقافة في المجلس الوطني الاتحادي سلطان صقر السويدي، المسؤولين الماليين في حكومة دبي بـ«توفير جميع المعلومات إلى وسائل الإعلام الوطنية المحلية، من مستجدات وخلفيات عن الأزمة المالية العالمية، لتكون ناقلاً رئيساً تعتمد عليه وسائل الإعلام الأجنبية».
وأضاف أنه «لو مُنحت وسائل الإعلام المحلية الثقة من قبل المسؤولين فإنها ستكون قادرة على الدفاع عن الإمارة والدولة بشكل عام، فدبي جزء لا يتجزأ من الإمارات».
وأشار السويدي إلى أن «ما دفع بعض وسائل الإعلام إلى التخمين في الآراء والتحليلات العشوائية هو بلاشك نقص في المعلومات»، وقال «كان يتعين على الجهات المسؤولة عقد مؤتمر صحافي لوسائل الإعلام المحلية لتوضيح الأمر، وعدم ترك الساحة للهجوم والتحليل والاستنتاج الخالي من الدقة».
أما نائب رئيس المجلس الوطني الاتحادي، العضو أحمد شبيب الظاهري، فبيّن أن «إعادة هيكلة الشركات أمر طبيعي، وتعني دراسة الأنشطة التي تقوم بها الشركة وملاءمتها مع الوضع المالي والخطط المستقبلية، غير أن بعض وسائل الإعلام الأجنبية والعربية هوّلت الأمر».
وشرح أن «دبي العالمية ذات النشاط العالمي الذي هو أكثر من أي شركة أخرى في الإمارات، وهذا جعل من الضرورة إعادة هيكلتها لتتمكن من منافسة المؤسسات الأخرى في العالم، تلك التي كيفت نفسها مع الأوضاع العالمية الجديدة»، متسائلاً «فما بالك بالنشاط الاقتصادي بعد الأزمة المالية العالمية في مجال التمويل والسيولة!».
وهنا يتوجب، وفقاً للظاهري «على كل الشركات العاملة محلياً وخارجياً أن تدرس أوضاعها»، موضحاً أن أي شركة بعد سنوات من عملها تحتاج إلى إعادة اكتشاف مواطن القوة والضعف فيها للتكيف مع أوضاع السوق»، معتبراً أنه «لا يوجد حالياً اقتصاد مالي محدود، فالاقتصاد مفتوح في العالم».
إلى ذلك أكد رئيس جمعية الصحافيين في الإمارات محمد يوسف، أن «جميع ما تم ذكره في وسائل الإعلام عن دبي ما هو إلا كلام عار من الصحة»، متابعاً أنها «حملة استهدفت دبي بدأت في سبتمبر من العام الماضي، وسبقتها انتقادات لأي مشروع يعلن عنه في دبي، وزعموا أن الإمارة مجرد فقاعة سرعان ما ستزول، غير أن الأيام أثبتت لهم عكس زعمهم».
وقال يوسف إن «النهضة الحضارية التي قادتها دولة الإمارات عموماً ودبي خصوصاً حققت ريادة لايمكن أن يعيقها تأخر في سداد بضعة مليارات من الدولارات خمسة أشهر أو ستة»، مضيفاً «نحن على قناعة بأنه سيتم تسديدها وتوفيرها، كوننا دولة تملك من الإمكانات ما يغطي كل التزاماتها ويفيض».
وتابع يوسف أن «الإنجازات أكبر مما يتحدثون عنه، والنتائج أكبر من كل ما يتوقعونه»، داعياً إلى «عدم الالتفات لمثل هؤلاء الذين نعرف لماذا يشنون مثل هذا الهجوم»، شارحاً أن «ما حصل من تطور في دبي خلال السنوات الماضية كشف أن كثيراً من الدول التي لديها موارد تزيد على حاجتها بكثير لم تستخدمها داخل دولها، فبدأت شعوبها تتحدث وتُسائل حكوماتها: لماذا؟».
أنهم مازالوا يعزفون لحناً قديماً بالتفرقة بين أبوظبي ودبي، بحسب يوسف الذي دعاهم إلى «العودة إلى حقبة السبعينات من القرن الماضي، حيث هوجمت الإمارات تحديداً في 1978 وفي ،1979 وفي 1983 خلال الأزمة المالية العالمية آنذاك»، معتبراً أن «الدولة تثبت يوماً بعد الآخر أنها دولة القيادة والقرار والمصير الواحد».
وفي سياق ذي صلة، تساءل الإعلامي راشد الخرجي، مقدم برنامج «البث المباشر» على إذاعة نور دبي: أين كانت وسائل الإعلام تلك التي تهاجم دبي، حينما كانت الإمارة تقود واحدة من أهم تجارب الدنيا الاقتصادية؟! داعياً إلى الرد على تلك الادعاءات وعبر وسائلهم الإعلامية، وبلغتهم، كي تصل الحقائق واضحة.
وعن نبرة التفريق التي تصر وسائل إعلام أجنبية وعربية على التحدث بها عندما يتحدثون عن إمارتي أبوظبي ودبي، تساءل الخرجي «ما المشكلة في مساعدة إحدى الإمارات للأخرى؟ نحن في دولة اتحادية واحدة مواردها واحدة»، معتبراً أن «تلك الوسائل تعاني من نقص في المعلومات وطبيعة البلاد التي تخولها الخوض في هكذا حديث»، شارحاً «هذا نهجنا في دول المنطقة نتعاون في السرّاء والضرّاء».