مشاركون في «جرائم المعلومات» يطالبون بتشريعات للحدّ من القرصنة
طالب مشاركون في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الثالث لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، بتعديل قانون الاجراءات الجزائية لتغطية أوجه عدة تتعلق بالجرائم الإلكترونية، وإيجاد إطار تشريعي لمعاقبة الذين يرتكبون جرائم إلكترونية أو إصدار قانون جديدللإجراءات الجزائية المعلوماتية.
وكشف نائب مدير إدارة المباحث الإلكترونية في القيادة العامة لشرطة دبي الرائد سالم عبيد سالمين، عن ضبط شاب إماراتي يبلغ من العمر 16 عاماً بتهمة التحريض على الفجور من خلال موقع إلكتروني، يعرض أجزاء من جسد امرأة «أون لاين» على الكاميرا المتصلة بجهاز الكمبيوتر، مقابل تحويل رصيد مدفوع مقدماً على هاتفه المتحرك، وأكدت تحريات الأجهزة المختصة أن المتهم مواطن يقطن في إمارة أم القيوين، فتم ضبطه وأقر بالتهمة المنسوبة إليه.
وأوصى رئيس محكمة في محكمة الفجيرة الاتحادية الابتدائية المستشار الدكتور محمد عبيد الكعبي، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، بإنشاء مركز متخصص للعلاج من إدمان الإنترنت على غرار العديد من المراكز المنتشرة في بلدان متقدمة، لعلاج النشء من إدمان الانترنت، حتى لا يتحول إلى صورة مرضيّة، خصوصاً أن العديد من دوافع الجريمة الإلكترونية يكمن في الإثارة والفضول إلى جانب دوافع أخرى تتعلق بالثأر والتحدي وغيرها.
فيما قال مدير عام معهد التدريب والدراسات القضائية المستشار الدكتور محمد محمود كمالي، إن العديد من الجرائم الإلكترونية يرتكبها قاصرون وأطفال، ما يستدعي إيجاد إطار تشريعي لمعاقبتهم، وتقويم سلوكهم مثل حرمانهم من استخدام الإلكترونيات بشتى أنواعها، والتركيز على دور الأسرة في التوعية، لافتاً إلى أن بعض الدول بدأت تطبيق عقوبات على شاكلة منع الشخص من دخول مقاهي الانترنت وحظر وجوده في أماكن معينة، وغيرها من العقوبات التأديبية.
وأوضح أن معظم الجرائم الإلكترونية التي تقع داخل الدولة تتعلق بجرائم النصب والاحتيال والاستيلاء على الأموال، وكشف عن ضبط أحد المتهمين استولى على 4.8 ملايين درهم من أحد البنوك الحكومية الكبرى داخل الدولة، كما تمكن أحد «الهاكرز» من الاستيلاء على أكثر من 80 تذكرة طيران بقيمة ربع مليون درهم، من إحدى شركات الطيران الوطنية في الدولة، وتم ضبطه أثناء صعوده إلى الطائرة عن طريق الـ«بطاقة الائتمان» التي اشترى بها تذكرته، وأشار إلى أن هناك أيضاً جرائم متعلقة باختراق الحسابات الشخصية والبريد الإلكتروني الشخصي والتجسس عليه وإرسال مواد عن طريقه، مؤكداً أن كل هذه الحالات لم تصل إلى مرحلة الظاهرة حتى الآن.
شركة تمويل
وحول أبرز قضايا الاحتيال المالي، قال الرائد سالمين، إن أبرز قضية في الفترة الماضية كشفتها شكوى قدمها شخصان أوروبيان ضد شركة تمويل استثماري تدعي أن مقرها في دبي، وعقدت مؤتمراً في فندق جميرا بيتش أوائل العام الجاري، وتعمل في التسويق الشبكي، إلا أن الشركة لم تقم بسداد المبالغ للمستثمرين، وبالتحري عن الشركة تبين عدم وجود قيد لها أو رخصة تجارية، فتم إجراء التحريات حول أنشطتها والعاملين فيها، حتى تم القبض عليهم وتوجيه تهمة الاحتيال إلى من تم ضبطه في شهر أكتوبر الماضي.
