التفكك الأسري يدفع أبناء إلى دائرة التعاطي. تصوير: أسامة أبوغانم

‬75 ٪ من أبناء الأسر المفككة يلجأون إلـــى التعاطي

كشف مدير مركز دعم اتخاذ القرار في شرطة دبي، الأمين العام لجمعية توعية ورعاية الأحداث، الدكتور محمد مراد عبدالله، أن التفكك الأسري يعد سبباً غير مباشر لاتجاه نسبة تصل إلى ‬90٪ من الأبناء إلى المخدرات.

وقال مراد في تصريحات صحافية، إن التفكك الأسري وإهمال الأبناء يدفع ‬75٪ إلى ‬90 ٪ منهم بقوة إلى أحضان رفاق السوء، الذين يعتبرون السبب الرئيس لتعاطيهم المخدرات، نتيجة غياب الرعاية والرقابة، خصوصاً في سن ‬15 سنة، حيث يكون الحدث في ذروة المراهقة ولديه رغبة في التمرد على الواقع السيئ الذي يعيش فيه.

الحفاظ على الأبناء

أوصى مدير مركز دعم اتخاذ القرار في شرطة دبي، الأمين العام لجمعية توعية ورعاية الأحداث، الدكتور محمد مراد عبدالله، الأسر باتباع نقاط عدة للحفاظ على الأبناء، أهمها:

- ضرورة وجود لغة حوار ونقاش على درجة كبيرة من الصدقية، مصحوباً بقدر كبير من الصبر في التعاملات مع الأبناء أصحاب الأسر المفككة لمحاولة إعادة تأهيلهم مرة أخرى، ودمجهم في الحياة الاجتماعية بالشكل الصحيح للحد من معدلات توجه الأبناء للانحراف.

- محاولة زيادة الدافع لدى الأبناء لتحقيق هدف ذاتي من خلال تقوية الوازع الديني حتى يمكن تنشئة القدرة عند الابن أو الابنة في كيفية مواجهة، وحل المشكلات التي يواجها بقدر كبير من الإيمان.

- محاولة زيادة معدلات ضخ، وبث روح الثقة في نفس الأبناء، ومنح نسب أعلى من الإحساس بالذات.

- ضرورة تكوين صورة شاملة بشكل جديد عن مفهوم الحياة لدى الأبناء مقترنة بالقيم الدينية الصحيحة، والشيم الأخلاقية القويمة.

وأوضح أن الدراسات الميدانية التي أجريت على طلبة المدارس في الإمارات كشفت أن أغلبية العادات السيئة تأتي مباشرة من أصدقاء، مثل مادة الغراء التي تعد إحدى مقدمات الإدمان، إذ تبين أن نحو ‬80٪ من الذين يستنشقونها يشاركون أصدقاءهم في ذلك.

وأضاف لـ«الإمارات اليوم»: ان مدمني المخدرات يحرصون على جر أكبر عدد من رفاقهم إلى طريق المخدرات حتى لو كان على نفقتهم الشخصية، مشيراً إلى أن الدراسات الميدانية أكدت أن نحو ‬15٪ من المدمنين حصلوا على الجرعة الأولى من أصدقائهم، إذ إن الرفاق الأغنياء يتحملون كلفة مخدرات ‬18٪ من أصدقائهم المدمنين.

ولفت إلى أن الأحداث في هذه السن يسيطر عليهم نوع من الفضول وحب الاستطلاع لاكتشاف كل ما هو جديد، وفي ظل غياب التوعية والرعاية من جانب الأسرة، خصوصاً الأبوين، يكون للحدث استعداد نفسي كبير لتجربة المخدرات، ومن ثم التعاطي بعد ذلك.

وأشار إلى أن فئة من الآباء يعتقدون أن توفير الرفاهية المادية لأبنائهم يعد بديلاً عن الاهتمام والرعاية، مؤكداً أن اهتمام طرف واحد بالابن لا يمكن أن يكون بديلاً للأبوين معاً، فالأم لا تستطيع أداء دور الأب وكذلك الأخير لا يمكنه أن يعوض دور الأم، لذا من الضروري وجود نوع من التوافق بينهما تحقيقاً لمصلحة أبنائهما.

