المتهم نفى خلال المحاكمة علمه بأن الرافعة المبيعة صينية. تصوير: إريك أرازاس

إحالة قضية متهم في جريمة غش تجاري إلى «الاستئناف»

نقضت المحكمة الاتحادية العليا حكماً قضى بإدانة متهم في جريمة غش تجاري بالغرامة المالية 10 آلاف درهم، وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف لنظرها مجدداً بهيئة مغايرة، على سند عدم الالتفات لدفاع المتهم بأنه مجرد وسيط في عملية البيع وليس طرفاً فيه، فضلا عن غياب الدليل على قيام القصد لدى المتهم وقت ارتكاب فعل الغش.

وفي التفاصيل، أحالت النيابة العامة متهمين إلى المحاكمة الجنائية، إذ غشا متعاقداً معهما في حقيقة بضاعة، في الأحوال التي يعتبر فيها ذكر ذلك أساسياً في التعاقد، وطلبت معاقبتهما،، إذ باعا للمجني عليه رافعة (كرين) على أساس أنها يابانية الصنع، ثم ثبت بعد ذلك أنها صينية الصنع، ولم يخبراه عند التعاقد بحقيقة الواقع، ما اعتبر فعلهما غشاً في التعاقد يجرّمه القانون.

وقضت محكمة أول درجة حضورياً بحبس كل منهما شهرين وإبعادهما عن البلاد، ثم قضت محكمة الاستئناف بتعديل العقوبة المقضي بها على المتهمين إلى الاكتفاء بمعاقبة كل منهما بتغريمهما مبلغ 10 آلاف درهم مع إلغاء تدبير الإبعاد المقضي به في حقهما، ولم يجد الحكم قبولاً لدى أحد المتهمين، فطعن عليه أمام المحكمة الاتحادية العليا، مؤكداً عدم علمه بأن الرافعة المبيعة صينية الصنع، وانه مجرد وسيط في عملية البيع وليس طرفاً فيه، وانه اعتمد على الأوراق الرسمية، لكن المحكمة قضت بإدانته دون ان تقيم الدليل الذي استندت إليه في حكمها، رغم جوهرية دفاعه بما يستوجب نقض الحكم.

وأيدت المحكمة الاتحادية العليا نقض المتهم، موضحة أن القصد الجنائي في جريمة الغش المعاقب عليها بنص المادة (423) من قانون العقوبات الاتحادي تقتضى اتجاه إرادة المتعاقد إلى غش المتعاقد معه في حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو العناصر الداخلة، في تركيبها أو نوعها أو مصدرها أو عددها أو مقدارها أو قياسها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها أو ذاتيتها ، ولذلك فهي جريمة عمدية لا يكفي لقيامها إتيان فعلها المادي بخطأ غير عمدي، ويتعين على محكمة الموضوع أن تقيم الدليل في قضائها بالإدانة على قيام القصد لدى المتهم وقت ارتكاب فعل الغش، مضيفة أن من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة، أن الحكم يجب أن يتضمن في ذاته ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد فحصت الأدلة التي قدمت إليها، والطلبات، والدفوع الجوهرية المبداة أمامها، وبذلت في سبيل ذلك كل الوسائل التي من شأنها أن توصلها إلى ما ترى انه الواقع والحقيقة في الدعوى، وأن الدفاع الجوهري الذي قد يتغير ببحثه وجه الرأي في الاتهام يتعين على المحكمة ان تعرض له وتقسطه حقه في الرد وإلا كان حكمها معيباً بالقصور المبطل والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه.

وأشارت إلى أن الثابت من مطالعة الأوراق ان المتهم تمسك أمام محكمتي الموضوع بدرجتيها - بعدم العلم بأن الرافعة المبيعة صينية الصنع وأنه مجرد وسيط في عملية البيع، وشاهد عليه، وليس طرفاً في عقد البيع، وانه اعتمد على الأوراق الرسمية، وانه اتهم بغير مسوغ قانوني، وهذه الدفوع جوهرية قد يترتب ببحثها تغير وجه الرأي في الدعوى، ما كان يتوجب على المحكمة ايرادها والرد عليها بأسباب سائغة سواء بالقبول أو الرفض. وإذ التفت حكم الاستئناف ومن قبله الحكم الابتدائي عنها إيراداً أو رداً وقضى بإدانته، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه، مع الإحالة.

الأكثر مشاركة