أطفال يتعرضون إلى تحـرّش جسدي لغياب رقابة الأسر
رصدت «الإمارات اليوم» عدداً من القضايا التي نظرتها محكمة جنايات دبي في قضايا متنوعة، كان المجني عليهم فيها أطفالاً لم يتجاوزوا الـ14 من العمر، ارتكب بحقهم جريمة «هتك عرض بالإكراه» لغياب رقابة الأسر، وفقاً لتكييف النيابة العامة في دبي للتهم التي اسندت إلى الفاعلين.
ووفقاً لوقائع تلك القضايا فإن الأطفال الذين نظرت المحكمة في قضاياهم تعرضوا لتحرش جسدي، وملامسة اجزاء حساسة من اجسادهم وتقبيلهم وحضنهم، أو حملهم على لمس اجساد المتحرشين، وإن لم تصل الجرائم التي ارتكبت بحقهم حد المواقعة بطفلة أو اللواط بطفل.
ووقعت جميع الجرائم تلك- وفق أمر إحالة نيابة دبي- من جناة ينتمون إلى دول آسيوية تتراوح أعمارهم بين 22 و30 عاماً، نتيجة استغلال المتهم لانفراد المجني عليه لوحده ما دعاه للاختلاء به وإيذائه، لإشباع رغباته الجنسية.
وقال قاضي استئناف دبي القاضي سعيد بن صرم، إن «جرائم عدة كان المجني عليهم فيها أطفالاً وقعت هذا العام، وتوحدت أسبابها في غياب رقابة الأسر لأبنائهم» مدللاً على ذلك بعدد من الوقائع من بينها «خادمة إندونيسية هتكت عرض طفلة مخدومها، نظراً لغياب رقابة الأهل، ورجل آسيوي يعلّم طفلاً دروساً دينية في دبي، هتك عرضه أيضاً لغياب الرقابة، واختلائه بالمجني عليه».
وأضاف أن «الأسر للأسف تضع ثقتها الكاملة بعامل لديها، كسائق أو مزارع أو حتى خادمة وما شابه».
وأيده في ذلك رئيس نيابة الأسرة والأحداث في دبي المستشار محمد رستم الذي رأى أن «الإهمال الأسري للطفل يؤدي إلى عواقب وخيمة، تصل إلى حد تعرض الطفل لجريمة ما»، مشدداً على أنه في كل غفلة منهم عن الطفل قد يتعرض لسوء، وعدم تركه بمفرده سواء في مركز تجاري أو في حديقة أو مع السائق، ومنعه من الخروج إلى الشارع بمفرده، على ألا تكون المراقبة لصيقة، حيث على الأهل إلزام رقابتهم عن بعد، متابعاً «خصوصاً أن الطفل عديم الخبرة في الحياة وأصناف البشر».
وكان آخر تلك الجرائم، نتج عنها وفاة الطفل موسى، صبيحة أول أيام عيد الأضحى الماضي، بعد أن اعتدى عليه شاب في حمام إحدى دور العبادة في القصيص جنسياً ثم قتله بوضع يده بقوة على فمه لمنعه من الصراخ.
ورصدت «الإمارات اليوم» من خلال متابعتها لتلك النوعية من القضايا، أن «الطفل المجني عليه غالبا لا يبلغ ذويه عن الواقعة، بسبب خوفه، غير أن معرفة الأهل بذلك تكون بعد ملاحظتهم لبكاء الطفل وعدم استطاعته النوم، أو إحساسه بالألم من جراء قيام بعض المتهمين بإمساك أجزاء حساسة من جسد المجني عليهم، ووصلت تحقيقات عدّة إلى أن هؤلاء المتهمين يستغلون ضعف حيلة الطفل الذي ليس في استطاعته الدفاع عن نفسه أو التحدث بالأمر أو معرفته بأن ذلك الفعل خطأ.
