الجلاف: كل جريمة سرقة تكشـــف جنسية مرتكبها
قال نائب مدير الإدارة العامة للتحريات لشؤون الرقابة والإدارة في شرطة دبي المقدم جمال سالم الجلاف، لـ«الإمارات اليوم» إن أسلوب ارتكاب جريمة النشل يكشف جنسية السارق، مؤكداً انخفاض مؤشر جرائم النشل خلال الفترة الماضية من العام الجاري بنسبة 40٪، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وكشفت دراسة حديثة، أعدتها الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، عن أساليب جديدة في السرقات الخفيفة، أو النشل، ابتكرتها عصابات قادمة من دول مختلفة.
وشرح الجلاف أن بعض أساليب اللصوص، خصوصاً القادمين من دول إفريقية، يتخللها عنف وإكراه، وتعتمد على رصد عملاء البنوك، وتتبعهم، ومن ثم محاصرتهم، والاحتكاك بهم. ويصل الأمر في بعض الحالات إلى عرقلتهم وإسقاطهم أرضاً، أو الاعتداء عليهم قبل سرقتهم، والبعض الآخر يعتمد على الحيلة أو المغافلة، مشيراً إلى أن من بين الأساليب الجديدة لسرقة عملاء البنوك، قيام شخصين بأداء تمثيلية على الضحية من خلال صفع أحدهما الآخر وادعاء المضروب أنه مغمى عليه، فيتجه الضحية إليه لإنقاذه، فيما يغافله الآخر ويسرق أمواله.
وأكد أن شرطة دبي تنبهت إلى كثير من هذه الأساليب، وأعدت برامج وقائية مهمة، منها ما يستهدف الضحايا أنفسهم، سواء بالتوعية أم برصدهم وحمايتهم في حال التأكد من كونهم صيداً سهلاً للصوص، لافتاً إلى أن هناك إدارات استحدثت خصيصاً لهذا الغرض، مثل إدارة الحد من الجريمة.
وأوضح أن هذه البرامج أسهمت في خفض مؤشر جرائم النشل خلال الفترة الماضية من العام الجاري بنسبة 40٪ بواقع 28 بلاغاً، قبض فيها على 26 شخصاً، مقابل 43 بلاغاً في الفترة نفسها من العام الماضي، قبض فيها على 44 متهماً بارتكاب جرائم سرقات.
النشل يحدد قانون العقوبات النشل كجنحة وفق المادة «359»، فيما تصنف من ضمن السرقات البسيطة أو النهب. |
أساليب جديدة
تابع الجلاف أن هذه النوعية من الجرائم برزت على الساحة منذ نحو ثلاث سنوات، حين دخلت مجموعة من اللصوص بتأشيرات سياحية من دول في شرق إفريقيا وشمال الخليج ووسط آسيا، وشكلت خطراً مباشراً لمرتادي الأسواق والأماكن المزدحمة، إذ تخصصوا في جرائم السرقة بأساليب دخيلة على المجتمع.
وأكد أن الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية نفذت خطة مواجهة، واستطاعت الفرق الميدانية احتواء خطر هؤلاء اللصوص سريعاً، وقبضت على مئات منهم بعد رصد أساليبهم، وتحديد أماكنهم، ومقار إقامتهم، موضحا أن كل جريمة سرقة أصبحت لها الآن طبيعة محددة، تكشف جنسية مرتكبها، مثل البصمة.
وقال الجلاف، إن مرتكبي جرائم السرقة أصبحت لهم الآن أنماط مختلفة تؤكد احترافيتهم، منها مشاركة أكثر من متهم في الجريمة حسب أدوار محددة ينفذها كل منهم بمهارة.
وأضاف أنه من الملاحظ كذلك، عودة كثير من المجرمين بعد إبعادهم من الدولة، منتحلين أسماء أخرى، عبر منفذ بري بعد التسلل من إحدى دول الجوار. وهؤلاء يمثلون خطورة أكبر، لأنهم يكونون على دراية بالبلاد، ويصرون على تنفيذ جرائمهم.
وأشار إلى أن هؤلاء اللصوص يختارون ضحاياهم بعناية فائقة، ويتحينون الفرصة المناسبة للانقضاض عليهم وسرقتهم.
وحذر الجلاف من أساليب معينة يلجأ إليها اللصوص، منها محاصرة المجني عليه من قبل ثلاثة أشخاص، وسحب حافظته أو حقيبة الأموال، وإلقاؤها سريعاً إلى واحد منهم يكون عادة أسرع من الآخرين في الركض حتى يغادر المكان دون أن يلحق به أحد. وفي هذه الأثناء يشاغل الآخرون المجني عليه وتختفي الحافظة مع المجرم الهارب.
