في اصطدام تتابعي قرب السمحة بسبب الضباب.. و«الأرصاد» يدعو الـسائقين إلى الحذر

وفاة شخص وإصابـة 61 في تصادم 127 مركبة

دوريات الشرطة أزالت آثار الحادث خلال ساعتين. من المصدر

توفي شخص من جنسية دولة آسيوية، وأصيب 61 شخصاً من جنسيات عدة بإصابات متفاوتة، في حادث تصادم جماعي وقع بين 127 مركبة، صباح أمس، في منطقة السمحة، على الطريق السريع بين أبوظبي ودبي.

ونقل الضحايا إلى مستشفيات الرحبة والمفرق وخليفة لتلقي الإسعافات التي يحتاجون إليها، فيما رجحت مصادر شرطية أن يكون المتسبب الرئيس للحادث شخصاً كان يقود مركبته بسرعة عالية في وقت تشكّل الضباب، ما عرضه لحادث صدم أولي مع مركبات أخرى كانت تسير ببطء في الاتجاه ذاته، وتمت عملية التصادم بين المركبات الأخرى تباعاً.

المسؤولية جماعية

قالت نائب مدير هيئة التأمين فاطمة اسحق العوضي، إن المسؤولية في الحادث جماعية، تتحملها شركات التأمين كافة، إذ يتوجب عليها تغطية الخسائر البشرية والمادية التي نجمت عن الحادث.

وأضافت أن تقدير هذه المبالغ يعتمد على تقارير الشرطة في تحديد المتسبب والمتضرر.

ودعت العوضي شركات التأمين إلى الإسراع في سداد التعويضات للضحايا، وأخذ سوء الأحوال الجوية في الاعتبار، بوصفها عاملاً رئيساً في وقوع الحادث.

أما الأشخاص الذين لم يؤمنوا سياراتهم بشكل كامل، فيستحمّلون خسائرهم بأنفسهم.


«ضباب غنتوت»

أعاد الحادث إلى الأذهان حادث «غنتوت»، الذي وقع على طريق أبوظبي ـ دبي في مارس ،2008 ووصفه شهود عيان ومسؤولون بأنه أكبر كارثة مرورية تشهدها الدولة على الإطلاق، من حيث حجم الخسائر البشرية وعدد المركبات المتصادمة، إذ أسفر عن وفاة أربعة أشخاص، بينهم شرطي، وإصابة 347 شخصاً.

وأشارت دلائل حادث ضباب غنتوت، في ذلك الوقت، إلى وقوع تصادم بين مركبتين على الأقل، وانحرافهما بعد التصادم، ما نتج عنه توالي التصادمات على الطريق، وأسهم في ذلك عوامل الضباب وانعدام الرؤية وتطاير الزيوت على الرصيف.

وقدرت الخسائر المالية التي تكبدتها شركات التأمين من جراء الحادث بنحو 100 مليون درهم.

وأكد مصابون في مستشفى الرحبة لـ«الإمارات اليوم» أنهم فوجئوا بـ«سقوط الضباب على الطريق»، كما فوجئوا بمستوى كثافته «الذي أخذ يتضاعف بسرعة، حتى لم تعد الرؤية الأفقية ممكنة»، فيما دعا المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل إلى توخي الحذر أثناء القيادة أثناء الضباب، وقال إن حالة الطقس مستقرة، لكنه لم يستبعد تشكل الضباب على بعض المناطق.

وتفصيلاً، قال مدير مديرية المرور والدوريات في شرطة أبوظبي، العميد المهندس حسين أحمد الحارثي، إن المديرية تلقت بلاغاً من غرفة العمليات عند السابعة و59 دقيقة صباحاً، يفيد بوقوع حادث مروري على الشارع الرئيس في منطقة السمحة في أبوظبي، باتجاه دبي، عند الكيلومتر ،91 لتصل أولى دوريات المرور بعد خمس دقائق إلى الموقع، وتبدأ على الفور تنفيذ خطة المديرية في مثل هذه الحوادث، بتحويل الحركة المرورية من موقع الحادث، وتأمين خط مروري لسير سيارات الإسعاف، ونقل المركبات المتضررة، وتأمين حافلات لنقل الجمهور من المتسببين والمتضررين نتيجة الحادث.