رسالة للأم
وكانت طفلة لم تتجاوز الـ12 عاماً من عمرها كتبت رسالة إلى والدتها، لعدم قدرتها على التحدث عن الواقعة نتيجة حالتها النفسية السيئة - طلبت فيها ترحيل المتهم الذي يعمل لديهم لأنها لا تريد مشاهدته، كونه هتك عرضها كرهاً لأكثر من مرة، وعندما سألتها والدتها عن ترددها في إخبارها شفهياً منذ وقوع الحادثة أخبرتها بأنها كانت خائفة، وحكمت جنايات دبي على المتهم بالحبس مدة ثلاث سنوات مع إبعاده عن الدولة.
وفي حادثة أخرى، وقعت في إحدى الأسواق التجارية، في المحال الخاصة بالتدليك، إذ اصطحبت أسرة طفلتهم التي لم تتم الـ14 من عمرها، وأثناء انشغال الأهل بتفحص الأجهزة، اقترب البائع من الطفلة وأخذ بتحسس أجزاء من جسدها والضغط عليها، وكلما حاولت الفرار منه أخفقت في ذلك، وعند الوصول إلى المنزل كانت المجني عليها تبكي ومصدومة وخائفة، فسألتها والدتها عن سبب ذلك، فردت بأنها تتألم من إمساك البائع المتهم جزءاً من جسدها، والذي عوقب بالحبس مدة عام مع إبعاده عن الدولة.
وتراوحت الأحكام التي أصدرتها جنايات دبي خلال العام الجاري في تلك القضايا بين البراءة والحبس مدة خمس سنوات بحق المتهمين فيها، وتعددت أساليب المتهمين بين إنزال ملابس الطفل والالتصاق به وتقبيله وتحسس جسده.
ووقعت تلك الجرائم في معظمها في المصاعد والحافلات المدرسية أو من البائعين، ومن عمال يفدون إلى المنزل لحاجة الأهل لديهم، مثل عمال الصيانة وغيرهم.
صراخ طفلة
من بين تلك الجرائم طفلة سويدية ارشدت عامل الصيانة إلى السطح في منزلهم بغرض إصلاح خلل فيه، وهناك طلب منها المشي بجانبه كونه رجلاً كبيراً في السن، وبمجرد اقترابها منه لفّ يده حول كتفها والتصق بها وبدأ يقبلها ويتحسسها، حتى بدأت بالصراخ.
وطفل إماراتي، عاد من المدرسة بعد أن أوصله سائق حافلة مدرسية إلى منزله، فكان يبكي ويبصق على الأرض، إذ سألته الخادمة التي كانت تنتظره عند الباب عن سبب ذلك، فأخبرها بأن السائق قبلّه من فمه، وعند عودة والدته من العمل، طلب منها أن يسر لها أمراً في أذنها، فأخبرها بأن المتهم تحسس جسده وقبلّه، وقد قضت المحكمة بحبسه مدة ثلاثة أشهر مع الإبعاد.
وصرّح قاضي استئناف في محكمة دبي القاضي سعيد بن صرم بأن «في غالبية القضايا التي ترتكب بحق الأطفال، لا يكون فيها المتهم واقعاً تحت تأثير المشروبات الكحولية أو المواد المخدرة، ولا يعاني مرضاً عقلياً يؤثر في مسؤوليته الجنائية»، لافتاً إلى أن «السبب الرئيس في ارتكاب الجناة للجريمة هو إهمال الأسر، وعدم مراقبتهم لأطفالهم».
ومن واقع القضايا التي نظر فيها، قال بن صرم إن «الأسر للأسف تضع ثقتها الكاملة بعامل لديها، كسائق أو مزارع أو حتى خادمة».
وضرب مثالاً بقصص واقعية مرت عليه منها «خادمة إندونيسية هتكت عرض طفلة مخدومها، نظراً لغياب رقابة الأهل، ورجل آسيوي يعلّم طفلاً دروساً دينية في دبي، هتك عرضه أيضاً لغياب الرقابة، واختلائه بالمجني عليه».
