ضحايا يشترون الوهم من أسواق إلكترونية شهيرة

سجلت المباحث الإلكترونية في شرطة دبي، عمليات احتيال مبتكرة عبر أسواق إلكترونية شهيرة في الدولة، شملت أربع جرائم نفذتها عصابة منظمة أغرت ضحاياها في داخل الدولة وخارجها بشراء سيارات فخمة بأسعار مخفضة، وحصلت منهم على عشرات الآلاف من الدراهم مقابل مفاتيح سيارات مقلدة.

وقال مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، العميد خليل ابراهيم المنصوري، إن إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية رصدت أساليب احتيال جديدة، خلال العام الماضي، شملت بيع كراتين تحوي أحجاراً ملونة لا قيمة لها، باعتبارها أجهزة إلكترونية حديثة وساعات ثمينة.

وأضاف أن المحتالين يستغلون مواقع إلكترونية معروفة لاصطياد ضحاياهم بعرض منتجات بأسعار مغرية مقارنة بالسوق، ومن ثم يستدرجون الزبون بطريقة محكمة تبدد أي شكوك لديه في احتمالات تعرضه للاحتيال حتى يفاجأ بأنه وقع ضحية محتال محترف.

احتيال على بائع خضراوات

قال مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بالإنابة، الرائد سالم بن سالمين، إن من الحالات الطريفة التي سجلتها الإدارة خلال العام الماضي، عملية احتيال على شخص أنشأ موقعاً لبيع الخضراوات وتوصيلها إلى المنازل، فوقع ضحية عصابة من الباكستانيين وحصلوا منه على كميات كبيرة من الخضراوات قيمتها آلاف عدة، وقاموا ببيعها بأسعار مخفضة في سوق الخضار والفاكهة، وأدرك الرجل لاحقاً أنه تعرض لعملية احتيال.

وأضاف بن سالمين أن الاحتيال عبر الإنترنت لا يقتصر على المنتجات الثمينة فقط، لكن يمتد إلى أشياء متنوعة مثل الملابس والإكسسوارات وغيرهما، مطالباً أفراد المجتمع بتسلم بضاعاتهم قبل تحويل أو سداد أي أموال.

وكشف أن محتالين من دول إفريقية استخدموا بطاقات ائتمانية مسروقة في شراء أجهزة إلكترونية متنوعة مثل «آي باد وآي فون»، وأعادوا بيع كراتينها من دون الأجهزة إلى أشخاص اصطادوهم عبر الانترنت، مشيراً إلى ضبط كميات من كراتين أجهزة إلكترونية حديثة تحوي أحجاراً لدى امرأة تحمل جنسية دولة آسيوية تحتال على ضحاياها بالأسلوب نفسه.

وأكد المنصوري أن الأشخاص الذين يقعون ضحية هؤلاء المحتالين يتحملون جانباً من المسؤولية في معظم الحالات المسجلة لدى الإدارة لأنهم يندفعون إلى شراء منتجات غالية الثمن من دون اتخاذ إجراءات احترازية لحماية أموالهم.

وتفصيلاً، أبلغ مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بالإنابة، الرائد سالم بن سالمين «الإمارات اليوم» بأن هناك طرقاً محددة للتعامل الآمن مع الأسواق الإلكترونية، خصوصاً تلك التي تتمتع بصدقية عالية مثل التأكد من هوية البائع وعدم سداد النقود قبل التأكد من طبيعة البضاعة.

وقال بن سالمين إن هناك أشكالاً متنوعة للاحتيال الإلكتروني عبر الأسواق المعروفة وفق الحالات التي سجلتها الإدارة، منها أسلوب نفذ في أربع جرائم وقعت العام الماضي وتمثلت في عرض شخص سيارة غالية الثمن موديل ‬2010 بسعر مغرٍ (‬60 ألف درهم).