وذكر أنه تمّ تجهيز منطقة تجمع خارج الطريق في الموقع، تلافياً لحوادث الدهس أو حالات الإغماء، مع توفير الماء والمرطبات للجمهور.

وأبلغت المديرة الطبية في مستشفى الرحبة الدكتورة نييلي شوري «الإمارات اليوم»، بأن المستشفى بدأ استقبال الدفعة الأولى من المصابين في الثامنة و40 دقيقة صباحاً، إذ وصل إلى قسم الطوارئ 52 مصاباً، تنوعت إصاباتهم بين 29 إصابة خفيفة، وسطحية، و14 إصابة متوسطة، وتسع إصابات حرجة، من بينها شخصان حالتهما خطرة، أجريت لهما عملية جراحية وأدخلا العناية المركزة.

وأضافت شوري أن معظم الإصابات وقعت في منطقة الرأس والرقبة والقدمين، نتيجة لاصطدام عنيف حدث بين المركبات، إضافة إلى إصابة كثير من الحالات بكسور ورضوض وتهتك في العظام ونزيف في منطقة الوجه والفكين، وفي مناطق مختلفة من الجسم. وهرع أقارب الضحايا إلى المستشفى للاطمئنان على أوضاعهم الصحية، خصوصاً أن معظمهم ممن يستخدم طريق أبوظبي ـ دبي يومياً.

وكانت مناطق متفرقة قد شهدت في الساعات الأولى من صباح أمس ضباباً كثيفاً، لم ترافقه تحذيرات كافية من الجهات المعنية، وفقاً لسائقين ومصابين، إذ قال أحدهم إن نشرة الطقس لم تتضمن تحذيراً كافياً من تشكل الضباب.

وقال المواطن وليد راشد، إنه كان يستقل سيارته مع صديق له، عائدين من أبوظبي بعدما أنهيا عملهما ليلاً، عندما اصطدم بسيارة أخرى وتعرض لإصابات خفيفة، فيما تعرض صديقه لإصابات بليغة، وتابع أن الضباب نزل فجأة على الطريق، وانخفض معه مستوى الرؤية، حتى أصبح من الصعب تفادي المركبات المتوقفة على الطريق.

وأكد المواطن محمد تركي أن مستوى الرؤية كان متوسطاً صباح أمس، وزادت كثافة الضباب في الثامنة تقريباً، لافتاً إلى أن معظم المركبات كانت تقود بسرعة 100 كيلومتر في الساعة تقريباً، وهو ما أدى، في تقديره، إلى وقوع التصادم المتتابع بين عشرات المركبات، نتيجة اصطدام أوليّ في منطقة السمحة. وقال شهود عيان للصحيفة إن حادث التصادم وقع في الثامنة تقريباً بين مركبتين على الأقل، في البداية، بسبب كثافة الضباب، ونتيجة السرعة الزائدة لم ينتبه سائقو المركبات المقبلة للحادث، فبدأ التصادم المتتابع بين عشرات المركبات على الطريق السريع. وقالوا إن بعض السائقين يتعمدون القيادة بسرعة عالية أثناء الضباب، رغبة منهم في اللحاق بأماكن أعمالهم في فترة الصباح من دون تأخير، وهو ما أسهم في وقوع هذا العدد الكبير من التصادم، داعين إلى ضرورة أن يكون هناك قانون يعفي العامل أو الموظف من عقوبة التأخر عن موعد الدوام الرسمي أثناء الضباب وسوء الأحوال الجوية.

وقال مصاب آخر، إنه فوجئ بكثافة الضباب على الطريق، إلى درجة أنه لم يستطع تلافي المركبات الأخرى، على الرغم من أنه لم يكن يقود سيارته بسرعة عالية.

