المنصوري: طمع الضحايا وراء 80٪ مــــن جرائم الاحتيال
أكد مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية، العميد خليل إبراهيم المنصوري، أن «الطمع» يعد عاملا مشتركا في نحو 80٪ من جرائم الاحتيال، مشيراً إلى أن المحتالين لا يتميزون بذكاء حاد، كما يعتقد البعض، لكنهم يستهدفون الأشخاص الذين لديهم طمع، يعميهم عن تمييز الخطأ من الصواب.
فيما ذكر مدير إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية، المقدم صلاح بوعصيبة، إن الإدارة سجلت قضايا احتيال عدة، وقعت نتيجة إغراءات مالية كبيرة للمجني عليهم، مثل شخص خليجي تعرض للاحتيال ست مرات، خلال خمسة أشهر، بسبب إغرائه بالفوز بجائزة قدرها مليون دولار، وتاجر من دولة آسيوية دفع أكثر من مليوني درهم، لمحتالة أقنعته بمضاعفة الأموال.
وتفصيلاً، قال المنصوري لـ«الإمارات اليوم»، إن ثمة اقتراحات مطروحة، لتحميل الأشخاص الذين يقعون ضحايا الاحتيال نتيجة الطمع، جانبا من المسؤولية القانونية لكن لم يتم تفعيلها، حتى لا يتخوف ضحايا الاحتيال من اللجوء إلى الشرطة، معتبراً أن مجرد مناقشة هذا الطرح يؤكد أن هؤلاء يتحملون جانبا من المسؤولية.
آلة سحرية
قال مدير إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية، المقدم صلاح بوعصيبة، إن بعض القضايا المسجلة لدى الإدارة لا تخلو من الطرافة، مثل قضية شخص عربي تعرض للاحتيال من جانب شخصين إفريقيين سرقا منه بالحيلة مبلغ 335 ألف دولار (نحو 1.23 مليون درهم) قبل أعوام عدة، بعد أن أوهموه بقدرتهم على استثمارها في مجال الذهب، ثم اختفيا. وأشار إلى أن أحد المتهمين اتصل بالمجني عليه لاحقا، وقال له إنهما أبعدا عن الدولة، وسيرسلان أشخاصاً من طرفهما بآلة سحرية تحول الأوراق البيضاء إلى دولارات، فالتقى الرجل المتهمين فعلا، وأجروا له تجربة بالجهاز. وأوضح أن الرجل لجأ إلى الشرطة، وتم إعداد كمين للمتهمين، من خلال أحد عناصر الشرطة، وضبطت العصابة مع الجهاز المستخدم الذي أطلق عليه آلة الوهم. وأشار بوعصيبة إلى أن هذه القضية التي وقعت منذ سنوات، توضح كيف يمكن لمحتال استخدام أساليب ساذجة للغاية في إقناع ضحيته بدفع مبالغ هائلة لشراء الوهم، مؤكدا أن القناعة وعدم اللجوء إلى وسائل غير شرعية، هما السبيل الوحيدة لحماية الأموال والممتلكات من هؤلاء المحتالين. |
وأضاف أن كثيرا من جرائم الاحتيال التي سجلتها شرطة دبي، لا يمكن تخيل وقوعها بهذه السذاجة، ضارباً مثالاً بمواطن تعرض للاحتيال من جانب أشخاص أفارقة حصلوا منه على مبلغ يزيد على 500 ألف درهم، بهدف مضاعفتها وفروا هاربين، وبعد فترة صادف أحدهم في سوق نايف فقبض عليه وبدلا من تسليمه للشرطة أقنعه المتهم بأنه سيعيد له ماله أضعافاً عدة، إذا سدد مبلغا آخر، مبدياً دهشته من اقتناع المواطن بكلام المحتال ودفعه له مبلغاً آخر.
وأشار المنصوري إلى أن جرائم الاحتيال بواسطة مضاعفة الأموال، تعد من الجرائم التي عفا عليها الزمن، ويتم التحذير منها بشكل شبه يومي بواسطة كل أجهزة الشرطة منذ عقود طويلة، ومع ذلك لاتزال تقع حتى الآن، وسجـلت شـرطة دبي خـمس قضايا خلال الربع الأول من العام الجاري.
وأكد أن الشخص يمكنه أن يحمي أمواله إذا فكر لثوان معدودة، وسأل نفسه عن حاجة المحتال إلى أمواله إذا كان يستطيع إثراء نفسه، سواء بمضاعفة النقود أو أي من وسائل الاحتيال الأخرى، لافتا إلى أن الطماعين الذين يسعون للثراء بطريقة غير قانونية، يعدون أسهل ضحايا المحتالين.
إلى ذلك، قال مدير إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية، المقدم صلاح بوعصيبة، إن الإدارة سجلت 45 جريمة احتيال متنوعة، خلال الربع الأول من العام الجاري، كثير منها حدث نتيجة طمع المجني عليه. وأضاف أن من بين هذه الجرائم خمس قضايا مضاعفة أموال، إحداها لتاجر يحمل جنسية دولة آسيوية، حصلت منه محتالة على أكثر من مليوني درهم، بسبب رغبته في مضاعفتها، لكنه اكتشف بعد أن سلم لها المبلغ طواعية أنه وقع ضحية الاحتيال.
