دبي.. حيث تمرّ العواصف دائماً

أزمة «ديون دبي»: الوتر واحد والعازفون كثر في الأيام الماضية. كأنهم كانوا في انتظار طويل لإعلان إعادة هيكلة مجموعة «دبي العالمية»، فاحتشدوا جيداً، ونزعوا الخطوة من سياقها الطبيعي إلى سياق آخر، تزدحم فيه الأمنيات، ويتضاءل الواقع.

فقد أخفقت سابقاً شائعات «المدينة المهجورة» وآلاف المغادرين الذين تركوا سياراتهم في مطار دبي، مع تلك القصص «المفبركة» في الإعلامين الغربي والعربي عن النساء الأجنبيات اللواتي يبحثن لأطفالهن عن خبز وحليب في أسواق دبي. وظلت دبي دوماً قادرة على إقناع المراهنين بأن خساراتهم ستتواصل، وأن لا جدوى من افتعال كل هذا الضجيج والتهويل.

إعلام عالمي وعربي بدا متوثباً ومتشنجاً، ويريد لهذه التجربة الفريدة في العالم الثالث ألا تواصل طريقها نحو النضوج والريادة. إعلام تخلى عن مهمته في صناعة المعلومات وقراءة الأرقام، فأخذته الظنون إلى رأي ووصف، فقيل هنا «إعلان إفلاس».. وقيل «مدينة مبذرة».. وقيل كثير من الأحلام المشغولة بالشماتة، والمأخوذة بالحسد.

لم يقل أحد إن «ديون دبي» ليست إلا أموالاً اشترت الزمن مبكراً، وحملت المدينة الفتية إلى أفق جديد مفتوح على المستقبل. «ديون دبي» لم تتبخر، وهي موجودة في كل ملامح حداثتها وبنيانها العالي، وقد جسّد كل فلس منها فرصاً واسعة وانفتاحاً جريئاً. «ديون دبي» بوابة لعالم جديد تراه الإمارة الحديثة، وتعلم أن الطريق إليه بالعمل والإنجاز، في إطار خطة ومشروع، وليس بالحلم والأمنيات.

القصة تتعلق بإحدى شركات دبي، ولدى اقتصاد الإمارة من القوة والرسوخ والثقة الإقليمية والسُمعة الدولية، ما يجعله قادراً على احتواء الأزمة، ومتابعة السباق نحو التميز، فبعد أسابيع، سيفتتح رسمياً «برج دبي»، أعلى كيان معماري شيده الإنسان على الأرض، وها هو «المترو» يشق طريقه في خضم الأزمة المالية العالمية، ويلوح لأبراج دبي الشاهقة، تاركاً كثيرين يندمون على رهاناتهم الخاسرة.

هنا قصة إبداع مكتوبة على الأرض، وفي السماء، ثم ليذهب المحللون إلى حيث تشاء بهم الأمنيات، وليذهب الجار والقريب والبعيد إلى حيث يقوده الحسد، مثل أعمى. فدبي تسيطر على ديونها، ولديها من الصدقية الدولية ما يجعل العاصفة تمر كغيمة عابرة على واحة خصبة، تتوسط عالماً ثالثاً أنهكه الجدب والفشل. مدينة متلهفة لإنجاز تلو آخر، وهي بذلك مدينة «مبذرة» فعلاً، فلا هي تقتصد في السرعة والإنجاز، ولا هي تتردد في الجرأة والحداثة.

* أسرة تحرير «الإمارات اليوم»

تويتر