غياب الرقابة والحوار يعرّض الأطفال لـ «التحرّش»
اتفق اختصاصيون أن غياب الرقابة وفقدان الحوار بين الأطفال وذويهم أهم أسباب تعرض النشء للتحرش الجنسي، مطالبين أولياء الأمور بضرورة مد جسور الثقة مع أطفالهم لحمايتهم من الاعتداءات الجنسية، جاء ذلك في اللقاء التوعوي بأهمية الثقافة الجنسية والوقاية من التحرش الجنسي للأطفال الذي نظمه مركز تطوير رياض الأطفال أمس، في استجابة للحملة التي تقودها «الإمارات اليوم» للتصدي للعنف والتحرش الجنسي ضد الأطفال.
وأفادت مديرة مركز تطوير رياض الأطفال، إحدى المدارس النموذجية التابعة لوزارة التربية والتعليم شيخة الملا، بأن غياب الحوار والثقة بين الأطفال وذويهم، وانعدام الرقابة والمتابعة وعدم اهتمام الوالدين بأطفالهما يعرض الطفل للعنف والتحرش الجنسي، لافتة إلى أن «حالات الاعتداء والتحرش الجنسي بالأطفال من غرباء أو أقارب تكررت في الفترة الماضية، الأمر الذي يستوجب التدخل لتوعية الأسر بأهمية التقرب إلى أطفالهم واحتوائهم وفتح مجال الحوار والمناقشة.
تجنب التحرّش شرحت مساعدة مدير شؤون الأطفال في مركز تطوير رياض الأطفال شيخة الملا، للأمهات اللاتي حضرن اللقاء التوعوي بأهمية الثقافة الجنسية والوقاية من التحرش الجنسي للأطفال، طريقة لتعليم الأطفال كيفية تجنبهم وقوع الأذى الجنسي، في حال تعرض لهم غريب، منها الصراخ ومحاولة مقاومته، والعودة على الفور لمرافقة الأم أو الخادمة، وإعلام ذويه أو مرافقيه بما تعرض له، على أن يتم الإنصات له وأخذ الموضوع على محمل الجد، خصوصاً أن الأطفال لا يختلقون الأكاذيب في الأمور الجنسي
لمشاهدة الرسم التوضيحي يرجى الضغط على الصورة
|
وطالبت بتثقيف الأطفال وتوعيتهم باخطار التقرب من الغرباء، فضلاً عن نشر الثقافة الجنسية في المجتمع، خصوصاً أن أسرا تمتنع عن مناقشة المسائل الجنسية مع أطفالها، باعتبارها موضوعات محظورة.
وأوضحت الملا أن «أسرا لاتزال تعتمد على الخدم والعمال في تربية أطفالها، على الرغم من الحوادث المتكررة، فكثير من الأمهات ترسل أطفالهن إلى المركز يومياً مع السائق بمفردهم، غير واعيات بالمخاطر الناجمة عن هذا السلوك، خصوصاً أن بعض الأطفال يتعلقون بالسائق أو الخادمة وتتوطد علاقتهم بهم، لدرجة الاحتكاك المباشر مع ما يتبعه من تحرش وملامسات للمناطق الحساسة لدى الأطفال، كما في حالة طفلة ترسلها والدتها يومياً مع السائق للمركز بمفردهما، وتجلس الطفلة بجانب السائق، الذي ما أن يوصلها يحتضنها ويقبلها، ضيفة أن مثل هذا السلوك يؤدي في النهاية إلى تحرش جنسي مباشر، عازية السبب إلى إهمال الأم وغيابها عن مراقبة أطفالها .
وتابعت «الرقابة والمتابعة المباشرة من الأسرة تعدان من أهم الأمور الغائبة عند بعض الأسر، التي تأمن وجود أطفالها مع الخدم والعمال في المنزل دون أن تراقب الوضع ».
