بعد تزايد حوادث سقوط الأطفال من شرفات ونوافذ المنازل
«دفاع مدني الشارقة» يراجع مواصــفات أمن وسلامة البنايات
قال مدير عام الإدارة العامة للدفاع المدني في الشارقة، العميد عبدالله السويدي، إن «الإدارة تراجع حالياً مواصفات الأمن والسلامة في البنايات، بغرض جعلها مواصفات قياسية يلتزم بها كل المقاولين، بما يؤدي إلى تقليل حوادث سقوط الأطفال من الشرفات، التي أظهرت الدراسات أخيراً أن تصاميم هذه الشرفات تعد المسبب الرئيس في هذه الحوادث».
وأشار إلى ان الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، أصدر توجيهات بمراجعة المواصفات العامة للمباني، وتقوم اللجنة العليا لحماية الطفل في وزارة الداخلية حالياً بمراجعة مواصفات السلامة العامة في المباني، والأخذ بأفضل الاشتراطات وفق أفضل الممارسات العالمية لحماية الأطفال من السقوط من نوافذ وشرفات الشقق السكنية.
وأكد السويدي لـ «الإمارات اليوم»، أن المباني في الشارقة تخضع لشروط الأمن والسلامة وعلو الشرفة بحسب المقاييس التي تتبعها الدولة، داعياً الأسر إلى «مراقبة ومتابعة أطفالها لحمايتهم من حوادث السقوط من الشرفات أو النوافذ»، موضحاً أنه «مهما وضعنا من وسائل حماية، لن تنجح دون الشريك الأهم في هذه المعادلة وهم الآباء كونهم العنصر الأول في حمايتهم».
حادث «تراجيدي» تحدث أحد المفجوعين بسقوط طفلته من شرفة المنزل، عن تجربته الخاصة في فقدان طفلته (ثلاث سنوات وثمانية أشهر)، في إحدى حلقات برنامج أمان يا بلادي الذي تبثه إذاعة الشارقة، مؤكداً أنه «احساس مؤلم وفظيع أن تفقد فلذة كبدك بهذا الشكل التراجيدي». ودعا الآباء الى «إحكام الرقابة على أطفالهم وعدم اغفالهم لحظة واحدة، فالطفل فضولي لا يعرف معنى الخوف أو الخطر، وهنا تكمن المشكلة». وفي مداخلة لوالد احد ضحايا السقوط من الشرفات، في الحلقة نفسها، تحدث عن «مخارج الطوارئ التي لا تكون جاهزة لحالات الطوارئ»، داعياً إلى إجراء تفتيش دوري عليها. |
وأضاف أن الإدارة تعطي أولوية قصوى للجانب التوعوي الإرشادي الخاص بسلامة الأطفال من مخاطر حوادث السقوط من النوافذ، الأمر الذي يتطلب زيادة الوعي والمسؤولية لدى الأهل، مؤكداً أن التحدي يكبر بوجود جنسيات مختلفة، ما يتطلب منا بذل جهود مضاعفة في هذا الإطار، مناشداً الآباء باتباع سبل وطرق الوقاية والسلامة على أعلى مستوى.
وشدد على «ضرورة توافر الجهود بين مختلف المؤسسات والأفراد في المجتمع، لحماية الأطفال من حوادث السقوط»، مشيراً إلى انه «على الأسر أن تولي مزيداً من الاهتمام لحماية أطفالهم من مثل هذه الحوادث الكارثية». لافتاً إلى أن «ظاهرة سقوط الأطفال من شرفات ونوافذ المنازل تزايدت في الآونة الأخيرة، حيث شهدت الشارقة خمس حالات سقوط، منها حالتان في منطقة النهدة، وحالة في شارع جمال عبدالناصر، وحالتان في مناطق اخرى من المدينة».
وبين أن «الجانب التوعوي يمثل ركناً اساسياً في عمل الدفاع المدني، من منطلق انه السبيل الأول لتعزيز الوقاية»، مشيراً إلى «تنفيذ حملة على مستوى إدارات الدفاع المدني في الدولة استهدفت رفع مستوى وعي الأهالي»، داعياً الآباء إلى عدم ترك أطفالهم بمفردهم في المنزل أو مع الخدم، وعدم استخدام البلكونات للتخزين لأن كثيراً من حوادث السقوط تنجم عن تسلق الأطفال السور بالصعود فوق هذه المستلزمات المخزنة.
