النطق بالحكم ‬9 يونيو المقبل

دفاع المتهم بقتل «وديمة»: الواقعة الحقــــيقية «ضرب عادي»

قضية «وديمة» أثارت اهتمام الرأي العام وكانت وراء تسريع صدور قانون حماية الطفل. أرشيفية

دفع محامي الدفاع عن حمد سعود، المتهم بقتل طفلته «وديمة» وحجز حرية شقيقتها «ميرة» حمدي الشيوي، في مرافعته أمام الهيئة القضائية، أمس، بأن التعذيب والحرمان من الحرية لا يفضيان إلى الموت، مطالباً باعتبار جريمة حمد «واقعة ضرب عادية».

وانتهت محكمة الاستئناف في دبي أمس، من الاستماع الى المرافعة الختامية في القضية المعروفة إعلامياً باسم قضية «وديمة» المتهم فيها حمد وشريكته في القضية، العنود محمد.

وحددت الهيئة التي عقدت برئاسة القاضي عيسى الشريف وعضوية القاضيين محمود سلطان وراشـد السمـيري، ‬9 يونيو المقبـل موعـداً للنطق بالحكم في القضـية.

وتفصيلاً، دفع محامي الدفاع عن المتهم، حمدي الشيوي، في مرافعته أمام الهيئة، بوجود مانع شرعي حول عقوبة الاعدام، التي أصدرتها محكمة أول درجة منتصف فبراير الماضي بحق المتهم حمد.

حروق «وديمة»

قال المتهم حمد سعود بعدما سمحت له الهيئة القضائية بالحديث، إن تقرير الطب الشرعي ذكر أن ابنته المتوفاة كانت تعاني فقر دم حاداً، وأن ‬90٪ من الحروق التي وجدت في جسدها لحقت بها أثناء وجودها مع طليقته، وأن ثلاثة حروق فقط هي الجديدة. وأشار إلى أن ابنته ميرة «دخلت المستشفى بتاريخ ‬30 مايو، وخرجت منه بتاريخ ‬31 مايو، ما يدلّ على أنها لم تكن تعاني مشكلات صحية حديثة، وأن ما كان في جسدها هو حروق قديمة». وتابع أنه تم تحويل ميرة للعلاج النفسي في ‬31 مايو، ولم تذكر أي شيء له علاقة بتعذيب، ولا غيره، ولم تقل إن والدها كان يعذبها، وكل ما قالته أنها تشعر بأنها غير محبوبة من الآخرين، معتبراً أن ذلك يؤكد أنه لم يكن يعذب ابنتيه بقصد الموت، وأن مقصد ما كان يفعله هو التأديب. وقال: «عندما سئلت ميرة عن وفاة أختها، أجابت بأن جنياً كان متلبساً بها، وأنها كانت تتحدث كالرجال، وهو ما لا يصدقه العقل، وأنا أعاني مع ابنتي من السحر وأعمال الشعوذة التي كانت مارستها طليقتي وأمها على مدار ‬11 عاماً»، مشيراً الى أنه لا يطلب البراءة من المحكمة، ولا تخفيف الحكم، وإنما يطلب فقط إظهار العدالة وتحقيقها.

وقال إنه ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه «لا يقاد الوالد بولده»، كما ورد قول رسولنا الكريم «أنت ومالك لأبيك». وزاد الدفاع أن الحديث الأول صريح، وقاطع في معناه، بأنه لا يقتل الوالد بولده.

وأما الثاني، فقد قال الفقهاء فيه إن جلّ الحق للوالدين بعد الله، مستشهداً بحديث الرسول صلى الله عليه سلم في انتفاء قتل الوالد بولده «أنت ومالك لأبيك».

وأضاف الشيوي أن حكم أول درجة ذكر أن مذاهب الشافعية والحنابلة والأحناف لا تجيز قتل الوالد بولده، وأن المالكية تذكر أنه لا يجوز قتل الوالد بولده إلا إذا اشترط القتل العمد، كأن يذبحه بسكين، مطالباً بإلغاء حكم الإعدام بحق والد وديمة، ومعاقبته عملاً بنص المادة ‬339 من قانون العقوبات الاتحادي.