وأضاف أن السعر أغرى كثيرين واتصل أحدهم بصاحب الإعلان الذي عرض مواصفات السيارة وصورها من زوايا مختلفة، وأبلغه المحتال بأن «السيارة موجودة في دبي لدى أحد أصدقائه، وأنه موجود في الخارج لإنها إجراءات انتقاله من الدولة»، ثم اتفق معه على إرسال نسخة من مفاتيح السيارة عبر إحدى شركات الشحن مقابل تحويل دفعة من قيمة السيارة.

وأشار بن سالمين إلى أن الخطة التي نفذها هذا المحتال كانت محكمة للغاية، إذ أرسل نسخة من مفاتيح عليها ماركة السيارة المعروضة للبيع، يمكن تقليدها أو شراؤها من أي متجر متخصص، ثم طلب من الزبون تحويل جزء من المبلغ إليه عبر شركة تحويل أموال، فوافق الزبون وأرسل له ‬20 ألف درهم من المبلغ المتفق عليه بعد أن تلقى اتصالاً من شخص داخل الدولة يفيد بأنه صديق البائع وأن السيارة موجودة لديه فعلياً.

وأوضح أن الزبون اكتشف لاحقاً أنه تعرض للاحتيال، وأن السيارة المعروضة للبيع وهمية ولا وجود لها، لافتاً إلى أن هذه الحيلة انطلت على أربعة أشخاص آخرين دفعوا مبالغ مالية مختلفة وصلت إلى ‬50٪ من قيمة السيارة وأكثر من ذلك.

وأكد بن سالمين أن المباحث الإلكترونية شكلت فريقاً تولى تقصي خطوات المحتال، وخاطبت شركة «تحويل الأموال»، وتبين وجود عصابة منظمة تنفذ هذه العمليات، واحتالت على أشخاص داخل الدولة وخارجها، وتستغل أشخاصاً يتم تجنيدهم عن طريق الانترنت لتلقي الأموال التي يحولها الضحايا ويطلق عليهم وصف «البغال» لأنهم يتلقون أموالاً مشبوهة مقابل نسبة منها، من دون أن يدركوا أنهم يتورطون في جريمة احتيال.

وأفاد بأن هناك حالات لأنواع مختلفة من الاحتيال تظهر عادة عند طرح منتج إلكتروني جديد في الأسواق، مثل «آي فون» و«آي باد» وغيرهما من الأجهزة الإلكترونية، مشيراً إلى أن المحتالين يستغلون الفرصة وينشرون إعلانات بيع تلك الأجهزة مدعين أنهم جلبوها من أوروبا ويعرضونها بأسعار أقل من الثمن المعلن من جانب الشركات المعنية في الدولة.

ولفت بن سالمين إلى أن الحالات المسجلة شملت جرائم قامت بها عصابة باكستانية نشرت إعلانات لبيع أجهزة «آي باد»، ووضعت صوراً لها مع الأرقام المتسلسلة للأجهزة، بهدف تعزيز ثقة الضحايا في صحة المنتج.

وأشار إلى أن هذه العصابة أحكمت خططها من خلال منح الزبائن أرقام التعقب التي تسمح لهم بالاستفسار عن طبيعة الشحنة، من خلال الاتصال بشركات شحن عالمية، موضحاً أن الضحايا اتصلوا بالشركات فعلياً وتأكدوا من أن الشحنة تحوي كراتين أجهزة «آي باد» بأرقام متسلسلة تتطابق مع تلك التي اتفقت معهم العصابة عليها.

وتابع أن أحد الضحايا تسلم جهاز «آي باد» ودفع قيمته وتوجه إلى منزله، وحين فتح الكرتونة لتشغيل الجهاز فوجئ بالكرتونة مليئة بأحجار ملونة لها وزن جهاز «آي باد» نفسه.