وأفاد مراد بأن الدراسات الميدانية التي أجريت من جانب مركز دعم واستطلاع القرار أثبتت أن معدلات الجريمة تزيد بين الأبناء الذين ينتمون إلى اسر تعاني التفكك الأسري مقارنة بنظرائهم الذين ينتمون إلى أسرة تعيش حياة طبيعية سوية.

وأوضح أن تعاطي المخدرات ليس الجريمة الوحيدة التي يتورط فيها أبناء الأسر المفككة، بل يمتد الأمر إلى أشكال وصور مختلفة من الجرائم والانحرافات مثل السرقة والاعتداءات، لافتاً إلى أن هؤلاء الأحداث يكونون أكثر عنفاً من غيرهم، بسبب ظروفهم الاجتماعية وسخطهم على نظرائهم الذين يعيشون حياة أكثر استقراراً.

وعزا مراد التفكك الأسري إلى أسباب عدة، منها التحلل والبعد عن المبادئ الدينية والمجتمعية، التي تؤكد ضرورة توافر قيم معينة مثل المودة والرحمة في التعاملات الأسرية، وتأثر العلاقات العائلية بالشك وفقدان الثقة بين أطراف الأسرة، وهو الأمر الذي يؤدي مباشرة إلى انعزال كل طرف والانفصال لاحقاً.

ولفت إلى أن من أسباب التفكك كذلك عدم توافر عنصر الانسجام في بعض الأحيان بين أفراد الأسرة، نتيجة وجود العديد من الاختلافات الجوهرية، سواء كانت ثقافية أو فروق اجتماعية أو مشكلات مادية، والتفرقة في المعاملة بين الأفراد داخل الأسرة الواحدة وتميز فرد عن غيره.

وأكد أن من أخطر أسباب التفكك تدخل بعض الأصدقاء والأقارب في الشؤون الخاصة بقصد أو من دون قصد، ما يفقد الأسرة عنصر الخصوصية والقدرة على كتمان أسرارها، وهو ما يؤثر مباشرة في الأبناء ويجعلهم أكثر انفتاحا على غيرهم الذين ربما يستغلونهم.

وكشف مراد أن بعض الأسر للأسف تطبق مفهوم الاستقلالية بشكل خاطئ، مثل ترك الأم المنزل لفترات طويلة لانشغالها في العمل دون التفكير في الأبناء، وكذلك انشغال الأب وترك الأبناء مع الخادمة، مشيراً إلى أن احتياج الأسر لعمل الأبوين بسبب مشكلات اقتصادية مثل الديون وغيرها ربما يكون سبباً في ذلك، لكن من الضروري ألا يؤثر هذا السلوك في الاهتمام بالأبناء، لأنهم الاستثمار الحقيقي.

وأفاد بأن فقدان احد الوالدين يؤدي أحياناً إلى اضطراب في محيط الأسرة، لذا من الضروري تكثيف جرعة الاهتمام بالأبناء الذين يفقدون أحد أبويهم حتى يستعيد اتزانه النفسي ولا يلجأ إلى رفاق سيئين يفسدون حياته.

وأكد مراد أهمية وجود لغة حوار يستند إلى الانفتاح والصدقية بين الآباء والأبناء، وتوفير قدر أكبر من الوقت للجلوس معهم والاستماع إلى مشكلاتهم، وعدم التعامل معهم بعنف في حالة الخطأ، ولكن يجب تقويمهم بصورة مناسبة من دون إفراط أو تفريط.

وأشار إلى أن من الضروري على الجهات التي تتعامل مع أبناء الأسر المفككة التصرف بمرونة معهم والصبر عليهم، وإدراك أنهم أكثر حساسية وتطرفاً من غيرهم، مؤكدا أن إعادة تأهيل هؤلاء الشباب الجانحين ودمجهم مجدداً في المجتمع ليس أمراً مستحيلاً، ولكن يحتاج إلى معاملة خاصة من جانب أشخاص مؤهلين.

وأوضح مراد أن جانباً من العلاج الناجح يعتمد على التوفيق بين أطراف الأسر المفككة وإقناع الأب والأم بضرورة لمّ الشمل من أجل مصلحة أبنائهم بهدف تقليل الخسائر وإعادتهم إلى المسار الصحيح، مؤكدا أهمية عدم التعامل مع الأحداث الجانحين باعتبارهم مجرمين، ولكن باعتبارهم ضحايا يجب علاجهم بطريقة مناسبة.

الأكثر مشاركة