هتك العرض
وعن عقوبة المتهم الذي تتم إدانته بتلك الجريمة، قال بن صرم إنها «تكون بحسب المادة (356) من قانون العقوبات الاتحادي التي تنص على أنه «يعاقب بالسجن المؤقت كل من أدين بارتكاب جريمة هتك عرض ذكراً كان أم أنثى يقل عمره عن 14 عاماً».
وأوضح بن صرم أن «هتك العرض الذي يرتكب بحق الطفل يكون بالإكراه، فليس هناك هتك عرض بالرضا لمن يقل عمره عن 14 عاماً، لأن الطفل منعدم الرضا»، متابعاً أما «عقوبة اغتصاب أو مواقعة طفلة، أو اللواط بطفل تكون الإعدام، وفقاً لنص المادة (354)، إذ يعتبر الإكراه قائماً إذا كان عمر المجني عليه أقل من 14 عاماً وقت ارتكاب الجريمة».
وأكد بن صرم أن «قانون العقوبات لا يعفي الشخص الذي يرتكب جرماً وهو واقع تحت تأثير الكحول، وفقاً لنص المادة (61) بأنه إذا كان فقد الإدراك أو الإرادة ناتجاً عن عقاقير أو مواد مخدرة أو مسكرة تناولها الجاني باختياره وعلمه عوقب على الجريمة التي وقعت».
إلى ذلك، ذكر رئيس نيابة الأسرة والأحداث في دبي المستشار محمد رستم، أن «الإهمال الأسري للطفل يؤدي إلى عواقب وخيمة، تصل إلى حد تعرض الطفل لجريمة ما»، متابعاً أن «المدرسة لها دور في عملية التربية والرقابة غير أن الرقابة الرئيسة تقع على عاتق الأسرة».
وشدد رستم على ضرورة حماية الأهل لطفلهم من الخدم، وأن في كل غفلة منهم عن الطفل سيتعرض لسوء، وعدم تركه بمفرده سواء في مركز تجاري أو في حديقة أو مع السائق، ومنعه من الخروج إلى الشارع بمفرده، على ألا تكون المراقبة لصيقة، حيث على الأهل إلزام رقابتهم عن بعد».
وتشير واقعة عوقب مرتكبها بالسجن مدة خمس سنوات مع الإبعاد، بحق رجل هندي يبلغ 23 عاماً، هتك عرض طفل جلبته والدته ليبقى في رعاية والدة المتهم، التي تعمل حاضنة للأطفال، وأثناء وجود الطفل في منزل المتهم استفرد به وأدخله الحمام وتبوّل أمامه طالباً منه النظر إليه، ثم أخذه على السرير وطلب منه أن يلعق له جزءاً من جسده، وعندما رفض الطفل أرغمه على ذلك بعد أن وخزه برأس قلم على فخذه الأيمن. وحادثة أخرى، ارتكبت بحق طفلة لم تكمل ست سنوات تركها والدها عند بائع مجوهرات في أحد المراكز التجارية، كي يذهب لتأدية الصلاة، وأثناء غياب والدها تحسس جسدها، وعند عودة والدها شاهد طفلته وهي تغلق زر ملابسها فسألها عن ذلك، حيث أخبرته بما حدث، وحكمت عليه جنايات دبي بالحبس سنتين والإبعاد. وقال الاختصاصي النفسي الدكتور عامر سعدالدين إن «دراسات أثبتت أن 80٪ من الأشخاص الذين يعتدون على الأطفال جنسياً قد تعرضوا لاعتداءات جنسية في طفولتهم». ووصفهم بأنهم أشخاص عاديون بيننا، لكن إذ انكشف أمر أحدهم بممارسته للجنس مرة مع طفل، فإنه على الأرجح سيكررها مرات عدة لاحقاً»، مطالباً بضرورة تثقيف الأطفال بتلك المسألة عبر وسائل الإعلام، وتحذيرهم من دون الخجل في التطرق للأمر»، على اعتبار أن «هؤلاء الأشخاص موجودون في كل مكان في العالم، وليس في الإمارات فقط».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news