أطفال «متلازمة داون» أكثر عرضة للتحرش الجنسي
كشف خبراء ومتخصصون نفسيون أن أسراً تتخلى عن أبنائها من ذوي الإعاقة، خصوصاً المصابين بمتلازمة داون، للمؤسسات المعنية برعايتهم، حتى يتحول الطفل إلى ابن للمؤسسة وليس لأبويه، لافتين إلى أن من أبرز السلبيات التي رصدت جهل آباء بطبيعة الإعاقة، وحبس أطفالهم خوفاً من ردود أفعالهم في الأماكن العامة.
وقال الخبراء في ملتقى «التحصين الأمني لذوي متلازمة دوان»، الذي عقد، أمس، في نادي ضباط شرطة دبي، إن الأطفال المصابين بمتلازمة داون أكثر عرضة للتحرش والاعتداء الجنسي 10 أضعاف أقرانهم الأصحاء، نظراً لكثرة التدخلات في أجسادهم منذ صغرهم، لدرجة تمنعهم من تمييز خصوصية مناطق معينة فيها.
وأعلنت جمعية الإمارات لمتلازمة داون مشروع «مساعدة المعلم»، الذي تولى تدريب وتأهيل 24 فتاة مواطنة من مختلف إمارات الدولة، للعمل مساعد معلم، لتمكين ذوي الإعاقة بشكل عام، وأطفال متلازمة داون بشكل خاص، من الاندماج في المدارس.
وتفصيلاً، قال القائد العام لشرطة دبي بالإنابة، اللواء خميس مطر المزينة، إن الفئات الخاصة جزء أصيل في المجتمع، ولا يمكن التعامل معها بمنطق المساعدة ومد يد العون فقط، بل لابد من منحها الفرصة كاملة للمشاركة في بناء بلادها، من خلال تمكينها وتأهيلها، ليصبح أفرادها فاعلين متأقلمين مع طبيعتهم.
وأكد أن القيادة العامة لشرطة دبي تلتزم بمسؤولياتها المجتمعية تجاه فئات المجتمع كافة، لذا يهتم برنامج التربية الأمنية بالتواصل مع المؤسسات المعنية بذوي الإعاقة وغيرها من الفئات التي تحتاج الدعم والمساندة، واستهدافهم بحزمة من البرامج في كيفية التعامل مع المجتمع، والحفاظ على أنفسهم من الاستغلال، وتأمين الحماية لهم من أصحاب النفوس الضعيفة، الذين يستغلون ضعفهم أو عدم قدرتهم على التعبير عن ذاتهم، وذلك بالتزامن مع تهيئة البيئة المدرسية بطريقة مناسبة تسمح للطلبة الأسوياء بإدراك معاناة أقرانهم من ذوي الاعاقة، حتى يمكن دمج هذه الفئات في المدارس، وإتاحة الفرص لهم لممارسة حياتهم بصورة طبيعية بعيدا عن العزلة أو الانطواء.
إلى ذلك كشف أستاذ علم النفس الجنائي، الدكتور أحمد الإمام، في الملقى الذي نظمته جمعية الإمارات لمتلازمة داون بالتنسيق مع برنامج التربية الأمنية في شرطة دبي، أن الطفل المصاب بمتلازمة داون أكثر عرضة للتحرش والاعتداء الجنسي بنسبة تصل إلى 10 أضعاف نظيره السليم.
وأوضح أن هذا الطفل اعتاد على اختراق الآخرين لخصوصيات جسده منذ صغره، سواء من أفراد أسرته أو العاملين في المؤسسة التي يلتحق بها، ما يفقده التمييز بين الفعل الصحيح والتصرف الشاذ والمؤذي تجاهه.
وأكد الإمام، أن هذه إشكالية شديدة الخطورة، لأن هؤلاء الأطفال يصلون إلى مرحلة النضج الجنسي مثل غيرهم، فمن الممكن أن تحمل الفتاة المصابة بمتلازمة داون، كما أنهم يميلون بشكل طبيعي إلى التقرب إلى غيرهم، ما يجعلهم هدفاً سهلاً للمنحرفين سلوكياً. وأشار إلى أن من الجوانب السلبية والخطرة ترك بعض الأسر مسؤولية أطفالها المعاقين، خصوصاً المصابين بمتلازمة داون للمؤسسات فقط، فيتحول الطفل من ابن لأسرته إلى ابن لتلك المؤسسة، خصوصا أنه يلقى الرعاية والحنان من جانب القائمين عليها، مشيرا إلى أن تخلي أسر عن أطفالها ينسف كل التطورات الإيجابية، سواء من الناحية التعليمية أو التقنية، لأن دور الأسرة هو الأهم على الإطلاق.
وأوضح الإمام، أن هناك تغيرات عميقة تحدث للأسرة بعد ولادة الطفل المصاب بمتلازمة داون، وتتسبب في كثير من التوتر وربما تصيب الوالدين بالعزلة والصدمة وعدم الرضا، والشعور بالذنب، ما يدفعها إلى الابتعاد تدريجياً عن الابن أو على النقيض من ذلك إهمال أحد الأبوين وتحديداً الأم للأب، بسبب تركيزها على ابنها.
وشدد على إمكانية تطوير الإمكانات العقلية لهؤلاء الأطفال، وترقية مستوى ذكائهم وتعديل سلوكياتهم، لأنهم لا يجنحون للعنف إلا في حالة تعرضهم لذلك أو عزلهم من جانب أقرانهم الأسوياء في المدارس ومحيط الأسر، لأن بنيتهم النفسية ليست عدوانية، بعكس الطفل السليم الذي يصعب علاجه، إذا أصبح ميوله عدوانياً، لأن العنف يتجذر لديه.
وأبلغ الإمام «الإمارات اليوم»، على هامش المؤتمر، أن أبرز السلبيات التي تم رصدها، جهل بعض الأسر بطبيعة المرض وعزل أبنائها من ذوي الإعاقة أو حبسهم في غرف بسبب الخوف من ردود أفعال هؤلاء الأطفال في الأماكن العامة.
إلى ذلك قال الخبير في إدارة خدمات التدريب الدولي في شرطة دبي، الدكتور رضا مسعودي، إن أطفال ذوي الإعاقة أكثر عرضة للتحرش والاعتداء الجنسي، وهناك خطوات محددة يجب مراعاتها، أولها توعية الآباء أبنائهم بهذه المخاطر منذ صغرهم لحين بلوغهم ذروة النضج الجنسي، ومراقبتهم دائما، لأنهم حساسون ويميلون للآخرين وعدم التعامل معهم بعنف إطلاقاً.