«النقض»: التحقيق والإنذار شرطا حرمان «المُقال» من مستحقاته
كشفت حيثيات حكم لمحكمة النقض في أبوظبي، في القضية رقم 454 لسنة ،2010 ضرورة أن تجري الشركة التي يرتكب أحد عمالها مخالفة تؤدي إلى إنهاء خدماته، تحقيقاً كتابياً مع العامل حول المخالفات التي ارتكبها، مع توجيه إنذار مكتوب له لعدم تكرار هذه المخالفات مرة أخرى، وذلك قبل إنهاء خدماته من الشركة بشكل فعلي، وذلك شرطا لحرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة وبدل الإنذار الذي يقره قانون العمل ضمن مستحقات العامل.
وكانت شركة خاصة في أبوظبي أنهت خدمات موظفة وسحبت منها السكن بعد أن ثبت ارتكابها مخالفات للقانون والآداب العامة، وامتنعت عن دفع مكافأة نهاية الخدمة أو بدل الإنذار النقدي لها، بحجة أنها ارتكبت مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في المادة 120 من قانون العمل الاتحادي رقم 8 لسنة .1980
ورفعت الموظفة دعوى أمام المحكمة العمالية تطالب بتعويض 200 ألف درهم عن الأضرار النفسية والأدبية الناجمة عن فصلها، و250 ألف درهم بدل سكن نتيجة طردها من سكنها دون تسليم مستحقاتها، إضافة إلى مبلغ 28 ألف درهم تعويضا عن الفصل التعسفي، و9500 درهم بدل شهر إنذار، و9500 درهم راتب شهر متأخر، و15 ألف درهم بدل مكافأة نهاية الخدمة، أي ما يصل مجموعه إلى نحو 540 ألف درهم، إلا أن محكمة أول درجة قضت بإلزام الشركة بأن تؤدي للموظفة مبلغ 38 ألف درهم فقط، بالإضافة إلى بدل سكن قدره 4000 درهم شهريا اعتبارا من تاريخ فصلها في الأول من مارس ،2009 وحتى يتم تسليمها المستحقات المقضي بها، وفي الاستئناف قضت المحكمة بتعديل الحكم بجعل تاريخ استحقاق بدل السكن من 16 مارس .2009
وهو ما دعا الشركة للطعن على الحكم بطريق النقض مدعية أن الحكم السابق أخطأ عندما اعتبر أن على الشركة إيداع مستحقات المطعون ضدها في خزينة وزارة العمل بناء على طلب الموظفة طبقا للمادة 131 مكرر من قانون العمل، لأن الثابت من الأوراق أن الموظفة لم تلجأ أصلا إلى وزارة العمل لتحديد مستحقاتها التي يجب على الشركة إيداعها، كما أن الموظفة لم تجبر على ترك السكن، وإنما تركته دون تهديد أو إجبار بعد أن ثبت ارتكابها مخـالفات للقانون والآداب العامة، كما أن تقدير المحكمة لبدل السكن جاء جزافيا ودون بيان أي أساس له.
واعتبرت «النقض» هذا النعي في محله، وأفادت بأن أحقية العامل في البقاء في السكن حتى يحصل على مستحقاته من المنشأة يقتصر على الحالات التي يوفر فيها صاحب العمل المسكن للعامل ولا يمتد إلى البدل النقدي للسكن، وبما أن الموظفة تركت السكن الذي كانت توفره الشركة فإنها بذلك لا تستحق بدلا نقديا عنه، كما وافقت محكمة النقض على نعي الشركة بعدم أحقية الموظفة في راتب شهر فبراير لأنها قدمت ما يفيد بأنها سلمته لها، وكذلك الحال بالنسبة لبدل الإجازة حيث قدمت الشركة ما يثبت أن الموظفة حصلت على إجازتها عن السنة الأخيرة ولم يتبق لها سوى أربعة أيام فقط.
فيما رفضت المحكمة مطالبة الشركة بحرمان الموظفة من بدل الإنذار ومكافأة نهاية الخدمة وقالت في حكمها إن المادة 139 من قانون تنظيم علاقات العمل تقضي بأن العامل يحرم من مكافأة نهاية الخدمة لأحد الأسباب المبينة في المادة 120 أو إذا ترك العمل لتفادي فصله وفقا لأحكام هذه المادة، أو إذا ترك العمل مختارا ودون إنذار في الحالتين المنصوص عليهما في المادة 121 من هذا القانون، بالنسبة للعقود غير المحددة المدة، وأنه يجوز لصاحب العمل فصل العامل دون إنذار وفقا للمادة 120 إذا لم يقم العامل بواجباته الأساسية وفقا لعقد العمل واستمر في إخلاله بها على الرغم من إجراء تحقيق كتابي معه لهذا السبب والتنبيه عليه بالفصل إذا تكرر منه نفس الخطأ، ما يدل على أن العامل لا يرحم من مكافأة نهاية الخدمة وبدل الإنذار إلا إذا أثبت صاحب العمل إخلال العامل وقيامه بالتحقيق الكتابي والإنذار، وهو ما لم يقع في هذه الحالة، حيث أجرت الشركة تحقيقا كتابيا مع الموظفة إلا أنها لم تنذرها بالفصل، والهدف من الإنذار هو منح العامل فرصة أخرى لتفادي أخطائه في مباشرة واجباته في العمل والاستمرار فيه، وبالتالي فإن الموظفة في هذه الحالة تستحق بدل الإنذار ومكافأة نهاية الخدمة.