إدمان الخمر يسقط حق أب في حضانة أولاده
أكدت المحكمة الاتحادية العليا أن «الحاضن سيئ السيرة لا يكون أهلاً للحضانة، ولا يؤمّن على أطفاله، إذ إن الصغير يقلد من يلازمه، وينسج على منواله»، مبينة أن «مصلحة المحضون مقدمة شرعاً على مراعاة حقّ الحاضن في الحضانة، ولو أدّى ذلك إلى بقاء المحضون عند الأم بعد انتهاء سن الحضانة».
وأسقطت في دعوى أحوال شخصية حضانة أربعة أطفال عن أبيهم، في ضوء ما ثبت لديها من أنه شارب للخمر، وغير أمين على تربيتهم. وكان الأب قد أقام دعوى أحوال شخصية، يطلب فيها تسليمه أطفاله الأربعة من زوجته، للسفر بهم إلى العراق، بسبب وجود خلافات بينه وبينها، إضافة إلى قلة دخله في الدولة، وتحسن الظروف الأمنية في بلده، ورغبته في الرجوع إلى وطنه. وقضت محكمة أول درجة بطلبه، وأيدتها محكمة الاستئناف. ولم ترتضِ أمّ الأطفال بهذا الحكم، فطعنت عليه أمام المحكمة الاتحادية العليا، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها تفويض المحكمة.
وشرحت الأم في دعواها أن زوجها فاقد الأمانة، إذ إنه مدمن خمر، وقد حكم عليه جنائياً في حدّ شرب الخمر، ومن ثم فلا يكون أميناً على حضانة الأولاد، خصوصاً أن معظمهم من البنات، ولا يمكن توقع ما قد يحدث لهنّ من شارب الخمر. ولما كانت العبرة في أحكام الحضانة هي مصلحة المحضون، وقضى حكم الاستئناف بتسليم الأولاد له، فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وأيدت المحكمة الاتحادية العليا في جلستها برئاسة القاضي فلاح الهاجري، وعضوية القاضيين رانفي محمد إبراهيم وأحمد عبدالحميد حامد، طعن الأم، مسقطة حضانة البنات عن الأب.
وأوضحت المحكمة في الحيثيات أن النص في الفقرة الثالثة من المادة (143) من قانون الأحوال الشخصية ذكرت أنه يشترط في الحاضن الأمانة. وجاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون، أنه «من ليست له أمانة، فكيف يؤتمن على مصلحة المحضون نفسه وجسمه وأدبه وخلقه ودينه؟ فمن كان سيئ السيرة، بحيث لا يؤمن على أخلاق المحضون، فلا يكون أهلاً للحضانة، إذ إن الصغير يقلد من يلازمه، وينسج على منواله، وأنه إذا أدى الفسق إلى الإضرار بمصلحة الطفل فينزع منه حينئذ، إذ إن الحضانة يراعى فيها حق المحضون قبل حق الحاضن». وأكدت أن الثابت من الأوراق أن الأب شارب الخمر، وقد أقيمت عليه دعوى جزائية، وهو مسلم بالغ عاقل، شرب الخمر من دون ضرورة شرعية تبيح له ذلك، وقد قضت المحكمة بمعاقبته بجلده 80 جلدة، حداً عن هذا الاتهام، وقد تأيد هذا الحكم في الاستئناف، ومن ثم فقد الأب بهذا الحكم الجزائي أمانته، ولا يكون صالحاً لأن يتولى حضانة المحضونين. ولما كانت مصلحة المحضون مقدمة شرعاً على مراعاة حق الحاضن في الحضانة، ولو أدى ذلك إلى بقاء المحضون عند الأم بعد انتهاء سن الحضانة، إعمالاً لحكم المادة (156) من قانون الأحوال الشخصية. وإذ خالف حكم الاستئناف هذا النظر، وقضى بتسليم الأولاد للأب، فإنه يكون معيباً بمخالفة الشرع والقانون بما يوجب نقضه.