٪8 من ضـحايا العنـف الأســري أزواج.. والزوجات على رأس القائمة

كشفت نتائج دراسة حديثة أجريت على عينة من 100 حالة عنف أسري ضمن الحالات الواردة إلى مركز الدعم الاجتماعي، خلال العام الماضي، عن أن 8٪ من ضحايا العنف الأسري من الأزواج، بينما احتلت الزوجات المرتبة الأولى في قائمة أكثر ضحايا العنف الأسري بنسبة 73٪، ثم جاء الأبناء بنسبة 16٪، وأخيراً كبار السن 3٪.

وبينت الدراسة التي قدمها باحث في مركز تنمية القادة والإبداع في الأمانة العامة لمكتب سموّ وزير الداخلية، الرائد الدكتور عمر إبراهيم آل علي، حول «العنف الأسري.. المظاهر، عوامل الخطورة، وسبل المواجهة»، أن الفئة العمرية بين 30 و39 سنة هي أكثر عرضة للعنف بنسبة وصلت إلى 56٪، مشيراً إلى أن أكثر مظاهر العنف الأسري انتشاراً تتمثل في العنف المادي، مثل الضرب والدفع والركل بنسبة 86٪، ثم العنف المعنوي مثل التهديد والشتم والاهانة بنسبة 78٪، والإهمال مثل عدم الاهتمام بالواجبات الزوجية بنسبة 50٪.

ولفتت نتائج الدراسة إلى أن فترة الزواج التي تقل عن خمس سنوات تجعل الأسرة معرضة للعنف أكثر مرة ونصف المرة، والأسرة التي يقل عدد أبنائها عن ثلاثة أبناء يجعل الأسرة عرضة للعنف الأسري أكثر بثلاث مرات، كما أن السكن مع أهل الزوج يجعل الأسرة معرضة للعنف أكثر بمرتين.

استراتيجيات وقائية

طالبت رئيسة قسم علم النفس والإرشاد في جامعة الإمارات، الدكتورة فدوى المغيربي، بتوفير استراتيجيات وقائية للأسرة من مختلف مسببات المشكلات النفسية والمعرفية، كذلك زيادة المهارات الوالدية في حل المشكلات والتعامل مع الأبناء، وتوعية الأسر بأسلوب الحياة السليم، وقلة التعرض للتلوث البيئي والمواد الضارة، خصوصاً في فترة الحمل والطفولة، مثل التدخين والخمور، وتقوية العلاقات الاجتماعية، ووقت أطول مع الأسرة والأهل والأصدقاء، ووقت أقل مع الكمبيوتر والألعاب الفردية. ودعت إلى منع مسببات العنف المتوافرة في الأسواق، مثل الألعاب العنيفة، وتشريع قوانين صارمة ضد العنف في المدارس والمنازل، وتفعيل دور الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين في المدارس وتدريبهم جيداً، بحيث يكونون قادرين على اكتشاف المشكلات النفسية قبل استفحالها، والتوعية بدور الارشاد والعلاج النفسي، وتوفير معلومات عن مراكز الدعم الاجتماعي والعلاج النفسي الاخلاقية والمرخصة من الدولة.

وبينت نتائج الدراسة أن هناك عوامل أسرية مؤدية الى العنف الأسري، وهي مرتبطة بثقافة متمثلة بسلطة الرجل وحقه في تأديب الزوجة، وأخرى نفسية مثل معاناة الشخص من الاكتئاب، وإهمال الواجبات الزوجية، إضافة إلى الخيانة الزوجية، فضلاً عن العوامل المتعلقة بالمجتمع، مثل غياب التوعية والبرامج الموجهة للأسرة، وغياب الرادع القانوني أو الحماية الكافية للضحايا.

وأوصى الباحث في ختام الدراسة بتكثيف برامج التوعية ورفع ثقافة الحياة الزوجية لدى المقبلين على الزواج، وعمل دراسة نفسية اجتماعية قانونية موسعة حول هذه الظاهرة تشارك فيها الجهات المعنية بشؤون الأسرة.

جاء ذلك في مؤتمر عقد في أبوظبي أمس، حول التحديات التي تواجه الأسرة في المجتمع الحديث. وحذر خبراء ومختصون مشاركون من خطر تزايد ظاهرة العنف الأسري داخل المجتمع، داعين إلى تشريع قوانين صارمة ضد العنف في المدارس والمنازل، واتخاذ مزيد من الاجراءات للقضاء على أشكال العنف الاسري كافة.

وطالب مدير إدارة الدراسات والبحوث في مؤسسة التنمية الأسرية، الدكتور جاسم المرزوقي، بمنح الرجل إجازة أبوة، وغيرها من الاجازات التي تحقق التماسك الأسري، بهدف زيادة الوقت الذي يقضيه مع أبنائه، وإعادة بناء العلاقات بين الأبناء والآباء وتقويتها من خلال برامج التوعية والتثقيف، وإعادة النظر في بعض التشريعات المتمثلة في عدد سنوات العمل وعدد ساعات العمل بالنسبة للمرأة.

