«الاتحادية العليا» تقضي بإعدام متهم قتل زميله عقب الصلاة
قضت المحكمة الاتحادية العليا بعقوبة الإعدام قصاصا بحق متهم قتل عمدا مع سبق الإصرار والترصد زميلا له في العمل، عقب خروجهما من صلاة الجمعة، رافضة دفاع المتهم بأنه يعاني مرضا نفسيا، أو أنه غير مسؤول عن تصرفاته.
وفي التفاصيل، أحالت النيابة العامة متهما للمحاكمة بتهمة القتل عمداً مع سبق الإصرار والترصد «إذ بيت النية، وعقد العزم، على قتل شخص باستخدام سلاح وسكينين اشتراهما بتاريخ سابق على الواقعة، وأخفاهما خلف ظهره، ثم ترصد للمجني عليه في الطريق المؤدي إلى مسكنه الذي أيقن مروره فيه بعد فراغه من صلاة الجمعة، وما أن ظفر به حتى انهال عليه طعنا بهما في بطنه وصدره، مواليا الطعنات، على الرغم من محاولة المجني عليه والمارة صدّه، قاصدا من ذلك قتله، فأحدث فيه إصابات أودت بحياته»، وطلبت عقابه.
وقضت محكمة الجنايات حضوريا، وبالإجماع، بقتل المتهم قصاصاً لقتله المجني عليه عمداً وعدوانا مع سبق الإصرار والترصد، ويكون تنفيذ القتل بالوسيلة المتاحة في الدولة، على أن يتم التنفيذ بحضور وليّ الدم، والد المجني عليه، أو من يمثله قانونا، إذا أمكن ذلك، وأيدتها محكمة الاستئناف، فطعن المحكوم عليه بطريق النقض ضد الحكم.
وتمسك محامي المتهم في دفاعه بانتفاء القصد الجنائي، مبينا أن المتهم لم يترصد للمجنيّ عليه، إذ إن الواقعة حدثت عقب الفراغ من صلاة الجمعة، وأثناء خروج المصلين. وتابع أن المجني عليه هو الذي بادر بالاعتداء عليه، بدلالة الإصابات التي لحقت به، والمبينة في التقرير الطبي، وأنه لم يكن ينوي قتل المجني عليه، بل كان في حال دفاع عن نفسه.
وأفاد بأن «إصابات المجني عليه وليدة العراك الذي وقع بينهما، وهو ما ينفي ظرف الترصد وسبق الإصرار، ولا تعدو الواقعة أن تكون ضربا أفضى إلى الموت، وأنه لا يجوز الاعتداد بشهادة أصدقاء المجني عليه، خصوصا أنهم يعملون لدى شقيقه، كما أنه ثبت من تقرير الطب النفسيّ الموقع على المتهم، أنه مريض نفسيا، ما يقطع بانعدام مسؤوليته جنائيا ويمنع توقيع العقاب عليه».
ورفضت المحكمة الاتحادية العليا برئاسة القاضي فلاح الهاجري وعضوية القاضيين رانفي إبراهيم وأحمد عبدالعزيز طعن المتهم ضد حكم إعدامه، مؤكدة أن للمحكمة الجزائية السلطة التامة في سبيل تقصي ثبوت الجرائم أو عدم ثبوتها، والوقوف على علاقة المتهم ومدى اتصاله بها، ولها مطلق الحرية في تكوين عقيدتها من الأدلة والقرائن المطروحة في الدعوى، ما دام استخلاصها سائغا وكافيا لحمل قضائها، وأن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلالات التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات.
وأوضحت أن المرض العقليّ الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسؤولية الجنائية، هو ذلك الذي يعدم الشعور أو الإدراك، أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي تفقد الشخص شعوره، أو إدراكه، فلا تعد سببا لانعدام المسؤولية، لافتة إلى أن الحكم الصادر بحق المتهم بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر فيه كل العناصر القانونية للجريمة التي دان المتهم بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها، معينها الصحيح من أوراق الدعوى، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، مستمدة من اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة وفي جلسة المحاكمة أمامها، إذ اعترف المتهم بأن المجني عليه سبه أمام العمال، وحاول الاعتداء عليه قبل الواقعة بأربعة أيام، وأنه اشترى سكينين طولهما 15 سم ووضعهما يوم ارتكاب الجريمة، في جيب بنطلونه، وذهب إلى صلاة الجمعة، وبعد الصلاة انتظر المجني عليه خارج المسجد، ثم تشاجر معه بالكلام، فصفعه المجنيّ عليه، وردّ عليه المتهم بصفعة مماثلة، ثم رجع للخلف وأخرج السكينتين من جيبه، وأمسك سكينا بكلّ يد، وطعن المجني عليه بهما أربع طعنات.
وادعى المتهم في اعترافه في جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن المجني عليه اعتدى عليه بالضرب، وهدده بالقتل ليلة الحادث، فأخذ السكينين معه ليدافع عن نفسه في حال حدوث هذا الاعتداء، وأنه بعد الخروج من صلاة الجمعة طلب منه المجني عليه الخروج من السكن، فتشاجرا، فأخرج السكينين وأنه لا يعلم ما حدث لشدة غضبه.
كما قرر شاهد أنه بعد انتهاء صلاة الجمعة خرج المجني عليه، وشاهد المتهم يسير ويداه خلف ظهره، ثم هجم على المجني عليه وضربه بسكينين كانتا معه، وأنه حاول مع آخر إمساك المتهم، إلا أنه هددهما، وضرب المتهم المجني عليه بالسكينين أسفل صدره، فسقط على الأرض، ثم طعنه مرة ثالثة في صدره، وأبقى سكينا واحدا في صدره، وأخرج الآخر.
كما استند الحكم إلى تقرير الطبّ الشرعي الذي خلص الى أن «وفاة المجني عليه جنائية، نتجت عن جروح طعنية نافذة بالصدر، مع نفاذها بالحجاب الحاجز والمعدة والكبد ومصارين الأمعاء، مؤديا إلى نزيف دمويّ حادّ، متسببا في توقف القلب والتنفس، وقد نتجت الإصابة عن آلة حادة مدببة، ذات طرف حادّ من جهة واحدة، كسكين أو ما شابهها».
واطمأنت المحكمة إلى ثبوت التهمة على المتهم، وتوافر القصد الجنائيّ، وانه لم يكن في حال من حالات الدفاع الشرعيّ، وأثبت تقرير اللجنة الطبية عدم إصابته بمرض عقليّ ذهانيّ، وهو ما يجعله مسؤولا عن تصرفاته وقت الحادث، وما نتج عنها، كما تمسك أولياء الدم بطلب القصاص.