وأشار إلى أن شخصا خليجيا تعرض للاحتيال ست مرات متتالية، خلال أقل من خمسة أشهر من رجل وامرأة نيجيريين أوهماه بفوزه بجائزة ضخمة مليون دولار من شركة مشروبات غازية معروفة، وحصلوا منه على مبالغ مالية كبرى تصل إلى نحو 850 ألف درهم. وقال بوعصيبة، لـ«الإمارات اليوم»، إن الواقعة بدأت حين ورد بلاغ من رجل خليجي يدعى (م.ع.ع)، يفيد بأنه كان موجودا في موطنه في سبتمبر الماضي، حينما تلقى رسالة نصية تفيد بأنه فاز بمبلغ مليون دولار أميركي من شركة شهيرة للمشروبات الغازية.
وأضاف المجني عليه أن شخصا يدعى فرانك تواصل معه لاحقا، وأبلغه بأنه مسؤول العلاقات العامة لدى شركة المشروبات الغازية، وأكد فوزه بالجائزة الكبرى ويتم التحضير حالياً لتسليمه إياها لكن يستلزم الأمر قيامه بسداد ما يوازي نحو 50 ألف درهم إماراتي بعملة بلاده حتى يحصل على شهادة تؤكد استحقاقه للجائزة على أن يقوم بتحويلها بنكيا بأسماء أشخاص آخرين هم (ج.س)، ومشتبه فيه ثان يدعى (ج اجبي)، وامراة تدعى (د. دانيل)، ورجل يدعى (ف.بن)، وشخص يدعى (ج. كارلوس)، وأشار بوعصيبة إلى أنه على الرغم من الشبهات التي تحيط بسلوك المتهمين، والتي تستدعي الشك إلا أن المجني عليه حول المبلغ المطلوب إلى أحد الاشخاص، وانتظر رسالة تفيد موعد تسلمه الجائزة.
وأوضح أن أحد المحتالين اتصل به فعليا في نوفمبر من العام الماضي، وأبلغه بأن عليه سداد مبلغ آخر يصل إلى 117 ألف درهم لكن بعملته المحلية، بحجة استخراج شهادة غسل أموال حتى لا يسأله أحد عن مصدر النقود التي سيتسلمها من الجائزة، لافتا إلى أن المفاجأة أن الرجل حول المبلغ فعليا إلى المحتالين. وتابع أن المحتالين لم يتوقفوا عند هذه المرحلة، بل واصلوا اصطياد الرجل واتصل به أحدهم في شهر ديسمبر من عام 2012، هنأه بتحويل مبلغ الجائزة إلى بنك «نوردن» في هولندا، والذي سيتولى بدوره تحويله إليه بعد انتهاء الإجراءات وسداد الضرائب الجمركية المستحقة على المبلغ والتي تقدر بما يساوي 166 ألف درهم بعملته المحلية. وفي شهر يناير من العام الجاري طلب منه الشخص نفسه مبلغ 166 ألف درهم أخرى أتعاب محامي شركة المشروبات الغازية الذي تابع عملية تخليص إجراءات الجائزة، وسدد المجني عليه المبلغ كذلك من دون تردد. وأفاد بوعصيبة بأن العصابة التي وجدت في الرجل هدفا نموذجيا واصلت استنزافه وطلب منه المحتال الذي يطلق على نفسه اسم فرانك في فبراير من العام الجاري مبلغ 117 ألف درهم بعملته المحلية رسوم ضرائب بنكية للجائزة.
ولفت إلى أن المحتالين لم يكتفوا بذلك ولكن طلبوا منه في آخر مرة سداد مبلغ يساوي نحو 244 ألف درهم، والتوجه إلى دولة الامارات لمقابلة مندوب شركة المشروبات الغازية يدعى (ج.بن) المتهم الاول ومسؤول الجائزة امرأة تدعى (ر.م ـ المتهم الثانية). وأوضح أنه تلقى اتصالا لاحقا من المتهمة الثانية أبلغته بضرورة الاتصال به فور وصوله إلى الإمارات حتى تحدد المكان المناسب للقائه، ووصل فعليا في شهر مارس الماضي، واتصل بها، فطلبت منه ما يوازي 166 ألف درهم إماراتي، وهنا فقط أدرك أنه وقع ضحية عملية احتيال.
وقال بوعصيبة إن الرجل قرر أخيرا اللجوء إلى الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، وعلى الفور قامت مكافحة الجرائم الاقتصادية بتشكيل فريق عمل لمتابعة قضيته والتنسيق معه لضبط المحتالين من خلال إقناعهم بتوافر المبلغ معه. وأضاف أن الإدارة جهزت المبلغ المتفق عليه وقامت بتصوير جزء منه مسبقا وانتقل المشتكي إلى المكان المتفق عليه وهو أحد الفنادق في منطقة أبوهيل، واتخذ أفراد الشرطة أماكنهم حتى حضر المحتالان إلى الفندق والتقيا ضحيتهما في منطقة استقبال الفندق، وطلب منهما المشتكي أن يحررا له ايصال أمانة بالمبالغ التي حصلا عليه منه قبل تسليمهم المبلغ المالي.
وبعد تحرير وصل الامانة قام بتسليمهم المبلغ وأعطى الإشارة المتفق عليها لأفراد الكمين، وتم إلقاء القبض عليهما، وأحيلا إلى الجـهات المخـتصة للتحقيق معهما في الواقعة.