«الحلول البديلة» يفصــل في 37 ألف نـزاع قضـائي خـلال 2011
كشف تقرير إحصائي صادر، أخيراً، عن دائرة القضاء في أبوظبي، أن عدد النزاعات التي نجحت الدائرة في الفصل فيها عن طريق قطاع «الحلول البديلة»، في إداراتها الثلاث: التوجيه الأسري، والتوفيق والمصالحة، والمصالحة العامة، الذي تم إنشاؤه بقرار من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس الدائرة، بلغ 36.985 ألف نزاع خلال عام ،2011 من إجمالي 37 ألفاً و441 نزاعاً، بنسبة 98٪، مضيفة أن هذا العدد يزيد بنسبة 24٪ على عام ،2010 إذ نجحت الدائرة في علاج 25 ألفاً و510 نزاعات من إجمالي 30 ألفاً و436 نزاعاً، معتبرة أنها خيار أفضل لتحقيق سرعة الوصول للعدالة مجاناً.
هيئات من الوسطاء لفت وكيل دائرة القضاء، المستشار سعيد البادي إلى أن قطاع الحلول البديلة لفض النزاعات، هو الجهة المشرفة على تعيين هيئات مختلفة من الوسطاء، القادرين على استيفاء الاحتياجات استناداً إلى تقييم لجنة الاستشارة، في مجالات عدة، مثل الاستشارات المدنية والتجارية والعمل والأسرة، وتوفير الرقابة الإدارية على عمليات الحلول البديلة لفض النزاعات، وضمان تطبيق نهج الممارسة المثلى للحلول البديلة، وإعداد ومتابعة تطبيق القواعد القياسية لسلوك الوسطاء، وتقديم تقارير دورية لرئيس الدائرة ورئيس مجلس القضاء عن عمل الإدارة. وأشار إلى أن الإدارة تستقبل مراجعيها في مقرها المؤقت، كجهة إشرافية ورقابية في مبنى دائرة القضاء، إضافة إلى تخصيص عدد من الأفرع التابعة للإدارة، وهي لجان التوفيق والمصالحة في أبوظبي والظفرة وبني ياس والعين، وتنظر في تسوية المنازعات التجارية والمدنية والعمالية (جزئي وكلي)، ولجان التوجيه الأسري في أبوظبي وبني ياس والعين والظفرة والرويس واليحر والوقن، ولجان المصالحة في أبوظبي والعين والظفرة. |
وقال وكيل دائرة القضاء، المستشار سعيد البادي، لـ«الإمارات اليوم»، إن إدارات «الحلول البديلة» نجحت في تيسير عقد الجلسات لتوفيق الاختلافات بين الأطراف قبل اللجوء للمقاضاة، وتطبيق إجراءات مفصلة تراعي متغيرات القضية واحتياجاتهم عند التوسط، وتوفير خبراء من ذوي الخبرة والاختصاص، والتعاون مع قضاة الأحوال الشخصية في التوجيه الأسري للفصل في النزاعات.
وشرح «الحلول البديلة» بأنها مجموعة من الآليات يلجأ إليها الأطراف بشكل إلزامي في أنواع معينة من القضايا حددها القانون، عوضاً عن القضاء العادي عند نشوء خلاف بينهم، بغية التوصل لحل ذلك الخلاف، ويعد التفاوض القائم على الحوار المباشر بين المتنازعين هو أكثر الحلول شيوعاً، من ضمن الحلول البديلة لحل النزاعات في دائرة القضاء بأبوظبي، دون وجود أي طرف ثالث، ودون وجود ما يمنع من تمثيل المتنازعين بواسطة محامين أو وكلاء لهم، إذ لا يغيّر ذلك من طبيعة التفاوض، ما دام الوكلاء يملكون سلطة اتخاذ القرار عن موكليهم. وأضاف أن حل النزاع عن طريق الوساطة يعد مرحلة متقدمة في التفاوض، تتم بمشاركة طرف ثالث (وسيط)، يعمل على تسهيل الحوار بين الطرفين المتنازعين ومساعدتهما على التوصل لتسوية، ولا يجوز للوسيط اتخاذ قرار باتّ في أساس النزاع، بل ينحصر دوره في محاولة تقريب وجهات نظر الطرفين (أو الأطراف) وردم الهوة بينهم، وفي طرح الحلول البديلة أمامهم دون فرض أي منها عليهم، وإن كان البعض يرى أنه يمتنع على الوسيط القيام بطرح حلول بديلة على الأطراف، إذ إن دوره في هذه الحالة ينقلب لدور الموفّق، وتنقلب العملية إلى التوفيق، وأشار البادي إلى أنه لا يوجد ما يلْزم المتنازعين على السير في عملية الوساطة حتى نهايتها، إذ يستطيع أي طرف الانسحاب من العملية في أي وقت يشاء، ما لم يتم الوصول لتسوية، ودون أن يترتب عليه أي نتائج قانونية، إلا أن التسوية الناشئة عن عملية الوساطة فيما لو تم التوصل إليها تصبح ملزمة لأطرافها.
وأشار البادي إلى أن الدائرة مستمرة في توسيع أعمال قطاع الحلول البديلة لفض النزاعات، طبقاً لمتطلبات الخطة الاستراتيجية 2008 - ،2013 لتعزيز مبدأ التوفيق والمصالحة والتسوية الودية للمنازعات، باعتبارها من أهم المراحل الرئيسة التي يتعين المرور بها كحل استباقي، ما يوفر على المتنازعين الدخول في عملية التقاضي، وإجراءات المحاكم، والخصومات القضائية، وتالياً توفير الوقت والجهد.