وأوضح بن سالمين أن شركة الشحن دائماً تجيب على قدر السؤال الذي يوجهه الزبون، فتقول له إن الشحنة عبارة عن صناديق «آي باد» موجودة حالياً في دولة ما وفي طريقها إلى الإمارات، فيطمئن الزبون ويحول الأموال المتفق عليها.

وأكد أن هذه الخدعة تكررت خلال العام الماضي، واستُخدمت فيها سلع مختلفة، منها أجهزة إلكترونية غالية الثمن، وساعات ثمينة مثل «روليكس» و«أوميجا» يزيد ثمنها على ‬30 ألف دولار أي نحو ‬110 آلاف درهم، فيعرضها المحتال بنصف ثمنها ويغري الزبون بإرسال الرقم المتسلسل إليه، ثم يرسل إليه علبة فارغة أو تحوي أشياء لا قيمة لها.

وقال مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بالإنابة، إن أفراد عصابات قبض عليهم نفذوا جرائم مركبة، تشمل شراء أجهزة ومنتجات باهظة ببطاقات ائتمانية مسروقة، ويعيدون بيع كراتينها فقط لضحاياهم، مستندين إلى تقديم بيانات صحيحة للمنتج الذي يستخدمونه في الاحتيال.

وأضاف أن أحد البلاغات ورد إلى الإدارة من شخص يعيش في ألمانيا وتعرض للاحتيال بالطريقة نفسها، من محتال يحمل جنسية دولة إفريقية باع له صندوقاً فارغاً لكاميرا غالية الثمن، ونجحت الشرطة في القبض عليه، وتبين أنه نفذ هذه الجريمة مع أشخاص عديدين، لافتاً إلى أن هذه الجرائم لا تقتصر على الرجال فقط، إذ قبضت الإدارة على امرأة تحمل جنسية دولة آسيوية كانت تبيع كراتين تحوي حجارة باعتبارها أجهزة «آي باد».

وأكد بن سالمين أن التجارة الإلكترونية باتت لا تقل أهمية عن التجارة التقليدية، وتنوعت المواقع ذات الصدقية العالية مثل «دوبيزل» و«إي باي» وغيرهما، لافتاً إلى أن هذه المواقع تضع عادة تحذيرات لزوارها من مخاطر الاحتيال، وتطلب منهم التأكد جدياً من حقيقة الصفقة التي يشترونها، كما تضع علامات متميزة لزبائنها ذوي الثقة سواء كانوا بائعين أو مشترين.

وأشار إلى أن من أكثر الأخطاء شيوعاً من جانب عدد بعض ضحايا عمليات الاحتيال، تحويل الأموال عبر شركات مثل «ويسترن يونيون» أو محال صرافة، لافتاً إلى أن من الإجراءات التي يجب الالتزام بها هو تحويل الأموال عبر بنك المشتري، وطلب تعليق المبلغ لحين التأكد من البضاعة المتفق على شرائها.

وطالب بن سالمين المشترين بعدم الانخداع بالأسعار المغرية للبضائع والاندفاع إلى شرائها من دون التأكد من صحتها لأن المحتالين يصطادون الطماعين، واستخدام البطاقات المخصصة للشراء عبر الانترنت، التي تصدرها البنوك بدلاً من استخدام البطاقات الائتمانية.

وأوضح أن هناك طرقاً عدة للتأكد من صحة الموقع، فإذا كان داخل الدولة ينتهي دائماً برمز (ae)، وإذا كان خارج الدولة يفضل الاتصال بالوكيل السياحي للتأكد من صدقية الموقع، لافتاً إلى أن الإدارة تتلقى مخاطبات كثيرة من دول في الخارج تسأل عن صدقية مواقع إلكترونية تصدر من الدولة. وأشار إلى أهمية أن يسأل المشتري عن طبيعة المنتج وسعره الأصلي ليستطيع المقارنة والتمييز وينأى بنفسه عن الوقوع ضحية إحدى عصابات الاحتيال التي تصطاد ضحاياها عبر الإنترنت.

الأكثر مشاركة