الذكور أكثر عرضة من الإناث للإساءة الـــجـسدية والجنسية
أظهرت نتائج دراسة العنف ضد الأطفال المواطنين في الدولة، التي أعلنت، أمس، في مؤتمر صحافي عقدته مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، أن الذكور هم أكثر عرضة من الإناث للإساءة الجسدية والجنسية في المنزل والمدرسة. كما بينت أن طلاب المرحلة الثانوية هم أكثر عرضة للإساءة اللفظية والجنسية من طلاب المرحلتين الابتدائية والإعدادية، بينما طلاب تلك المرحلتين أكثر عرضة للإساءة الجسدية من طلاب المرحلة الثانوية. وتشير نتائج الدراسة إلى أن النسبة الأعلى من مرتكبي العنف الجسدي ضد الأطفال في المدارس هم أكبر سناً، ويأتي في المقام الأول المعلم، يليه زميل الطالب.
وكشفت الدراسة التي وجهت أسئلة تتعلق بمختلف أنواع الإساءة في كل من المنزل والمدرسة، أن 69٪ من مرتكبي الإساءة بكل أنواعها اللفظية والجسدية والجنسية ضد الأطفال في المنزل، هم أكبر منهم سنّاً، وهم أشخاص قريبون منهم، ويعرفونهم جيداً، فيما وصلت نسبة المتحرشين جنسياً بالطفل في المدرسة ممن هم أكبر منهم سناً، ويعرفونهم جيداً نحو 74٪.
وبلغ عدد عينة الدراسة التي نفذتها مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، بمشاركة عدد من الجهات المعنية في الدولة، تضمنت مؤسسة الإمارات لتنمية الشباب، وجمعية توعية ورعاية الأحداث، ووزارة الداخلية، وكذلك كل من جامعة الإمارات وجامعة زايد نحو 2793 طفلاً من مواطني الدولة، ومن كل إماراتها، تقع أعمارهم بين الـ10 والـ18، وينتمون للمراحل التعليمية الثلاث.
وتوضح تفاصيل الإجابات عن أسئلة الدراسة التي عرضت نتائجها مسؤولة البرامج والأبحاث في مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، عائشة المدفع، أكثر ثلاثة أنواع يتعرض لها الأطفال من الإساءة، سواء اللفظية والمعنوية والجسدية أو الجنسية.
وتبين النتائج أن أبرز أشكال الإساءة المعنوية واللفظية في المنزل يتركز في السبّ والشتم والصراخ في وجه الطفل بشكل عنيف ومخيف، وكذلك الإحراج والإهانة أمام الآخرين بشكل يصعب على الطفل نسيانه، فيما تتركز أشكال العنف الجسدي في المنزل في القرص في أماكن مختلفة من جسم الطفل، وشد الشعر، وأيضاً الصفع على الوجه، إضافة إلى الركل والدفع. وتضمنت أبرز أشكال الإهمال في المنزل، عدم شعور الطفل باهتمام الآخرين به، على الرغم من حاجته للدعم، وكذلك شعور الطفل بأنه غير مرغوب فيه، إضافة إلى عدم حصول الطفل على قدر كافٍ من الطعام والشراب. أما بالنسبة لأبرز أشكال العنف والإساءة الجنسية في المنزل فقد تركزت بتعرض الطفل للمضايقات في الكلام، والكتابات غير الأخلاقية، وكذلك عرض الأفلام والصور غير الأخلاقية، بالإضافة إلى الطلب من الطفل النظر إلى المناطق الحساسة في جسم مرتكب الإساءة.
وشمل أبرز أشكال الإساءة الجنسية في المدرسة، عرض أفلام وصور ومجلات غير أخلاقية على الأطفال، وكذلك التقبيل و«الضم»، إضافة الى لمس الأماكن الحساسة في جسم الطفل.
من جهة أخرى، كشفت نتائج الدراسة المتعلقة بأبرز أنواع الإساءة في المدرسة أن الإساءة اللفظية تتضمن التهديد بإنقاص درجات الطفل، والإحراج والإهانة أمام الآخرين بشكل لن ينساه الطفل، إضافة إلى السبّ والشتم. أما بالنسبة لأبرز أنواع الإساءة الجسدية في المدرسة فتشمل رمي الأشياء على الطلبة، وأيضاً الضرب على اليد والكتف والأصابع، وثالثاً الركل والدفع.
وشملت نتائج الدراسة محوراً يظهر أبرز أشكال الإساءة بالترتيب من الأعلى نسبة إلى الأقل في كل من المنزل والمدرسة، حيث أظهرت أن الإساءة اللفظية في المنزل تأتي في المقام الأول، يليها العنف المشاهد في المنزل، تليه الإساءة اللفظية في المدرسة، ثم الإهمال في المنزل، تليه الإساءة الجسدية للأطفال في المنزل، ثم الإساءة المعنوية في المنزل، تأتي بعدها الإساءة المعنوية في المدرسة، تليها الإساءة الجسدية في المدرسة، ليأتي في الترتيب الأخير الإساءات الجنسية في المنزل والمدرسة.