من جانبه، أكد مساعد المدير العام للشؤون الفنية والهندسية في بلدية الشارقة، المهندس عبدالعزيز المنصوري، أن البلدية تلتزم عند إصدار ترخيص أي مبنى (سكني، تجاري، صناعي)، بتوفير إجراءات السلامة بالتنسيق مع كل الدوائر الخدمية والدفاع المدني، ولا يتم إصدار شهادة توصيل خدمات او شهادة إنجاز لأي مبنى إلا إذا توافرت فيه كل إجراءات السلامة المطلوبة.
وأوضح لـ «الإمارات اليوم»، أن الاشتراطات واللوائح في إمارة الشارقة تنص على ألا يقل ارتفاع جلسة النافذة عن متر واحد إلا في حالة وجود شرفات أمام النافذة من الخارج، أو إذا تم توفير واقيات السقوط (درابزين)، بارتفاع لا يقل عن متر واحد، كما يجب توفير أعلى مستويات الأمان بالنسبة لطريقة فتح النوافذ وإقفالها، وذلك حفاظاً على الأطفال من خطر السقوط.
وبدوره، ذكر مدير إدارة مراكز الشرطة الشاملة في القيادة العامة لشرطة الشارقة، العقيد حسين إبراهيم، لمجلة الشرطي، أن هناك مقترحاً ومبادرة تحت اسم «لا تفقدوهم» من إعداد مركز شرطة البحيرة، تسلط الضوء على أسباب سقوط الأطفال من البنايات، وتوضح أهم المخاطر التي تؤدي إلى السقوط، وأهم نتائجها الإهمال وعدم الرقابة من قبل الآباء، وعدم تأمين وإغلاق النوافذ بدقة، وضعف الوعي لدى الآباء والامهات، خصوصاً عند ترك الأطفال بالقرب من النوافذ والشرفات.
أكبر الصدمات
وقال الخبير والأخصائي النفسي، الدكتور علي الحرجان، لـ «الإمارات اليوم» إن من بين أكبر الصدمات التي يمكن أن يواجهها الأبوان هي فقدان عزيز خصوصاً إذا كان طفلاً، وتزداد الصدمة ووقعها وتداعياتها عندما يكون فقدان هذا الطفل أو ذاك ناجماً عن سقوط من شرفة المنزل أو نافذته أو ما شابه، إذ يُحمّل الأبوان نفسيهما مسؤولية فقدان الطفل، وبالتالي يخلق لهما صدمة عنيفة وشعور بالذنب يبقى مواكباً لهم طوال حياتهما، ويكونا في حالة تفكير دائم في ما جرى وكيف، كما أن مثل هذا الشعور وهذه الصدمة تؤدي في حالات كثيرة إلى ردود فعل آنية مثل إلقاء الأم نفسها من الشرفة التي سقط منها طفلها، أو إنهاء الأب أو الأم حياته نتيجة تأثره بصدمة فقدان الطفل.
وأوضح الحرجان أن ردة الفعل هذه ناجمة عن حدوث تغييرات كيميائية في الدماغ فتصبح تصرفات الأب أو الأم انفعالية وغير سليمة نتيجة هذا التغيير الكيميائي في الدماغ، وهناك آثار جانبية عدة للصدمة تستمر أسابيع أو أشهراً وأحياناً تمتد إلى سنوات، مثل الاضطرابات في النوم والعزلة الاجتماعية والاكتئاب والهروب من مواجهة الواقع الجديد، وتأثيرات سلبية عدة.
وتابع أنه «على الرغم من حجم الفاجعة لكن ذلك يجب أن لا يخرجنا عن وعينا، وبالتالي لا يعقل أن يخسر المرء ذاته نتيجة خسارة طفله، فإيذاء النفس لا يمكن أن يكون حلاً، ولا يعيد الطفل المفقود، وبالتالي يجب أن يكون المفجوع قدوة للآخرين، ويعمل على نصح الآخرين وتوعيتهم، والتوجه نحو مؤسسات الدولة من أجل القيام بدور ما في سبيل التوعية العامة والعلم على تصحيح الأخطاء، ويعمل على الاستفادة من الفاجعة بتحويلها إلى وعي ونصح كي لا تتكرر المصيبة مع آخرين، ولابد من القيام بأعمال خيرية وندوات ومحاضرات، كي لا يواجه أحد من المجتمع المشكلة مرة أخرى، وبالتالي ليكن دور المفجوع التوعية والتفاعل مع الآخرين».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news