ديون صغيرة تمنع مواطنين من السفر
دعا مواطنون إلى مرونة في التطبيقات القانونية التي تسمح بمنع المواطن من السفر، إذا كان مطلوباً على خلفية قضايا ترتبط بديون صغيرة، لا تشكل جرائم اقتصادية كبيرة، أو مساً كبيراً بحقـوق الآخـرين، في حين أكد قاضٍ جزائـي أن «حظر السفر إجراء لمنع هروب المَدين».
ووفقاً لوقائع قضايا، فإن مواطنين عدة مُنِعوا من السفر، وأُعيدوا من مطارات الدولة، ومنافذها الحدودية، بسبب وجود دعاوى مالية بحقهم، رفعها دائنون، وقالوا إن «المواطن لن يترك بلاده في نهاية الأمر بسبب مبالغ مالية لا تزيد على 20 ألف درهم، ومنعه من السفر يحرمه من حقوق أخرى لا تقل أهمية عن حق الدائن في ديونه».
وقال رئيس المحكمة الجزائية في دبي، القاضي أحمد إبراهيم سيف، إن «المنع بشكل عام بيد قاضي التنفيذ أو قاضي الموضوع، أي أن الأمر متعلق بقضاء يختص فيه قبل رفع الدعوى أو أثناءها، وهناك شروط يتوجّب توافرها لإصدار المنع، وهو أمر رسمي يصدر من المحكمة المدنية، بناء على أوراق من الدائن تثبت حقه في أموال بحوزة المَدين»، لافتاً إلى أن «المنع من السفر مبني على الخشية من هروب المدين، سواء أكان مواطناً أم أجنبياً»، على اعتبار أن «النص القانوني لا يفرق بين مواطن وأجنبي، وهو نص عام يخاطب المواطنين والمقيمين على أرض الدولة».
ورأى سيف أن «احتمال مغادرة الأجنبي الدولة وهربـه وارد، وهـو الأمر نفسـه بالنسبـة للمواطن»، مضيفاً أنه «من الممكن أن يغادر مواطن وعليه مئات الملايين من الدراهم الدولة، وينفق الأموال في الخارج ويقضي عشرات السنوات هناك، ما يترتب عليه ضياع أموال الدائن».
أما المحامي هارون تهلك، فقال إن «المشرّع ركزّ على قيام أمر المنع على الخشية من هروب المدين، لكن التطبيقات القضائية جاءت بخلاف ذلك»، مدللاً بقوله إن «نص المادة (329) من قانون الإجراءات المدنية أكد أنه إذا قامت أسباب جدية يخشى معها فرار المدين، فللقاضي إصدار أمر بمنعه من السفر»، شارحاً أن «هذا السبب يؤكد أنه لا يتوافق مع المواطن ويصعب تطبيقه عليه».
ورأى تهلك أن «المشرّع لا يفرق بين المواطن والأجنبي»، لكنه دعا إلى أن «يكون المنع بناء على أسباب جدية يخشى معها فرار المدين، أي أنه استثنى المواطن منها صراحةً، لأن مدى توافر الهروب لا ينطبق عليه وفق نص المادة السابقة نفسها».
ودعا تهلك إلى قراءة القانون بطريقة صحيحة، ذلك أن «أمر المنع من السفر هو إجراء احترازي لحماية حق، وعليه لا يمكن أن يُهدر حق آخر، وهو حق السفر والتنقل، باعتباره حقاً أصيلاً»، وضرب مثالاً على ذلك بأنه «لا يمكن أن يفقد مواطن مهمة سفر لعمل لأن منعاً من السفر صدر بحقه، وعليه يضيع حق له في الترقية أو التطوّر الوظيفي»، لافتاً إلى أنه «لا يجـوز منع المواطن من السفر لمبلـغ في ذمته يصل أحياناً إلى 30 ألف درهم»، متسائلاً: «هل يغادر المواطن بلده ليتهرب من دين؟».
واعتبر المحامي علي مصبح، أن «منع السفر يمنع المدين من تهريب الأموال التي بحوزته إلى خارج الدولة، والتي يتوجّب سدادها للدائن، كما أن عدم المنع قد يؤدي إلى احتمال مغادرة المواطن وعدم عودته إلى الدولة لسنوات طويلة، وتالياً ضياع حقوق الدائنين، علاوة على تعطيل سير الدعوى وتنفيذ الحكم».
يشار إلى أنه للقاضي في حال إصدار الأمر بالمنع من السفر أن يأمر بإيداع جواز سفر المدين في خزانة المحكمة، وتعميم الأمر بالمنع على جميع منافذ الدولة.