إلى ذلك كشفت نتائج الدراسة أن 71٪ من الأطفال لا يعرفون بوجود خطوط ساخنة ووسائل مساعدة مختلفة لحماية الطفل في الدولة، فيما أبدى نحو 51٪ من الأطفال استعدادهم للاتصال وطلب المساعدة من الجهات المختلفة المعنية بحمايته عبر الوسائل المتاحة وخطوط الاتصال المتوافرة.
توصيات
العنف تعرّف منظمة الصحة العالمية العنف بأنه استخدام القوة الجسمية بالفعل أو التهديد ضد النفس أو شخص آخر أو مجموعة من الناس أو ضد المجتمع، ما يؤدي إلى حدوث إصابة أو أذى نفسي أو سوء نمو، أو حرمان، أو احتمالية الموت، ويشمل العنف كل أفعال التهديد والتخويف التي تندرج في إطار العلاقات التي يحكمها الطابع السلطوي، وكذلك أفعال الإهمال والتخويف. |
وأوصت نتائج الدراسة بضرورة إعداد برنامج متكامل لحماية ووقاية الأطفال من أشكال العنف كافة، وكذلك العمل على توحيد وتنسيق الجهود بين الجهات والمؤسسات المعنية الحكومية والمدنية، وكذلك المتخصصة في تقديم الدعم والحماية للأطفال.
وتتضمن التوصيات أيضاً ضرورة تمكين المؤسسات المتخصصة من القيام بدورها على أكمل وجه، وذلك من ناحية توفير القوانين والتشريعات المطلوبة للعمل. وتوصي الدراسة كذلك بوجوب تدريب الكوادر البشرية للتعامل مع حالات العنف والإساءة ضد الأطفال، بالإضافة إلى ضرورة تحسين وسائل وإجراءات حماية الطفل، من خلال التطوير المستمر للمؤسسات القائمة على حماية الأطفال، وكذلك زيادة الوعي المجتمعي بقضايا العنف والإساءة ضد الأطفال.
هدف الدراسة
وأشارت رئيسة لجنة دراسة العنف والإساءة ضد الأطفال في مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، الدكتورة منى البحر، إلى أن الدراسة هي الأولى من حيث تنفيذها على مستوى كل إمارات الدولة، ومن ناحية أخرى فهي جزء من دراسة تقام على مستوى العالم بالتنسيق مع المنظمة العالمية المعروفة باسم «إسبيكان»، مضيفة انها الأولى من حيث حجمها وعدد الشركات والجهات المتعاونة على تنفيذها، والتي شملت جهات أكاديمية وتطبيقية وتنفيذية. وأضافت أن الهدف من إجراء الدراسة يتمحور في تحديد طبيعة مشكلة العنف ضد الأطفال، وما إذا كانت ظاهرة أو مشكلة او حالة طارئة، ومعرفة نسبة انتشارها بغرض وضع مقترحات وتوصيات قد تعتمد لاحقاً على شكل سياسات أو برامج تدخل مبكر مباشرة أو غير مباشرة، أو برامج توعوية ووقائية. وتابعت أن الأهداف الفرعية لإجراء الدراسة تتلخص في تحديد نسبة تعرض الأطفال للعنف، وعلاقة الطفل بالشخص المسيء، سواء في المنزل أو في المدرسة، وكذلك تحديد معرفة الطفل بوسائل المساعدة وطرق الحماية داخل الدولة. وأوضحت البحر أن الدراسة جاءت لقياس حجم العنف الأسري لدى الأطفال في الإمارات، بهدف تعزيز العناية بقضايا العنف على الأطفال وإهمالهم والحد منها، مشيرة إلى أن المؤسسة عمدت إلى إجراء الدراسة الدولية ليستفيد منها أصحاب القرار في عمليات اتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة مثل هذه المشكلات. وأضافت أن مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال أجرت الدراسة بالتعاون مع منظمة «إسبكيان» الدولية التي تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة في مجال حماية الأطفال، لافتة إلى أنها استفادت من الاستبيان الذي سبق لمنظمة «اسبيكان» إعداده، بعد أن أجرت عليه تعديلات بما يتوافق مع الخصوصية المحلية لدولة الإمارات، بموافقة المنظمة الدولية.
عينة الدراسة
وبلغ عدد عينة الدراسة 2793 طفلاً إماراتياً تقع أعمارهم بين 10 و18 عاماً، نسبة الذكور منهم بلغت 52٪، مقابل 47.9٪ من الإناث. وتوزعت العينة بين 17٪ من الأطفال في المرحلة الابتدائية، و49٪ في المرحلة الإعدادية، مقابل 39٪ في المرحلة الثانوية. أما توزيع العينة بين إمارات الدولة فكانت 17٪ من رأس الخيمة، و16٪ من عجمان، و13.9٪ من الفجيرة، و15٪ من الشارقة، مقابل 14٪ من أبوظبي، والنسبة نفسها من دبي، مقابل 7٪ من أم القيوين. وقد رد القائمون على إجراء الدراسة تفاوت النسب بين الإمارات للكثافة الفصلية في الصفوف المدرسية المتفاوتة بين إمارة وأخرى.