دراسة تطالب بتشريع لتنفيذ الأحكام الإدارية الاتحادية
طالبت دراسة قانونية بإصدار تشريعات توفر وسائل إجبارية لتنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة عن المحاكم الاتحادية ضد الجهات المحلية، لافتة إلى أن هناك جملة من المشكلات والعقبات التي تحول دون تنفيذ هذه الأحكام، منها غياب الوسائل اللازمة للتنفيذ، وغياب مؤسسة قاضي التنفيذ الإداري، فضلاً عن خلق الإدارة صعوبات وعقبات قانونية أو مالية لتفادي تنفيذ الحكم الصادر ضدها، إما بشكل كامل أو تنفيذه بشكل ناقص أو معيب أو على نحو متراخٍ.
وأكدت ورقة العمل القانونية التي قدمها رئيس المحكمة الاتحادية العليا ورئيس الدائرة الإدارية في محكمة أبوظبي، القاضي الدكتور عبدالوهاب عبدول، إلى المؤتمر الثاني الرؤساء المحاكم الإدارية في الدول العربية، الذي عقد، أخيراً، أن ثمة إشكاليات وعقبات تقف أحياناً في طريق تنفيذ الحكم الإداري، منها غياب تنظيم تشريعي خاص لتنفيذ الأحكام الإدارية، إذ تُنظر وتنفذ الدعاوى والمنازعات الإدارية في المحاكم الاتحادية، وفق قانون الإجراءات المدنية الاتحادي، الذي لا يتضمن الوسائل اللازمة لجبر الإدارة على تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضدها والحائزة قوة الشيء المقضي به، كما لا يتضمن القانون صيغة تنفيذية خاصة بالأحكام الإدارية، معتبرة أن غياب هذا التشريع له تأثير واضح في مسألة التنفيذ، نظراً لاختلاف طريقة تنفيذ الأحكام الإدارية عن طريقة تنفيذ الأحكام العادية.
ولفتت الورقة إلى إشكالية خلو النظام القضائي الاتحادي، من محكمة تنفيذ إدارية، أو قاضي تنفيذ إداري، إذ يتم تنفيذ الأحكام الإدارية بمعرفة قاضي التنفيذ العام، الذي يتبع في تنفيذه الأحكام الإدارية ذات القواعد والمواعيد والإجراءات التي يتبعها عند تنفيذه الأحكام العادية، فضلاً عن غياب آلية خاصة بتنفيذ الأحكام الصادرة ضد الجهات الإدارية المحلية، خصوصاً أن لدى بعض الإمارات إجراءات خاصة في ما يخص المنازعات الإدارية منظمة بقواعد قانونية محلية خاصة بالإمارة، ومن هنا تبدو مدى إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية ضد الجهات الإدارية المحلية.
وأشارت إلى أن غموض منطوق الحكم، وعدم وضوحه في عباراته ودلالات ألفاظه قد يكون له أثر في تأخير تنفيذه، أو في تعدد الاجتهادات والتأويلات عند تنفيذه، كما أن هناك إشكاليات ذات طبيعة واقعية تتمثل في الموقف السلبي للإدارة، إذ من الملاحظ أن عدم تنفيذ الأحكام الإدارية غالباً ما يكون ناتجاً عن موقف سلبي من قبل الإدارة، التي تقوم بخلق صعوبات وعقبات قانونية أو مادية لتفادي تنفيذ الحكم الصادر ضدها، إما بشكل كامل أو تنفيذها بشكل ناقص أو بشكل معيب أو على نحو متراخٍ.واستعرضت بعض الأحكام القضائية التي واجهت صعوبة في التنفيذ، منها واقعة قضت فيها المحكمة بإعادة موظف إلى عمله بعد مضي ثلاث سنوات على صدور قرار فصله، لكنها امتنعت عن صرف مرتبه عن تلك السنوات، وفي واقعة أخرى سحبت البلدية أرضاً مملوكة للمدعي ومنحتها لشخص آخر أقام عليها بناءً سكنياً ضخماً، فطالب الورثة بأرض مورثهم، وقضت لهم المحكمة بتعويض نقدي عادل، أن البلدية رفضت صرف المبلغ، وعرضت عليهم أرضاً في منطقة منعزلة لا تتوافر فيها الخدمات.
ونبهت إلى أن الإدارة قد تمتنع عن تنفيذ الحكم بشكل دائم أو مؤقت حفاظاً على النظام العام، أو مستندة في ذلك إلى دواعي المصلحة العامة، أن غموض مفهوم المصلحة العامة، قد يدفع الإدارة إلى الامتناع عن تنفيذ الحكم تحت هذه الذريعة، كما قد تتأخر الإدارة عن تنفيذ الحكم الإداري الصادر ضدها دون سوء قصد، لكن لصعوبة واقعية تتمثل في عدم وجود بند مالي خاص ومستقل ضمن بنود أبواب ميزانيتها لتمويل تنفيذ الأحكام القضائية التي قد تصدر في مواجهتها.ألا
واقترحت في سبيل مواجهة هذه الإشكاليات مجموعة من الحلول، منها فرض الغرامة لتنفيذ الأحكام الإدارية، وإصدار قانون خاص يُنظم الدعوى الإدارية، بما فيها إجراءات تنفيذ الأحكام الصادرة فيها، وإدخال تعديل تشريعي يقضي بجواز الحجز على أموال الإدارة وعائداتها في حدود المبلغ المحكوم به على الإدارة، وإدراج بند مالي خاص في ميزانيات الوزارات والهيئات الاتحادية، لمواجهة ما قد تُلزم به الإدارة من غرامات أو تعويضات قضائية