تأييد حكم بثبوت نسب ابن.. وإلزام الأب باستخراج أوراقه الثبوتية

أيدت المحكمة الاتحادية العليا أخيراً، حكم استئناف قضى بنسب ابن (‬18 سنة) لأبيه، وإلزامه باستخراج الأوراق الثبوتية الخاصة به، إذ أكدت توافر أدلة الإثبات الشرعية في ثبوت نسب الابن الذي ولد بتاريخ سابق على تاريخ عقد الزواج.

وفي التفاصيل، أقامت امرأة دعوى على شخص في ‬2011 بطلب إثبات نسب طفلها منه وإلزامه باستخراج جواز سفر له، وإضافته لخلاصة قيده، مع تسجيله لدى الجهات المختصة، واستخراج بطاقة هوية له.

وقالت في دعواها إنها تزوجته بصحيح العقد الشرعي، ودخل بها، وأنه أثبت العلاقة الزوجية لدى المحكمة الشرعية عام ‬1994، بعد مرور أكثر من سنة على قيام العلاقة الزوجية.

وتابعت أنها أنجبت منه على فراش الزوجية طفلاً أقرّ به، وسجله في بطاقته، وقبل التهاني به، مضيفة أنه استمر في إقامته معها وطفلها إلى أن طلقها غيابياً، ثم سعت إليه لاستخراج وثائق ابنهما الرسمية لكنه رفض.

وقضت محكمة أول درجة برفض الدعوى، ثم قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الأول والقضاء بإثبات نسب الطفل للمدعى عليه، وإلزامه باستخراج الأوراق الثبوتية الخاصة به، ولم يرتض المدعى عليه بهذا الحكم، فطعن عليه بالنقض.

وقال المدعى عليه إن المحكمة أقامت قضاءها أخذاً بأقوال الشهود، مع أن الشاهد الأول، وهو وليّها، أقرّ بأن سنه وقت عقد الزواج كانت ‬17 عاماً، بما يوصم العقد بالبطلان، ولا يصح به الزواج، مضيفاً أنه على الرغم من إنكاره نسب الولد إليه، لم تطلب المدعية إثبات هذا النسب إلا بعد مرور ‬18 عاماً. كما أنها لم تطلبه عند تطليقها في عام ‬1995، ولم تعلن المحكمة عن كيفية تسجيل الولد، واستخراج بطاقة صحية له، مع أن تاريخ ولادته سابق على تاريخ عقد الزواج، ولم تراع أن الشاهد الأول هو وليها، والثاني هو الزوج الحالي للمدعية.

ورفضت المحكمة الاتحادية العليا طعنه، مبينة أنه «بحسب قانون الأحوال الشخصية، يترتب على الزواج الفاسد بعد الدخول ثبوت النسب. ومن ثم، فإذا صحّ فرض ما يقوله الطاعن من أن ولي المطعون ضدها عند عقد الزواج كان غير مستوف لشرط البلوغ، فإن العقد يكون فاسداً، ويثبت بالزواج النسب بعد الدخول».

وأكدت أن النسب يثبت بالقرائن أو بالإقرار أو بالبينة، وأن الولد للفراش، إذا مضى على عقد الزواج أقلّ مدة الحمل، ولم يثبت عدم إمكان التلاقي بين الزوجين. كما أنه من المقرر، على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وتقدير أدلتها، وترجيح ما تراه راجحاً، واستخلاص الحقيقة منها، وتطبيق النصوص الشرعية المناسبة، ما يدخل في سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت من الأوراق.

ولفتت إلى أن ثبوت النسب ثبت لدى المحكمة التي استمعت إلى اثنين من الشهود شهدا بأن المدعى عليه تزوج بالمدعية زواجاً صحيحاً في سبتمبر ‬1993 حيث عقد زواجهما شفاهة، بحضور الولي والشاهدين، وحضور المدعى عليه، وجمع من الناس، إلا أن هذا العقد لم يثبت لدى المحكمة الشرعية إلا في عام ‬1994، بعد ولادة الطفل بثلاثة أيام.

وحيث ثبت أن الولد قد ولد بعد نحو ثمانية أشهر من تاريخ الزواج (مايو عام ‬1994) فإنه يكون قد ولد بعد مدة الحمل المنصوص عليها في المادة (‬91 ) من قانون الأحوال الشخصية، ورتب على ذلك القضاء بإثبات نسب الطفل للمدعى عليه.

وأكدت توفر أدلة الإثبات الشرعية، إذ إنه من محاسن الشريعة الإسلامية رعايتها للأنساب، والمحافظة عليها، وتشوقها إلى ثبوت النسب، ودوامه، وتساهلها في إثباته بأدنى الأسباب وأيسرها، وتشددها في نفيه وإبطاله، متى ثبت بإحدى الطرق المشروعة للإثبات، وأنها لا تقبل نفيه بعد ثبوته مهما كان الداعي إليه، وكان من دلائل الثبوت إقرار المدعي أمام هذه المحكمة بإعطائه للولد مكتوب جواز سفره، وبطاقة هويته، بمحض إرادته واختياره.

الأكثر مشاركة