وتضمنت الدراسة الجنائية أساليب أخرى تنفذها تلك العصابات، منها استخدام النساء والأطفال في شغل انتباه الضحية، ومن ثم مغافلته، ومنها كذلك ملاحقة رواد مراكز التسوق وسرقة الحافظات، خصوصاً من النساء من عربات التسوق أثناء انشغالهن بالشراء.
وأشار الجلاف إلى أن هناك جرائم سجلت خلال الفترة الأخيرة تعكس تطور أساليب هؤلاء اللصوص، يعتمد بعضها على افتعال مواقف درامية مثل قيام لصين في دوار السمكة في منطقة ديرة بتحديد ضحيتهما، ومن ثم بادر أحدهما بصفع الآخر بقوة، ما أدى إلى ترنحه متألماً، فعانق المجني عليه، الذي تعاطف معه بسبب ما حدث، فيما سحب الآخر حافظة جلدية كانت في جيب الضحية بداخلها 27 ألف درهم، وفر كل منهما في اتجاه مختلف، قبل أن يفطن المجني عليه إلى تعرضه للسرقة.
وسجلت الإدارة العامة للتحريات خلال الأسبوع الماضي تعرض شخص للسرقة بطريقة مماثلة، بمبلغ 200 ألف درهم أثناء سيره في منطقة عود المطينة، وآخر سرق منه 31 ألف درهم أثناء تبضعه من متجر في منطقة الشندغة، وثالث تعرض للسرقة أثناء تسوقه في مركز برجمان التجاري.
وأوضح الجلاف أن الحالات السابقة تكشف لأفراد المجتمع أن هؤلاء اللصوص ينشطون عادة في المناطق التجارية، ويستهدفون الأشخاص الذين لا ينتبهون جيداً إلى حقائبهم أو حافظاتهم، محذراً من حمل مبالغ كبيرة والسير بها مسافات طويلة، أو تركها في السيارة دون تأمينها جيدا.
ولفت إلى أن الدراسة كشفت جانباً مهماً في أساليب هؤلاء اللصوص، يتمثل في إلمام غالبيتهم بإجراءات الضبط واشتراطات قانون الإجراءات، الذي ينص على ضرورة وجود المال المسروق، وعدم اعتماد أقوال الشاهد إلا في حال إمساكه بالمتهم في حينها.
تحديد المتهم
أوضح أن سيناريو الخطة التي ينفذها الجناة عادة يعتمد على تشتيت فكر المجني عليه في تحديد المتهم الحقيقي في ظل عدم وجود مسروقات، ويعملون على تثبيت ادعاء بأنهم كانوا يحاولون مساعدته وليس سرقته معتمدين على هذا السيناريو للإفلات من العقوبة، خصوصاً في ظل درايتهم التامة بأن النيابة قد تقرر حفظ القضية وإخلاء سبيلهم إذا استطاعوا التشكيك في أقوال المجني عليه والشهود، مؤكداً أن بعض اللصوص تمرسوا على ذلك.
وأكد الجلاف أن شرطة دبي ضربت بقوة على أيدي اللصوص الذين اعتادوا على ارتكاب جرائم سرقة مقترنة بالعنف والإكراه والتهديد بالسلاح الأبيض، وقبضت على عدد كبير منهم، وصدرت ضدهم أحكام رادعة، وتم إبعاد عدد منهم.
وأشار إلى أن الدراسة انتهت إلى توصيات عدة اهتمت بها إدارات الشرطة المختلفة، منها الاهتمام بالجانب التوعوي، ويشمل نشر كتيب دليل السائح الذي أصدرته إدارة الأمن السياحي لإرشاد الزائرين بطريقة مناسبة حول سبل حماية أنفسهم من اللصوص، وفي الوقت ذاته رصد هؤلاء الزائرين جيداً لضبط اللصوص الذين يتسربون من بينهم.
وأوضح الجلاف أن الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية نظمت حملات توعية تستهدف الجمهور ورصدت تجاوباً فعلياً أسهم في خفض مؤشر تلك البلاغات وغيرها من الجرائم التي تحدث نتيجة إهمال الضحية، مثل عدم تأمين عملاء البنوك جيداً من جانب الشركات التي ترسلهم لنقل أموال كبيرة نقداً، أو ترك بضائع مكشوفة للجميع دون تأمينها بما يكفي.
ولفت إلى أن هناك أموراً مهمة يجب أن يلتزم بها أفراد المجتمع، منها اتخاذ الحذر في الأماكن المزدحمة، ووسائل النقل العامة، والمراكز التجارية، وعدم ترك أغراضهم على الشاطئ والنزول إلى السباحة، لأن بعض اللصوص يتحينون الفرصة، ويسرقونها، وكذلك عدم الاستجابة لأي شخص يحاول إنزال مرتاد البنك من سيارته عقب سحب الأموال، لأن هذا أسلوب معروف للسرقة.
لمشاهدة الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط .