قسم خاص في «قضاء أبوظبي» يقدم مساعدات للمتقاضــين الفقراء. تصوير: إريك أرازاس

متهمون يدّعون الفقـــر لانتداب محامين دون مقابل

كشف محامون ومستشارون قانونيون لـ«الإمارات اليوم» أن هناك متهمين تنتدب لهم المحاكم المختصة محامين للدفاع عنهم بداعي الفقر وعدم القدرة على تحمّل أتعاب المحاماة، إذ يتبين في ما بعد أنهم ميسورون وليسوا في حاجة إلى المساعدة، مطالبين بإيجاد آلية فعالة للتأكد من الوضع المالي للمتهم قبل انتداب محامين للدفاع عنه. وأكدوا أن قبول العمل منتدبين للدفاع عن متهمين غير قادرين يؤثر في سير عملهم وفي القضايا التي يتقاضون عليها أموالاً.

وتفصيلاً، قال المستشار القانوني، المحامي عبدالله الحمداني، إن دائرة القضاء في أبوظبي أوجدت قسماً خاصاً يقدم مساعدات قضائية للمتقاضين الذين لا يملكون المال لتوكيل محامين، إذ يخاطب المكتب المحامين الراغبين بتقديم المساعدات وتخصيص جزء من وقتهم لهؤلاء المتقاضين، وإذ تتم مخاطبة المحامي ليكون وكيلاً لطالب المساعدة من دون تحمله أتعاب المحاماة. وأوضح أنه لا يوجد ضوابط محددة للتأكد من العباءة المالية لمن تُقدم له المساعدة، مضيفاً أن هناك محامين يرفضون هذا النوع من المساعدة، ويفضلون مساعدة الأشخاص غير القادرين بشكل مباشر وليس عن طريق دفع أتعاب المحاماة.

وأشار الحمداني إلى أنه من واقع سنوات خبرته اكتشف أن هناك أشخاصاً أصحاب قضايا تسمح عباءتهم المالية بتوكيل محامين لتولي الدفاع عنهم، لكنهم يدعون أن رواتبهم قليلة ولديهم ديون، مؤكداً أن عدم التدقيق بين المعسر وغيره ينطوي على ظلم لأشخاص غير قادرين على دفع اتعاب المحامين بالفعل، خصوصاً في قضايا التعويضات، إذ يرفض من يحكم لمصلحته بمئات الآلاف من الدراهم أن يتحمل تكاليف المحاماة.

وأضاف أن بعض المحامين الذين يقبلون العمل منتدبين للدفاع عن متهمين غير قادرين على دفع اتعاب محامين، يتأثر سير العمل لديهم في القضايا التي يدفع موكلوهم أتعابها، مشيراً إلى أن كثيراً من الأشخاص الذين تقدم لهم المساعدات يعتقدون أن المحامي أصبح ملزماً بقوة القانون بتفريغ كل وقته لقضاياهم، فيترددون على مكتبه بشكل شبه يومي ويطلبون الاستشارة في قضايا أخرى، وفي حالات أخرى تم تقديم شكاوى ضد محامين قالوا إنهم رفضوا الاستماع لهم. وقال الحمداني إنه سبق أن تولى قضايا تبين له في ما بعد أن أصحابها من الأثرياء من بينهم شخص ادعى أنه غير قادر على دفع الرسوم، وتبين في ما بعد أن لديه ثروة تقدر بالملايين.

فيما قال المحامي يوسف أحمد آل علي، إن القانون يلزم المحكمة في القضايا الجنائية بشكل خاص بانتداب محامٍ للمتهم في حال لم يكن قادراً على توكيل محامٍ بما يكفل حق المتهم في الدفاع عن نفسه، أما قضايا الجنح والمخالفات وغيرها فلا يشترط أن يكون لدى المتهم محامٍ للدفاع.

وأضاف أنه في القضايا المدنية عندما يدعي المتهم عدم قدرته على دفع رسوم التقاضي والتي تتراوح بين 5٪ إلى 30٪ من قيمة التعويضات المتنازع عليها بحسب الإمارة، يتم تأجيل الفصل في الدعوى حتى يتم احضار كشف حساب بنكي لصاحب القضية للتأكد من قدرته المالية وما إذا كان يستحق الإعفاء من الرسوم، إلا أن هذه الآلية غير موجودة في القضايا الجنائية وهو ما يسمح لكثير من القادرين ماليا بادعاء العوز للتهرب من دفع تكاليف المحاماة.

وقال آل علي إن وزارة العدل لديها جداول محامين يتم انتداب المحامين بالدور، ويمكن لأي محامي الاعتذار عن تولي القضية، إلا أن غالبية المحامين يقبلون هذه القضايا بدافع وطني وإنساني، وقال إن مكتبه قبل الكثير من القضايا عن طريق الانتداب إلا أنه رفض قضايا معينة مثل قضايا الاتجار بالبشر نظرا لعدم تعاطفه مع المتهمين في هذه القضايا.

فيما أكّد المحامي علي العبادي على الجوانب الإيجابية لعملية انتداب المحامين للمتهمين غير القادرين، وقال إن الإجراء يأتي في إطار حرص القانون على ضمان المحاكمة العادلة التي يحصل فيها المتهم على حقه كاملا في إبداء دفاعه، كما يكفل القانون حضور مترجم معتمد يجيد اللغة التي يتكلم بها المتهم لضمان أن يدلي المتهم بأقواله وأن تصل إلى هيئة المحكمة بشكل سليم مائة بالمائة. وأضاف العبادي أن ادعاء متهمين في قضايا بعينها على عدم القدرة على دفع تكاليف ورسوم المحاماة يعد استخداما سلبيا لحقه، يؤدي به إلى خسارة قضيته لأن انتداب محامي لتولي قضية لا يضمن أن يكون هذا المحامي ملما بهذا النوع من القضايا، وبالتالي يجب على صاحب القضية أن يتخير المحامي المناسب ليدافع عنه.أ

فيما أفاد مستشار قانوني، فضل عدم نشر اسمه، أنه يرفض الدفاع عن متهم دون مقابل بعد أن مر بتجارب أكدت له بأن بعض الذين ادعوا عدم القدرة على تحمل أتعاب المحاماة أثرياء، إذ كان أحدهم شريكا في عدة منشآت.

وأوضح آن المادة 28 من قانون تنظيم مهنة المحاماة تنص على أن للمحامي الحق في تقاضي أتعاب عما يقوم به من أعمال في حدود وكالته وله استيفاء ما ينفقه من المصروفات التي تقتضيها القضايا أو الأعمال التي وكل فيها، كما تنص المادة 29 على أن يتقاضى المحامي أتعابه وفقا للعقد المحرر بينه وبين موكله ومع ذلك يجوز للمحكمة التي نظرت القضية أن تخفض قيمة الاتعاب المتفق عليها بناء على طلب الموكل إذا رأت أنها مبالغ فيها بالنسبة لما تطلبه القضية من جهد.

وأكد أنه لا يجوز خفض قيمة الأتعاب إذا كان الاتفاق عليها تم بعد الانتهاء من العمل، فإذا لم يكن هناك اتفاق مكتوب على الأتعاب أو كان الاتفاق المكتوب باطلا قدّرت المحكمة التي نظرت القضية عند الخلاف وبناء على طلب المحامي أو الموكل أتعاب المحامي بما يناسب الجهد الذي بذله والنفع الذي عاد على الموكل.

الأكثر مشاركة