وقال إن النيابة العامة أسندت لوالد وديمة وشريكته تهمة حجز حرية المجني عليهما «وديمة» و«ميرة» في سن الحداثة (‬8 و‬7 سنوات) وحرمانهما من حريتهما بغير وجه قانوني، واستعمال القوة، والتهديد وأعمال التعذيب البدني والنفسي بحقهما لمدة تقترب من ستة أشهر، الذي أفضى إلى موت المجني عليها الأولى، مشيراً الى أن الركن المادي للجريمة في المادة ‬344 يتمثل بـ«الحجز أو الخطف أو الحرمان من الحرية، دون أن تفضي إلى الموت»، وأن هذا الركن لم يتحقق في جانب قضية حمد، لأنه كان الحاضن للصغيرتين، وتالياً لم يحرمهما من حريتهما، ولم يحجزهما، ولم يحرمهما من الطعام والشراب.

وبين المحامي، الذي أشار إلى أنه يقوم بواجبه بمقتضى تكليفه من الهيئة القضائية للدفاع عن والد «وديمة»، أن الاعتداء أو التعذيب والحرمان من الحرية لا يفضيان إلى الموت، إلا إذا منع الطعام أو الشراب عن الضحية، مشيراً إلى أن وديمة كانت محتجزة في الحمام، لكن هناك مياه تنقذ حياتها إذا احتاجت إليها، مضيفاً أن جميع الناس مردهم في النهاية إلى الله خالقهم، وأنه إذا استخدم الأب القوة تجاه ولده وتجاوز حدود التأديب فإن الله سيحاسبه، أما إذا سيق إلى القضاء فإن أصول العدالة استقرت، لأن الإدانة يجب أن تستدلّ إلى أدلة عمادها «اليقين» لا «الظن والتخمين».

وزاد أنه «إذا أردنا أن نبحث عن دليل للإثبات في القضية، فليس هناك سوى أقوال حمد وطفلته ميرة. وأنا أكتفي بأقوال حمد في النيابة العامة، لأنه ذكر الحقيقة كاملة، وهي أن ابنتيه لم تسمعا كلامه، فلجأ إلى ضربهما بطريقة غير عاقلة».

وشدد على أن الوصف الإجرامي الحقيقي للقضية ليس كما جاء في المادة ‬344 من قانون العقوبات الاتحادي، مشيراً إلى أنها بعيدة تماماً عما في أوراق القضية، وأن الأوراق لم تسعف النيابة العامة.

وأكد الشيوي أنه قرأ الحكم الابتدائي، ووجد أن الاستدلال فيه ضرب من التحكم على حد وصفه، مبيناً أنه لم يعرض الركن المادي طبقاً للمادة ‬344 بل كان هناك خلط بين الإيذاء والاعتداء وحجز الحرية، وأن هذا الخلط لا يجوز في الحكم.

وأوضح أن حكم محكمة الجنايات ذكر أن «القصد الجنائي» ثابت بحق المتهم لأن الأحداث الطبيعية للواقعة تفضي إلى الموت، مشيراً إلى أن المجرى الطبيعي لفعل الحجز أو الاعتداء الذي قام به والد وديمة لا يفضي إلى الموت على الإطلاق.

وفي ما يتعلق بتقرير الطب الشرعي، أشار الشيوي إلى أن التقرير لم يحدد سبباً قطعياً في وفاة الطفلة وديمة على الإطلاق، وأن تهمة الحجز والاعتداء التي ذكرتها النيابة العامة والشهود كانت على سبيل التأديب. وقال الشيوي للقضاة: «نحن أمام وقائع فيها تجاوز للحدّ الإنساني، لكن هذا التجاوز لا تصفه المادة ‬344 لا من قريب أو بعيد، وهناك خلط في الحكم بين التعذيب والاعتداء وأفعال الحجز والحرية، معتبراً أن «الواقعة الحقيقية هي ضرب عادي».

وشدد على انتفاء القصد الجنائي في نية والد وديمة قتلها، موضحاً أن القصد في القتل العمد تستخلصه المحكمة من الظروف والملابسات، لكن وقائع وقضية والد وديمة لا ترشح وجود قصد لديه لإزهاق روح ابنته، وليس هناك دليل أو إشارة إلى أن هناك قصداً.

تويتر