واستعرض المرزوقي في المؤتمر الذي تنظمه إدارة مراكز الدعم الاجتماعي التابعة لشرطة أبوظبي، عدداً من المتغيرات الديموغرافية التي تواجه الأسرة المواطنة، منها انخفاض أعداد المواطنين، وتراجع مستوى الخصوبة لديهم، وزيادة أعداد العمالة من خدم المنازل، وهو ما أثر في وظيفة وبنية الأسرة، إضافة إلى عدم قيام الآباء بأدوارهم تجاه الأبناء، بالإضافة إلى وجود خلل في توزيع القوى العاملة المواطنة، إذ اعتبر أن توزيع المواطنين حسب المهن يشكل نسبة هامشية مقارنة بالعمالة الوافدة، سواء في القطاع العام أو الخاص، إضافة إلى ارتفاع معدلات الطلاق التي تصل كلفتها في السنة الواحدة إلى نحو 800 مليون درهم، وغلاء المعيشة، وجنوح الأحداث، والعادات المرتبطة بزواج الفتيات من داخل العائلة.

وأكد المرزوقي في ورقة عمل قدمها للمؤتمر حول «التغيرات الديموغرافية وأثرها في الأسرة»، أهمية توعية الأسر بأضرار وسلبيات البذخ والترف، ودورها في تطوير سلوكيات سلبية وأساليب إنفاق غير سوية، وتثقيفها وتدريبها على كيفية التعامل مع الآثار الناتجة عن التغيرات الديموغرافية من خلال برامج التوعية والتثقيف. ودعا إلى تعزيز الجوانب الإيجابية المترتبة على التغير الديموغرافي والاستمرار في تطويرها، وتفعيل دور وسائل الإعلام في التصدي للأفكار التي لا تنسجم مع تقاليد وثقافة الدولة، ووضع الضوابط التي تحد من تأثير البرامج التي من شأنها أن تزيد من التغيرات السلبية، وتوعية فئة الشباب بأساليب الحصانة الذاتية وتقوية ثقتهم بأنفسهم وتعزيز انتمائهم الوطني الايجابي، وترسيخ القيم الايجابية، مثل حب العمل والإخلاص للوطن والتفاني في طلب العلم.

وقدم أستاذ علم الاجتماع التطبيقي والجريمة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الشارقة، الدكتور أحمد العموش، دراسة حول «دور الأسرة في الوقاية من الجريمة»، مقدماً من خلالها نموذجاً حول دور الاسر المستقرة في الوقاية من الجريمة، إذ أكد أن التنشئة غير المناسبة وغير المكتملة للفرد تؤدي إلى تأخر أو تخلف في القدرة على ضبط الذات، وهذا يؤدي إلى السلوك الإجرامي وغيره من الأفعال المحظورة (الطائشة).

ولفت إلى جملة من التحديات التي تواجه الأسرة في مجتمع الامارات، من بينها سيادة زواج الأقارب، وارتفاع سن الزواج، والأنشطة الروتينية التي يمارسها الأب والأم خارج المنزل، والتي تفصلهم عن أسرهم، بما يعرض الأسرة للمشكلات السلوكية وغياب الرقابة الأسرية، وغياب الإدارة الأبوية، وتصدع المعايير والقيم الأسرية، إضافة إلى أساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة، مثل التدليل والحماية الزائدة والقسوة والتسلط، وارتفاع معدلات الطلاق، وجنوح الأحداث، والعنف الأسري، فضلاً عن تحديات أخرى متمثلة في المجتمعات الافتراضية والإنترنت، والمخدرات، والتدخين، والغزو الثقافي وغيرها.

واقترح مجموعة من الحلول، منها التوعية الأسرية، ومنع الزواج من الأجنبيات، وخفض نفقات الزواج، وتوفير السكن المناسب، ومنع استخدام الخدم، ومشاركة رجال الدين في حل المشكلات، وإيجاد جمعية خاصة لحل المشكلات الأسرية. من جانبه، أكد الدكتور أحمد وهدان من أكاديمية العلوم الشرطية في الشارقة، أهمية دور الأسرة في عملية الضبط الاجتماعي، من خلال وظائفها المتعددة في التربية والتنشئة وتأهيل الأفراد تأهيلاً اجتماعياً يمكنهم من اكتساب عضويتهم في المجتمع، وتنظيم أدوارهم الاجتماعية المختلفة وتحقيق رغباتهم المشروعة. ودعا صانع القرار إلى اتخاذ مزيد من الاجراءات للقضاء على جميع اشكال العنف الاسري، كما دعا منظمات المجتمع المدني إلى تحمّل مسؤولياتها الاجتماعية تجاه اعادة بناء الشعور بالمسؤولية الأسرية، وتوطيد العلاقة بين الأجيال وسدّ الفجوة بينها.

الأكثر مشاركة