وجدد مركز الأرصاد الجوية مطالبته السائقين بأخذ الحيطة، خصوصاً في مناطق الضباب التي تقل فيها الرؤية، مشدداً على ضرورة تخفيف السرعات على الطرق السريعة.

وأفاد الحارثي بأن الشرطة اتخذت كثيراً من التدابير الميدانية والوقائية والاحترازية، لضمان عدم وقوع مزيد من الحوادث والإصابات، بسبب انخفاض مستوى الرؤية الأفقية، إذ نظمت الحركة المرورية إلى حين إزالة المخلفات، فيما باشرت فرق الإسعاف والإنقاذ نقل المصابين، بعد تأمين حركتها مرورياً من وإلى المستشفيات. كما تم تأمين حافلات لنقل الجمهور غير المصاب من موقع الحادث، بالتزامن مع إحضار آليات أخرى لسحب وإخلاء المركبات المتضررة.

وعزا الحارثي الأسباب المبدئية للحادث إلى عدم ترك مسافة كافية بين المركبات، مرجحاً أن يكون المتسبب الرئيس للحادث سائقاً كان يقود مركبته بسرعة عالية وقت تشكّل الضباب.

وأكد استعداد فريق إدارة الأزمات المرورية والدوريات لحالات تشكّل الضباب على مدار الساعة في مثل هذه الأوقات، حيث يتم التنسيق والتعاون مع الجهات المعنية لتنبيه وتحذير الجمهور ومستخدمي الطريق. وشدّد الحارثي على ضرورة تقيّد السائقين بترك مسافة أمان كافية، وعدم تجاوز المركبات الأخرى، والتقليل من سرعة مركباتهم تدريجياً أثناء تشكّل الضباب، ومواصلة القيادة بحذر بالسرعة التي تناسب الظروف المحيطة، واستخدام أضواء المصابيح المنخفضة في المركبة.

من جانبه، أكد مدير عام العمليات الشرطية في شرطة أبوظبي، اللواء محمد بن العوضي المنهالي، سيطرة الفرق المشاركة على الآثار الناجمة عن الحادث، إذ تمكنت من إعادة الطريق إلى حالته الطبيعية في غضون ساعتين فقط، الأمر الذي حال دون تفاقم الأوضاع.

وأعرب المنهالي عن أسفه لوقوع تلك الإصابات والخسائر، على الرغم من الرسائل التحذيرية المتكررة التي تبثها الشرطة في مختلف الوسائل، لتوعية الجمهور بلغات عدة، وتوجيههم لضرورة توخي الانتباه والحذر أثناء تشكل الضباب، فضلاً عن حثهم الدائم على تهدئة السرعة والالتزام بترك مسافة كافية بين المركبات، إذ سبق أن أطلقت حملة إعلامية خاصة بهذا الشأن، حملت شعار «اترك مسافة قبل الحسافة».

وفور ورود بلاغ الحادث، تولى فريق الأزمات برئاسة العقيد خميس المرر مهام المتابعة والتنسيق مع القطاعات المعنية، عبر النقل المباشر لجناح الجو وتصويره الحراري، فيما تحركت أكثر من 100 آلية تتبع شرطة أبوظبي، تساندها 17 آلية شاركت فيها القوات المسلحة وشرطة دبي والدفاع المدني والصحة ومستشفيات الرحبة والمفرق وخليفة والنور ودائرة النقل و«ساعد». ونجحت دوريات مديرية المرور والدوريات في شرطة أبوظبي في تأمين الحركة المرورية، ومنع وقوع حوادث أخرى، من خلال قطع الطريق من جسر الطويلة إلى مكان الحادث بطول كيلومترين، كما تم قص الحاجز الحديدي على جانب الطريق، بوساطة دوريات (بركان) التابعة لإدارة الطوارئ والسلامة العامة في شرطة أبوظبي، وإخراج المركبات المتضررة خارج الطريق، ما سهل عملية إعادة انسيابية الحركة المرورية لاحقاً.

تويتر