دراسة: تورّط أطفال ومراهقين في جرائم إلكترونية
كشفت قضايا نظرتها محاكم في الدولة، أخيراً، عن تورط أطفال ومراهقين من طلبة المدارس في جرائم متعلقة بتقنية المعلومات، نتيجة ارتباطهم بالإنترنت لأغراض ترفيهية أكثر من الفئات العمرية الأخرى. وأكّد المستشار القانوني، عبدالله الحمداني، في دراسة جديدة أعدّها حول الجرائم الإلكترونية الموجهة لهذه الفئة، أن الآونة الأخيرة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في مختلف أنواع الجرائم الإلكترونية عموماً، التي يتورط فيها الأطفال والمراهقون خصوصاً.
وأضاف أن ذلك يحدث نتيجة استخدام أنواع جديدة من الهواتف المتحركة التي تعمل بنظام الأكواد، مثل «آي فون» و«بلاك بيري»، التي تسمح بتواصل الشخص المضيف بالمرسل بمجرد الاتصال، ومن دون إمكانية معرفة جنس أو عمر المتصل، خصوصاً عبر برامج «واتس أب»، وبعد أن يتم التواصل تحدث مشكلات غير مأمونة، مشيراً إلى قضية مهمة استخدمت فيها هذه الآلية وتورط فيها مراهقون داخل الدولة، بعد أن استغلوا أحداثاً وحصلوا منهم على مبالغ مالية عن طريق الاتصال الإلكتروني.
استغلال الشبكة العنكبوتية قال المستشار عبدالله الحمداني، إن المادة (9) من القانون الاتحادي رقم 2/2006 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات نصت على أنه «كل من استعمل الشبكة العنكبوتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات في تهديد أو ابتزاز شخص آخر لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبالغرامة التي لا تزيد على 50 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، فإن كان التهديد بارتكاب جناية أو بإسناد أمور خادشة للشرف أو الاعتبار كانت العقوبة السجن مدة لا تزيد على 10 سنوات». وتابع أن المادة (12) من القانون نفسه نصت على أن «كل من أنتج أو أعد أو هيأ أو أرسل او خزن بقصد الاستغلال او العرض على الغير، عن طريق الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، ما من شأنه المساس بالآداب العامة أو أدار مكاناً لذلك، يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، فإذا كان الفعل موجهاً إلى حدث فتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن 30 ألف درهم»، فيما نصت المادة (13) على أن يعاقب بالسجن والغرامة من حرض ذكراً، أو أنثى، أو أغواه لارتكاب الدعارة أو الفجور، أو ساعده على ذلك باستخدام الشبكة المعلوماتـية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، فإن كان المجني عليه حدثاً كانت العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات أو الغرامة. |
استغلال فتيات
وتابع أن آخرين تورطوا في استغلال فتيات قاصرات جنسياً ومالياً، وتمت إدانتهم بهذه التهم، لافتاً إلى أن القليل من هذه الجرائم يصل إلى المحاكم المعنية بسبب الخوف على السمعة ومن الفضيحة، إذ يرفض الأهل تقديم شكوى، خصوصاً إذا كانت الجريمة موجهة لبناتهم، كما لوحظ أن كثيراً من الأبناء الذين يتعرضون للابتزاز الإلكتروني عن طريق آخرين لا يقدمون على إبلاغ الأهل خوفاً من عقابهم أو اهتزاز ثقتهم به، خصوصاً إذا كانت فتاة من عائلة محافظة. وطالب الحمداني الوالدين بضرورة متابعة الأبناء ومعرفة من يتصلون بهم، سواء عن طريق الانترنت أو الهواتف، بشكل دائم، حتى لا يقعوا فريسة لمن يستغلون سذاجة الأطفال والمراهقين والمراهقات.
لا رقابة
وأشار إلى خطورة جلوس الأطفال في غرفهم منفردين بحواسيبهم الشخصية، مؤكداً أن بعض الآباء يتفاخرون بمعرفة أبنائهم الواسعة بعالم الإنترنت من دون أي رقابة أو توجيه من جانبهم، وتالياً يظل الصبي أو الفتاة في حالة شعور بالأمان أمام الحاسوب، ويصبح من السهل أن يرتكب جريمة أو يقع ضحية لجريمة، فضلاً عن إمكانية التعرض للإصابة بأحد الأمراض العصرية، مثل الانطوائية أو العزلة، وغيرهما.
وأوضح أن الأطفال والمراهقين في هذه السن ينتقلون إلى ما يسمى بالحياة الافتراضية «الساكندلايف» عبر الشبكة المعلوماتية التي يصنع فيها الإنسان عالماً بمواصفات أخرى، ويدخله إلى عالم الخيال، وهو ما يجعل بعض الأطفال يرتكبون بعض التصرفات غير الأخلاقية تجاه الآخرين، من دون أن يكونوا على دراية بأن هذه الممارسات تمثل ما يطلق عليه جرائم تقنية المعلومات. وكانت دائرة القضاء في أبوظبي قد نظرت قبل أسابيع دعوى هتك عرض فتاة قاصر، بعد أن تواصل الجاني مع الفتاة عبر هاتف «بلاك بيري»، وخرجت معه بعد منتصف الليل بعد نوم أهلها، واعتدى عليها، وبعدها حاول ابتزازها فلم تجد وسيلة إلا إبلاغ أهلها ومقاضاته.
كما أحالت إدارة المباحث الإلكترونية للمحاكمة مراهقاً بعد ابتزازه نحو 20 فتاة قاصراً، إذ استغل مهاراته الحاسوبية في اختراق البريد الإلكتروني للفتيات وسرقة صورهن وبياناتهن الشخصية، وتهديدهن عبر الإنترنت بنشر صور فاضحة لهن في المواقع الإباحية، وتوصلت الشرطة إلى أن الشاب استطاع تصميم موقع ترفيهي يتطلب التسجيل فيه كتابة البريد الإلكتروني وكلمة المرور التي يتمكن هو من سرقتها واستخدامها في ما بعد للحصول على صور ضحاياه، سواء من البريد الإلكتروني أو عن طريق مراسلة صديقات ضحيته لإرسال صور لها، كما تم كشف قدرته على التحكم في الكاميرات الخاصة بأجهزة ضحاياه، وهو ما يعني قدرته على تصويرهن وتهديدهن.
تعد على طفل
كما قضت محكمة جنايات أبوظبي في قضية أخرى بإحالة عدد من المراهقين إلى مراكز الرعاية وقضت بحبس آخرين، بعد إدانتهم بالتعدي على طفل، بعد التعرف إليه عن طريق الإنترنت وتصويره في أوضاع مخلة، وتهديده بفضح أمره عن طريق نشر صوره على الإنترنت، وإرسالها إلى والديه، كما رصدت إدارة الأدلة الإلكترونية العشرات من عمليات الاحتيال الإلكتروني والابتزاز العاطفي لفتيات مراهقات، وتم نصب كمائن إلكترونية لمستغلي الأطفال على الإنترنت، عن طريق اللجنة العليا لحماية الأطفال في وزارة الداخلية.