تحرير شيك الضمان دون مقابل جريمة

المحكمة لا تنظر في بواعث توقيع الشيك. تصوير: مصطفى قاسمي

رفضت المحكمة الاتحادية العليا طعنين ضد حكمين منفصلين، أدانا متهمين في جريمتي إعطاء شيك ليس له مقابل وفاء، ورفضت دفاع المتهمين بأنهما أعطيا الشيكين على سبيل الضمان وليس للصرف، مؤكدة في حيثيات الحكمين أن جريمة إعطاء شيك دون رصيد تتحقق متى أعطى شيكا لا يقابله رصيد، وان تحرير الشيك بغرض الضمان لا يؤثر في قيام الجريمة.

وكانت النيابة العامة قد أسندت في القضية الأولى إلى متهم أنه أعطى بسوء نية شيكا للشاكي بقيمة اجمالية قدرها 100 ألف درهم، ليس له مقابل وفاء كاف قائم وقابل للسحب، وطلبت معاقبته.

وقضت محكمة أول درجة غيابيا بحبس المتهم سنة واحدة، فعارض الحكم، وقضت محكمة المعارضة بتعديل الحكم ومعاقبة المتهم بالحبس شهرين. ولم يجد الحكم قبولاً لدى المتهم فاستأنفه، وقضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم إلى تغريم المتهم مبلغ 2000 درهم عن التهمة المسندة إليه، ولم يرتض بهذا الحكم فطعن بالنقض على سند أن الحكم دانه على الرغم من انتفاء القصد الجنائي، إذ لم يكن القصد من تحريره للشيك تقديمه للبنك لصرفه، وإنما كان تحريره للضمان. كما أن المحكمة لم تستجب لطلبه سماع شهادة الشهود ولم ترد على الطلب، ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. ورفضت المحكمة الاتحادية العليا هذا الطعن، موضحة أن جريمة إعطاء شيك دون رصيد تتحقق متى أعطي الشاكي شيكا لا يقابله رصيد، أو أعطي شيكا له مقابل ثم أمر بعدم السحب، أو سُحب الرصيد كله، أو سُحب من الرصيد مبلغ يصبح الباقي غير كافٍ للوفاء بقيمة الشيك، والقصد الجنائي في هذه الجريمة هو القصد الجنائي العام الذي يكفي فيه علم من أصدره بأنه إنما يعطل الوفاء بقيمة الشيك الذي أصدره، ولا يستلزم فيها قصد جنائي خاص، وأن مراد المشرع من العقاب هو حماية الشيك في التداول وقبوله في المعاملات، على اعتبار أن الوفاء به كالنقود سواء بسواء، ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دفعته لإصداره، لأنه من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسؤولية الجنائية.

وأسندت النيابة العامة في القضية الثانية إلى متهم أنه أعطى بسوء نية شيكاً بمبلغ 100 الف درهم ليس له مقابل وفاء كاف قائم وقابل للسحب، وطلبت معاقبته.

وقضت المحكمة الابتدائية حضوريا بتغريم المتهم 5000 درهم، وأيدت الحكم محكمة الاستئناف، ولم يرتض المتهم بهذا الحكم، فطعن عليه بالنقض، على سند أن المحكمة دانته على الرغم من عدم توافر أركان الجريمة، إذ إنه لم يطرح الشيك للتداول، وقد خان المستفيد الأمانة لما دون بالشيك الممضي على بياض مبلغاً يتجاوز المتفق عليه، وهو ما يعد تزويراً في مفهوم الفقرة 5 من المادة 216 من قانون العقوبات، وعلى الرغم من تمسكه بهذه الدفوع، فإن المحكمة لم تناقشها، ما يعيب الحكم، وطلب لذلك النقض مع الاحالة.

ورفضت هيئة المحكمة طعن المتهم، مؤكدة أن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ السحب، ولا عبرة بالأسباب التي دعت إلى إصدار الشيك.

تويتر