وذكرت الملا بعض حالات تحرش ضد الأطفال كان سببها غياب الوعي عند الأسرة وإهمال الأم متابعة شؤون أطفالها، قائلة «هناك حالات تحرش ضد الأطفال تقع في غياب الأم، منها الاعتداء على طفل وهتك عرضه من قبل ابن عمه المراهق، أثناء غياب والدته، التي تركته في منزل عمه وتوجهت إلى المستشفى، وعند عودتها للمنزل، شكا الطفل من أوجاع في أسفل ظهره، وتجاهلته الأم في المرة الأولى، وعندما تكررت شكواه بدأت الأم بتعنيفه ومطالبته بملازمة غرفته بعد الاستحمام وتبديل ملابسه، وفي المساء عند عودة والده شكا الطفل مرة أخرى من الآلام التي يعانيها، وبمجرد مناقشة الأسباب اعترف الطفل بأن ابن عمه تحرش به أثناء لعبهما «لعبة الطبيب والمريض» وهتك عرضه.
وروت حالة أخرى لخادمة حملت من طفل عمره 11 سنة، بعد أن اعتادت على ملامسة مناطق حساسة في جسده بغية استثارته، مشيرة إلى أن «لغة الحوار والاستماع مفقودة بين الأطفال وذويهم، الأمر الذي يولد انعدام للثقة من جانب الطفل، خصوصاً أن الوالدين غالباً ما يتعاملان بأسلوب الترهيب والتخويف لصرف أبنائهما عن السلوكيات الخاطئة».
ودعت الملا الآباء والأمهات إلى ضرورة التواصل والتنسيق مع المركز، مناشدة ضرورة تجنب أسلوب الترهيب والتخويف بالتعامل مع الأطفال، وفتح المجال للحوار ومناقشة الطفل والاستماع له، وتعليمه وتثقيفه جنسياً، مشيرة إلى أهمية المراقبة غير المباشرة للطفل والمتابعة الدائمة مع المدرسة، وتجنب اختلاط الطفل مع الأكبر منه سناً، أو البقاء لساعات متواصلة مع الخدم والعمال دون مراقبتهم».
إلى ذلك، شددت الموجهة الأسرية السابقة في محاكم دبي والمستشارة الأسرية في هيئة تنمية المجتمع وداد لوتاه على ضرورة تفعيل دور المدارس المقتصر دورها على التعليم، في توعية وتثقيف الأطفال بأخطار التقرب من الغرباء وأهمية إبلاغ الوالدين حال تعرضهم للتحرش سواء في المدرسة أو في المنزل، فضلاً عن ضرورة التواصل والتنسيق بين المدرسة والمنزل وتقييم ومراقبة سلوك الطالب.
وطالبت لوتاه تدريس الثقافة الجنسية في المدارس وتقديم حصص أسبوعية للطلاب من خلال تعريفهم بالسلوكيات والممارسات الجنسية الخاطئة على أن تكون الحصة تثقيفية تعليمية بحسب المرحلة العمرية للطلاب، مؤكدة أهمية وجود طبيب نفسي في المدرسة لمراقبة التغيرات النفسية الطارئة على الطلاب ومحاولة علاجها قبل تفاقمها.
وأكدت لوتاه أن «غياب الرقابة وتخلي الآباء عن تحمل مسؤولية أبنائهم يدفع بعضهم للانجراف وراء تيار الانحراف ويعرضهم للتحرش والاعتداء دون أن يعلموا ذويهم، خصوصاً في الحالات التي لا يتقرب فيها الآباء من أبنائهم وتنعدم الروابط الأسرية بينهم»، لافتة إلى أن «حالات كثيرة تعرضت لاعتداءات جنسية وتحرشات دون أن يتمكن الأطفال من الاعتراف بما حصل معهم بسبب الخوف أو انعدام الثقة بذويهم، منها تحرشات واعتداءات من أقارب وأخرى من غرباء».