وأضاف أن إدارة المباحث الالكترونية تلقت بلاغاً آخر من أحد المواطنين حول تعرضه للاحتيال عن طريق موقع إلكتروني، عرض رقم هاتف مميز للبيع بمبلغ 15 ألف درهم، وتم الاتفاق على دفع عربون المبلغ إلى مندوب الموقع، وبعد دفع المبلغ المتفق عليه اتضح أنها عملية نصب جديدة، وبالبحث والتحري عن مستخدم رقم المندوب تبين أنه كان ينتحل اسماً مستعاراً، وتم إلقاء القبض عليه.
كما حققت الإدارة في عمليات تزوير وتزييف تبين بعد التحريات أن شخصاً من جنسية دولة إفريقية يسكن في منطقة نايف يستغل صالون حلاقة في عملياته، وتم إصدار إذن من النيابة العامة والقبض عليه ومداهمة الصالون بالتعاون مع إدارة الملاحقة الجنائية، وتم العثور على مبلغ 15 ألفاً و830 درهماً و4500 يورو، و1190 دولاراً وجهاز كمبيوتر شخصي، وخمسة أجهزة حاسب آلي محمول، وجهاز تغليف حراري، و117 بطاقة ائتمانية، وثلاث بطاقات مزورة.
مكالمات مختلسة
وكان من أبرز قضايا الجرائم الإلكترونية خلال العام الجاري، ضبط محل خدمات إنترنت يختلس المكالمات الهاتفية الدولية عن طريق الإنترنت وبيعها إلى الراغبين في الاتصال الدولي، مقابل 20 درهماً لكل 60 دقيقة، وبعد البحث والتحري تمت مداهمة المحل بالتعاون مع إدارة الحد من الجريمة، حيث ألقي القبض على شخص بنغالي الجنسية ومصادرة عدد من الأجهزة الالكترونية ومبلغ مالي عـائد هو المكالمات الدولية.
وقال معظم المشاركين في مناقشات اليوم الأول للمؤتمر، إن الدولة تحتاج إلى تعديل في القانون لتغطية أوجه عدة تتعلق بالجرائم الإلكترونية، وأشار الكمالي إلى أن خصوصية جرائم تقنية المعلومات جعلت القواعد الإجرائية التقليدية قاصرة عن مواجهة هذه الجرائم، ما قد يؤدي إلى إفلات الجاني من العقاب، مؤكداً أن نسبة الذين حصلوا على البراءة في هذه القضايا لا يتعدي ثلاث حالات من بينها قضية كانت تتعلق بتزوير تقرير طبي، وتمت تبرئة المتهمة لعدم كفاية الأدلة، حيث لم يثبت من هو الشخص الذي تلاعب في الأوراق على الرغم من ثبوت الواقعة.
وأشار إلى أن جرائم تقنية المعلومات ذات طبيعة خاصة لأن هناك أوجهاً سرية متعددة تحيط بشتى مراحل ارتكاب الجريمة، موضحاً أن «قانون الإجراءات الجزائية يلزم أي شخص علم بالجريمة بالإبلاغ عنها، فهل يعني ذلك أن متصفح الإنترنت الذي يعلم بوقوع جريمة إلكترونية عليه أن يبلغ عن هذه الجريمة؟ كما أن تفتيش الرسائل البريدية العادية يحتاج إلى موافقة النائب العام، فهل البريد الإلكتروني أيضاً لابد أن تُتبع معه الإجراءات نفسها.
وأكّد أن القانون الحالي عالج الجوانب الموضوعية لجرائم تقنية المعلومات، ولم تتم تغطية الجوانب الإجرائية مثل الضبط والتحقيق والتفتيش، وبالتالي فإن هذه المسائل يطبق عليها قانون الإجراءات الجزائية التقليدي.