مشعوذون يوهمون ضحايــاهم بإنــزال أمـوال من السماء
سجلت إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، حالات لمشعوذين حاولوا الاحتيال على ضحاياهم بأساليب غريبة، منها إقناعهم بقدرتهم على تسخير الجن لإسقاط الأموال من السماء أو من سقف المنزل، أو إخراجها من تحت الأرض.
وشملت الحالات المسجلة خلال العام الماضي واقعة مشعوذ أقنع ضحاياه بقدرته على تسخير الجن لتسيير طائرات تطلق فقاعات على السحب فتُنزل أموالاً من السماء فوق مناطق معينة في دبي، واستطاع خداع أشخاص من خارج الدولة، والحصول على أموال منهم بدعوى استثمارها لهم في شراكته مع الجن.
وقال مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية العميد خليل ابراهيم المنصوري، إن «التطور العلمي والتقني في جميع المجالات لم يحل حتى الآن دون وقوع أشخاص في فخ محتالين ومشعوذين يستخدمون أساليب لا يمكن أن يتقبلها عقل، مثل مشعوذ يجمع ضحاياه في غرفة ويطلق دخاناً، مستخدماً طريقة خداعية لإنزال نقود من سقف الغرفة، ما يثير انبهارهم لتصديقه».
وأضاف المنصوري أن ضحايا مثل هذه الجرائم يحركهم الطمع غالباً فيقعون دون تفكير في فخ المحتالين، مستدركاً بأن الضحية كان يتعين أن يفكر جيداً قبل تقديم أمواله طواعية، ليدرك سبب لجوء المشعوذ إليه إذا كان يستطيع تسخير الجن في جلب ملايين الدراهم، كما يدعي، لأن من الأولى أن يحتفظ المشعوذ بهذه الأموال لنفسه.
وأشار المنصوري إلى أن هناك في المقابل تجاوباً من أفراد المجتمع، وقدرة على تمييز المحتالين، لافتاً إلى أن «مواطنة ومواطناً أسهما في ضبط مشعوذين من خلال إبلاغ الشرطة، واستدراجهما لكمائن، بالتعاون مع إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية»، مؤكداً أنه سيتم تكريمهما لتشجيع غيرهما من أفراد المجتمع على إحباط هذه الجرائم.
وسجلت إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية زيادة واضحة في عدد قضايا الشعوذة خلال العام الماضي، بواقع 11 قضية، مقابل خمس قضايا فقط في عام ،2009 فيما وصل إجمالي قضايا الاحتيال في عام 2010 إلى نحو 121 قضية، شملت مضاعفة أموال وأساليب أخرى من الاحتيال.
وقال مدير إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية الرائد صلاح جمعة بوعصيبة، إن «لجوء أفراد المجتمع إلى المشعوذين يحدث عادة عند الإصابة بأمراض معينة»، لافتاً إلى أن هؤلاء المحتالين لديهم قدرات خاصة لإقناع ضحاياهم بقدرتهم على تسخير الجن لعلاج الأمراض المستعصية، ويتمسك المريض أحياناً بقشة لإنهاء معاناته، غير مدرك أنه يتعرض لعملية احتيال غير إنسانية. وأضاف أن «المحتالين يحرصون دائماً على ابتكار أساليب جديدة لتضليل المجتمع وتجنب الوقوع تحت طائلة القانون»، لافتا إلى أن «من الظواهر الجديدة التي استحدثت العام الماضي ادعاء بعض المحتالين قدرتهم على استخراج الذهب، بمساعدة الجن مقابل مبالغ مالية».
وتابع أن «من بين هذه الأساليب كذلك محاولة محتالين بيع بودرة نحاس باعتبارها ذهباً، ويعطون الضحية عينة أصلية لفحصها في السوق، ويتأكد فعلياً أنها ذهب ومن ثم يغرونه بالحصول على كمية كبرى بسعر أقل كثيراً عن السوق، فيطمع ويشتري منهم، وحين يفحصها مجدداً يكتشف أنها بودرة نحاس».
وأشار بوعصيبة إلى أن «جرائم مضاعفة الأموال لاتزال تحدث، رغم أنها تعد من الجرائم التي عفا عليها الزمن، وباتت معروفة للجميع، لأنها تنفذ بأسلوب واحد هو طلاء الأوراق النقدية بمادة سوداء، وإيهام الضحايا بوجود محلول يزيل هذه المادة، ويطلبون منهم كلفة هذا المحلول»، لافتا إلى تسجيل 25 قضية مضاعفة أموال خلال العام الماضي.
وأوضح أن «من بين الأساليب كذلك قيام محتالين بانتحال صفة رجال أعمال، والاتصال بشركات عالمية كبرى خارج الدولة لطلب شراء كميات كبرى من البضائع، ويرسل إلى الشركة شيكاً مؤجلاً يتضمن مبلغاً أكثر من المتفق عليه، وتالياً يعاود الاتصال مجدداً بالشركة، ويبلغها أنه أخطأ في تحرير الشيك، ويطلب رد المبلغ الزائد إلى حسابه، فتستجيب الشركة بحسن نية، وحين تتوجه لسحب قيمة الشيك تجده من دون رصيد.
وتابع بوعصيبة أن مزيفي الأموال أنفسهم باتوا يستخدمون أساليب احتيال مبتكرة لترويج نقودهم المزيفة، بعضها يكون طريفاً، مثل شخص كتب على الأوراق المالية التي بحوزته أنها مزيفة ليخبر رجال الشرطة بأنه لا ينوي ترويجها، بدليل كتابة ذلك عليها، وأنه يحملها على سبيل التجربة فقط.وأشار إلى أن تزييف العملة يتفاوت حسب الطريقة، فهناك عصابات تزيف نقوداً بطريقة متقنة لا يمكن الكشف عنها بالعين المجردة، وفئة من المزيفين العاديين يستخدمون مواد أولية رخيصة الثمن، ما يسهّل من كشف تزييف العملة التي يروجونها.