ورش النجارة تلوّث البيئة وتزعج السكان.                   الإمارات اليوم

جيران ورش النجارة يطالبـون بإخراجها من أحيائهم

طالبت أسر في أحياء سكنية، في إمارة رأس الخيمة، مثل المعمورة والمعيريض والجولان، بإبعاد الورش الصناعية عن مساكنهم، خصوصا التي تعمل في مجال صناعة الأخشاب، نظرا لما لها من أخطار تهدد الصحة والبيئة، والازعاج الناجم عن ضجيج الماكينات المستخدمة فيها طوال ساعات النهار والمساء.

وأكد مدير عام بلدية رأس الخيمة المهندس محمد صقر الأصم، ردا على ذلك، أن عمليات ترحيل الورش، أيا كانت أنشطتها، غير ممكنة حاليا، بسبب عدم وجود منطقة صناعية تتوافر فيها الخدمات بشكل جيد.

وقال إن العمل جار على قدم وساق لتحقيق ذلك، ولكن إلى حين العثور على المكان الذي يحتضن الورش الصناعية، فإن البلدية ستلزم الورش بنظم تحمي صحة السكان وتمنع عنهم الازعاج.

وتفصيلا، شكا المواطن حمد النعيمي من وجود ورش نجارة وسط الأحياء السكنية، وقال إنه أمر غير مفهوم مطلقا، خصوصا أن طبيعة العمل في تلك الورش غير مأمونة. وأوضح «إذا ما نظرنا إلى الورش الصناعية المتخصصة بمجال النجارة، نجدها مصدرا نشطا لانبعاث الهواء الملوث بالنفايات الخشبية، ويكمن الخطر الأكبر في ما يطلق عليه غبار الأصباغ الذي يتطاير في الهواء لمسافات بعيدة أثناء عمليات طلاء المصنوعات الخشبية، كالأبواب والخزانات والكراسي والأسرة». وتابع «يصنف ذلك الغبار صحياً بأنه ضار جداً، إذ إنه يعد سبباً مباشراً للإصابة بكثير من الأمراض المستعصية، كالسرطان وحساسية الصدر والجلد، فضلا عن أن استنشاقه بصورة مستمرة يكسب المرء عادة الإدمان، ومن يرد التأكد من ذلك فليذهب إلى ساكني البيوت القريبة من ورش النجارة، فسيجد بينهم من يعاني من تلك الأمراض مجتمعة، أو من بعضها».

ومثل كثيرين من جيرانه، طالب النعيمي بحظر تراخيص ورش النجارة التي تمارس أنشطتها في المواقع القريبة من الأحياء السكنية، لافتاً إلى أن «الحل الأفضل لتلك المشكلة يتمثل في نقل الورش القائمة الآن قرب المساكن إلى المناطق الصناعية البعيدة، لأن ذلك هو الضمان الوحيد لحماية السكان من متاعبها الصحية».

لكن المواطن سعيد راشد، يرى أن معاناة الناس مع ورش النجارة لا تتوقف عند الأضرار الصحية، بل هي تمتد إلى ما تفرزه من انعكاسات أمنية قد تشكل تهديداً للمجتمع الصغير الذي يحيط بها. وأوضح أن «العاملين في تلك الورش، يتألفون عادة من العمالة الآسيوية (العزاب) وبعض هؤلاء يجدون أن هناك ما يدغدغ شهيتهم الإجرامية، حينما يجدون أنفسهم يسكنون ويعملون إلى جوار الأسر، ما قد يغري أصحاب النفوس المريضة لفعل أي شيء خطر، مثل السرقة وارتكاب جرائم المعاكسات والتحرش والاغتصاب التي تطال خدم المنازل أو حتى أطفال الأسر، والأدلة على ذلك موجودة لدى الشرطة التي ما فتئت تحذر منها باستمرار».

وشكا المواطن علي المنصوري من صخب ماكينات ورشة قريبة من منزله، مؤكدا أن أسرته لا تهنأ بالراحة مطلقا بسببه، وقال إن الضجيج الذي تصدره ماكينات ورش النجارة، التي تمارس عملها في جميع الأوقات دونما مراعاة للأسر المقيمة على مقربة منها، يحول حياة جيران الورشة إلى جحيم حقيقي.

وتابع «حاولت مراراً إقناع القائمين على الورشة بالتوقف عن تشغيل الماكينات، على الأقل في الأوقات التي نخلد فيها للراحة، لكنهم بدوا غير مستعدين للتجاوب مع طلبي، بل هم رأوا فيه تدخلاً في شأن اعتقدوا أنه يعنيهم هم دون سواهم، ولذلك ضاعفوا من أعمال النجارة بصورة أكثر إزعاجاً، خصوصاً في أوقات القيلولة والمساء.

ويرى المنصوري أن الحل الجيد لمشكلة ورش النجارة المثيرة للازعاج يكمن في إبعادها من مواقعها القريبة من الأحياء السكنية إلى مواقع أخرى، لا يصل منها ضجيج الماكينات إلى السكان، وتتوافر فيها كل الظروف التي تساعد على احتواء إفرازاتها الصحية والبيئية السيئة بصورة نهائية.

أما المواطن أمين الجسمي، فلم يبد متفائلا بالإجراءات التي تعهدت البلدية باتخاذها لمحاصرة الأضرار الصحية الناجمة عن الورش، وقال ان الاحتياطات الوقائية للسيطرة على هذه الأضرار لن تكون كافية ما دامت الورش موجودة على مقربة من المساكن «لأنها بمخلفاتها الخشبية الكثيفة، تمثل بيئة خصبة لتكاثر الحشرات والفئران والصراصير وغير ذلك من الآفات الضارة بالصحة والبيئة التي لا تجد مشقة في الانتقال من الورش لتعيش بكثافة في المساكن مع أصحابها، ما يجعلهم يواجهون عواقب صحية خطرة».

من جانبه، أكد مدير عام البلدية المهندس محمد الأصم صعوبة إلغاء تراخيص الورش التي باتت تلاصق المساكن نتيجة التمدد السكاني الذي تزايد في السنوات الأخيرة. وأضاف «صحيح أن الوضع غير سليم، ولا يمكن القبول به، لكن نتيجة عدم وجود مناطق صناعية مؤهلة جيدا لاستيعاب الورش في الوقت الراهن، فإنه يتحتم علينا الصبر والانتظار، ريثما يتم توفير المكان المناسب»، موضحاًس أن الانشغال بالبحث عن المنطقة الصناعية التي تستوعب الورش لا يعني السكوت عن الأضرار المحتملة من وجودها بجوار المساكن، بل هي تخضع لعمليات مراقبة صارمة وتفتيش بلا انقطاع، علاوة على إلزامها بتنفيذ إجراءات تمنعها من العمل بطريقة تثير إزعاج الناس أو تضر بصحتهم.

الأكثر مشاركة