إثبات عدم الإفلاس مسؤولية الدائن
أكدت محكمة النقض في حكم أصدرته، أخيراً، أن مسؤولية إثبات يسار «عدم إفلاس» المدين، تقع على صاحب الدين، لأن الأصل في الشريعة الإسلامية هو الإعسار، وعندما يدعي مدين أنه أفلس فعلى الدائن أن يثبت العكس.
وقضت المحكمة بنقض حكم مستأنف كان قد قضى بعدم قبول دعوى إشهار إفلاس تقدمت بها معلمة، تعرضت لعمليات احتيال، وفشلت في الوفاء بديونها.
وتتلخص الوقائع في أن الطاعنة رفعت دعوى تطلب فيها الحكم بإشهار إعسارها، لعدم قدرتها على سداد المبالغ المطالبة بها من خصومها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الخصوم بالمصروفات، وقالت إنها كانت تعمل في التدريس، إضافة إلى أعمال أخرى بقصد الربح، إلا أنها تعرضت للاحتيال من جانب أشخاص دفعوها إلى التوقيع على شيكات وسندات أمانة، ورفعت عليها جراء ذلك دعاوى مدنية بملايين الدراهم، علما بأنها لا تملك سوى راتبها، وسيارات تعود ملكيتها لشقيقاتها، ما أدى بها إلى التوقف عن الدفع، فتقدمت بهذه الدعوى لإشهار إعسارها.
وقضت محكمة أول درجة برفض الدعوى، فاستأنفت الحكم، إلا أن محكمة الاستئناف قضت برفض الاستئناف وتأييد الحكم الابتدائي، فطعنت فيه بطريق النقض.
وقال محامي الطاعنة، علي العبادي، في أسباب الطعن إن الحكم شابه الفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب، ومخالفة الثابت بالأوراق، والإخلال بحق الدفاع، حيث بنى حكمه على أن الطاعنة هي المكلفة بثبات إعسارها، متجاهلاً المستندات المقدمة منها التي تجزم بإعسارها، لاسيما أن المطعون ضدهم لم يقدموا ما يفيد عكس ذلك، لأن الأصل أن الدائن هو المكلف بيان ما للمدين من أموال، كي يتمكن من استيفاء حقوقه منها. وقبلت محكمة النقض هذا النعي، مؤكدة في حيثيات حكمها أن الإعسار هو إحاطة الدين بمال المدين، بحيث إذا زاد مال المدين على مبلغ الدين، أو تساوى معه، فإن المدين يمنع من التصرف في ماله، أي يحجر عليه، ويقرر الفقه المالكي أن المدين يحجر عليه بحكم الحاكم إذا زادت ديونه على ماله، ويكون الحجر للمفلس بناء على طلب دائنيه، أو بناء على طلب المدين نفسه، وفقاً للمذهب الشافعي.