وأوضح أن هناك جهوداً تبذل لتدريب أعضاء لجان التوفيق والمصالحة، وفقاً لأعلى معايير التدريب، بالتنسيق مع أكاديمية الدراسات القضائية والتدريب المتخصص، بهدف تجويد اقتراحاتهم بالمصالحة، بجعلها أقرب إلى مقتضيات العدالة والإنصاف، لافتاً إلى أن «الخدمات التي يقدمها القطاع مجانية ومن دون أية رسوم إضافية، كما أنها معفاة من موجب التمثيل بواسطة محام وكيل، بل يكون حضور المحامي اختيارياً لأطراف المنازعة، ولا يلتزم أطراف النزاع باقتراحات المصالحة إلا بمقدار اتفاقهم عليها بصورة نهائية».
وبلغ عدد النزاعات التي وردت وتم تسجيلها في إدارة «التوفيق والمصالحة» عام 2011 نحو 23 ألفاً و755 نزاعاً، مقارنة بنحو 19ألفاً و421 نزاعاً خلال العام الذي سبقه، بزيادة بلغت 4334 نزاعاً، وبنسبة 22.3٪، أما عدد النزاعات التي تداولها فبلغت 25 ألفاً و66 نزاعاً، بإضافة عدد من النزاعات من أعوام سابقة، وتمكنت الإدارة من الفصل خلال العام نفسه في 24 ألفاً و381 نزاعاً متنوعةً، مقارنة بنحو 20 ألفاً و317 نزاعاً عام ،2010 بزيادة بلغت 4064 نزاعاً، وبنسبة 20٪.
فيما بلغ عدد النزاعات التي تم تداولها أمام «إدارة التوجيه الأسري» نحو 10 آلاف و505 نزاعات، من بينها 5132 نزاعاً وردت خلال عام ،2011 وبزيادة بلغت 7.4٪ على العام الذي سبقه، والذي سجل خلاله 4777 نزاعاً، واستطاعت الإدارة الفصل في 10 آلاف و440 نزاعاً، وبنسبة 99.4٪ من إجمالي النزاعات المعروضة عليها، وبزيادة قدرها 27٪ على النزاعات التي تم الانتهاء منها في عام .2010
وبالنسبة للجان المصالحة، سجلت خلال عام 2011 نحو 2156 نزاعاً جديداً، ليصبح إجمالي المعروض عليها من نزاعات 2170 نزاعاً، واستطاعت الفصل في نحو 99.7٪ منها، أي 2164 نزاعاً.
وقال البادي إن الدائرة عملت على تعزيز العمل ونشر ثقافة الحلول البديلة كخيار أفضل لفض النزاعات، من خلال أقسام وإدارات القطاع، من أجل تحقيق سرعة الوصول إلى العدالة، مع المحافظة على صفو العلاقات الاجتماعية، بإزالة الشقاق والخلافات بين أطراف النزاع، والتخفيف عنهم، إضافة إلى التخفيف عن أجهزة القضاء من خلال حل كل ما يمكن حله من النزاعات خارج الإطار التقليدي للمحاكم، وهو ما ينتظر أن ينعكس إيجابياً على النشاط الاقتصادي والاستثماري في المجتمع، من خلال إعطائه فرصة لأفراد المجتمع لاستثمار وقتهم ومالهم وجهدهم في قطاعات تعود بالفائدة عليهم وعلى المجتمع ككل. وحول الحالات التي لا يمكن فيها قانوناً اللجوء إلى الحلول البديلة، أوضح البادي أنها تتضمن الأوامر والدعاوى المستعجلة، وكذلك الدعاوى التي تكون الحكومة طرفاً فيها، وكذلك في الحالات التي أوقع فيها المدعي الحجز التحفظي على أموال وموجودات خصمه، أو اتخذ أياً من الإجراءات المستعجلة، وفي حالة التوجيه الأسري فإنه لا يتدخل في مسائل الوصية والإرث، وما في حكمها من دعاوى، وكذلك الدعاوى المستعجلة والوقتية في النفقة والحضانة والوصاية، ودعاوى إثبات الزواج أو الطلاق أو النسب وبوجه عام الدعاوى التي لا يتصور الصلح بشأنها.
أما في الحالات العادية فإنه لا تقيد أي دعوى مدنية أو تجارية أو عمالية، ولا تقبل دعوى أحوال شخصية مهما كانت قيمتها أمام المحاكم، إلا إذا قدم المدعي ما يفيد من الجهة المختصة بنوع القضية في قطاع الحلول البديلة، بعدم ممانعتها من نظر القضية أمام القضاء، أو إحالتها إليه بعد استبعاد جهود التسوية الودية أو الصلح.
وحول آلية عمل القطاع، قال البادي، إن «الدائرة تنتهج سياسة مبدئية تتضمن محاور عدة أهمها، التوعية العامة بمناهج الحلول البديلة في داخل دائرة القضاء وخارجها، وترويج ثقافة الحلول البديلة لدى الجمهور والمتقاضين، عبر وسائل الإعلام، بمزايا الحلول البديلة وفوائدها، في إقرار العدالة وفض المنازعات من دون تكلفة ولا تعقيد في الإجراءات، وقد صدرت لهذه الغاية كتيبات تعريفية وزعت على الجمهور المعني، ومن خلال إجراء زيارات تفقدية لمواقع العمل الميدانية، بقصد دفع وتطوير الأداء في كل منها، وعقد اجتماعات دورية وطارئة مع المسؤولين بمواقع الحلول البديلة، لمناقشة المشكلات العارضة ووضع حلول لها، وتحسين الأداء ورفع معدلات الإنجاز تباعاً وإلى أقصى ما يمكن».