«دائرة القضاء» أكدت حرصها على تيسير التقاضي. تصوير: إريك أرازاس

متقاضون: «الإنابة» والتأجيل يعطلان سير القضايا

أفاد متقاضون ومحامون بأن لجوء كثير من المحامين إلى إنابة زملائهم لحضور جلسات محاكمات موكليهم، يؤدي إلى إطالة أمد نظر القضايا، وبالتالي تعطيل مصالحهم والتأثير سلباً في مجريات القضايا ذاتها.

وأكدوا لـ«الإمارات اليوم»، أنه لا يوجد أي إجراء رسمي ينظم عملية الإنابة، إذ يستطيع أي محام إنابة محامٍ زميل لحضور الجلسة لطلب تأجيلها، بسبب عدم رغبته في الحضور أو انشغاله في قضايا أخرى، وطالبوا بوضع آلية لتنظيم هذه العملية لتقليص مدة نظر القضايا.

وكان رئيس دائرة الجنايات في أبوظبي، المستشار سيد عبدالبصير، انتقد أثناء نظر إحدى القضايا لجوء أحد المحامين إلى إنابة محامٍ زميله لتأجيل نظر قضية مرات عدة دون مبرر كافٍ، وعندما طالب المتهم البدء في نظر القضية لإصدار الحكم، أبلغه القاضي بأن «سبب التأجيل محاميه، وعليه أن يتواصل معه لحثه على حضور الجلسة»، ولم يجد رئيس الدائرة بداً من تأجيل القضية لمدة أسبوع.

وتفصيلاً، قال المواطن يوسف حامد إنه أوكل أحد كبار المحامين في إمارة أبوظبي للدفاع عنه في قضية لا تستغرق في العادة ـ بحسب قول المحامي له ـ أكثر من ثلاث أو أربع جلسات، يمكن نظرها خلال أقل من شهر، وبعد أن اتفق معه على الأتعاب، وتم تحديد موعد نظر أول جلسة، فوجئ بأنه ينيب محامٍ آخر لا يعرفه يطلب التأجيل بحجة وجوده في محكمة أخرى خارج الإمارة، وتوالت هذه العملية مرات عدة، ما أدى إلى إطالة أمد القضية دون مبرر.

وقال (أبوجاسم)، والد متهم في قضية هتك عرض التقته «الإمارات اليوم» في دائرة القضاء، إن ابنه تم حبسه احتياطياً على ذمة قضية هتك عرض تشير كل ملابساتها إلى أنه كان ضحية مكيدة صنعتها فتاة تعرف إليها عن طريق الإنترنت، وهو ما جعله يلجأ إلى أحد المحامين المعروفين لتولي القضية حتى يستطيع ابنه أن يعود إلى دراسته في أقرب فرصة.

وأضاف أن المحامي دأب على الاعتذار عن حضور الجلسات مرات عدة، ولجأ إلى إنابة زملاء له لتأجيل القضية، ما دفعه إلى الذهاب إليه في مكتبه والتهديد بتقديم شكوى في حال طلب تأجيل القضية، وطالب المحامي ببذل الجهد المطلوب منه، وقال إن إطالة أمد القضية أدى إلى إطالة مدة حبس ابنه وبالتالي ضياع سنة دراسية عليه.

من جهته، قال المحامي علي خضر، إن الإنابة تجوز قانوناً في أنواع القضايا كافة سواء كانت جنائية أو جزائية ويلجأ إليها المحامي في بعض القضايا التي لا يكون فيها حضوره مسألة مؤثرة في سير القضية، ومن بين المهام التي ينيب فيها محامٍ زميله طلب تأجيل نظر القضية، أو تقديم مذكرات الدفاع بدلاً منه أو تقديم طلبات معينة من هيئة المحكمة لخدمة المتهم.

وأضاف خضر أن الإنابة لابد أن تكون من خلال ما يسمى «سند الإنابة» وهو نموذج ورقي لابد من تقديمه للمحكمة موقع عليه من المحامي الأصلي والمحامي المناب، وعليه خاتم المكتب، ويتم تسجيله وإثباته في محضر الجلسة.

وأوضح المستشار القانوني حمد عبدالله، أن الإنابة في حد ذاتها إجراء قانوني هدفه التيسير على الأطراف وتبسيط الإجراءات، إلا أن هناك بعض المحامين الذين يستخدمون هذا الإجراء بشكل مبالغ فيه، بحيث يجعلون تأجيل القضايا أول خياراتهم في حال عدم تمكنهم من الحضور، بسبب انشغالهم بكثرة القضايا التي يتولاها هؤلاء المحامون وتعدد الدرجات والمحاكم التي يتعاملون معها.

وأوضح أن التأجيل قد يكون في صالح المتهم أكثر من العجلة في إعداد الدفاع بشكل قد يضر قضيته، لافتاً إلى ضرورة وجود آلية تنظيمية لهذا الإجراء حفاظا على حقوق المتقاضين.

من جانبها، أفادت دائرة القضاء في أبوظبي بأن هناك إجراءات تنظيمية بالفعل لعملية إنابة المحامين لزملائهم، موضحة أنها درست تحديد حدّ أقصى لعدد مرات الإنابة لكل محامٍ، وعندما نوقش الأمر مع المحامين لم يجد ترحيباً، باعتبار ذلك قد يعرقل عمل المحامين، خصوصا أن هناك عددا كبيرا من القضايا التي يعمل عليها المحامون، ما يضطرهم للتنسيق في ما بينهم بما لا يضر مصلحة المتقاضين.

وأكدت الدائرة حرصها على تيسير إجراءات التقاضي باتخاذ جميع الإجراءات والنظم الكفيلة بالإسراع في التقاضي للوصول إلى العدالة الناجزة.

الأكثر مشاركة