إلزام زوج بنفقة وخادمة لزوجته بعد ثبات إقامته مع أخرى في أميركا
قضت محكمة النقض برفض طعن تقدم به زوج ضد حكم استئنافي بإلزامه بدفع نفقة شهرية لزوجته وأبنائه، وتوفير خادمة، إضافة إلى مسكن مناسب، بعدما أثبتت الزوجة أنه هجرها منذ أكثر من عام، وأقام في أميركا متزوجاً بأخرى.
وكانت الزوجة أقامت دعوى لدى محكمة أبوظبي الابتدائية ضد زوجها، تطلب فيها إلزامه بزيادة نفقتها ونفقة أولادها منه، وهم ثمانية أبناء، من 5000 درهم شهرياً إلى 12 ألفاً، شاملة المأكل والملبس والتطبيب والمسكن، وذلك بتخصيص إحدى الفلل التي يملكها، أو استئجار مسكن مناسب، والإنفاق على تعليم أولاده، وتوفير خادمة، وإثبات أنه هجرها كزوجة له.
وقضت المحكمة بأن يدفع للمدعية 2000 درهم نفقتها، و3000 درهم نفقة الأولاد الثلاثة الصغار شهرياً، شاملة الطعام والملبس والدراسة، مع مراعاة خصم ما تسلمته رضائياً قبل الحكم بالنفقة، وكذلك توفير مسكن شرعي مناسب للزوجة والأولاد، وتوفير خادمة، وإثبات هجره لها مدة سنة، وإلزامه بمصروفات الدعوى، و300 درهم أتعاب المحاماة.
واستأنف المدعى عليه هذا الحكم، فقضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا، وتأييد الحكم المستأنف، فطعن عليه الزوج عن طريق النقض.
وذكر في طعنه أن الحكم خالف القانون وأخطأ في الاستدلال وخالف الثابت بالأوراق والمستندات، لأنه قضى بنفقة للزوجة المطعون ضدها، وبتوفير مسكن لها ولأولادها، وبتوفير خادمة، مع أنها تركت منزل الزوجية في رأس الخيمة من دون إذن أو موافقة الزوج، وهي لاتزال في عصمته. كما أن الحكم لها بتوفير خادمة يتعارض مع الحكم لها بالنفقة، لأن النفقة تشمل المسكن وأجرة الخادمة، ما يوجب نقضه.
ورفضت المحكمة هذا النعي، وقالت إنه من المقرر بموجب المادتين 66 و67 من قانون الأحوال الشخصية، وفي فقه الإمام مالك الواجب التطبيق داخل الدولة، أن الزوجة المدخول بها تجب نفقتها على زوجها بالعقد الصحيح إذا سلّمت نفسها إليه، ولو حكماً، ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء، وذلك بقدر سعة حاله، ولا تتأثر هذه النفقة بادعاء الزوج أن الزوجة تركت منزل الزوجية المجهز في مدينة رأس الخيمة من دون إذن منه لتقيم مع أبنائها البالغين في مدينة أبوظبي، وذلك لعدم وجوده في الدولة، وهجره لها، وإقامته في الولايات المتحدة الأميركية.
وقد ثبت هجره لها بموجب الحكم المطعون فيه، وبما أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعن بدفع نفقة زوجية للمطعون ضدها، وتوفير مسكن شرعي مناسب لها، ولأولاده منها، وتوفير خادمة، ولم تجعل المحكمة النفقة شاملة أجرة الخادمة، وإنما خصتها ببند مستقل، وبذلك تكون قد طبقت القانون تطبيقا سليما.
كما قال الزوج في سبب آخر للطعن إن استناد الحكم الصادر بحقه إلى أن الذي منع الزوجة من الإقامة معه في الولايات المتحدة الأميركية هو وجود ضرتها معه لا يوجد دليل يثبته. كما نازع الزوج في مقدار النفقة المقضي بها وتوفير الخادمة، وقال إن استدلال المحكمة على الهجر هو استدلال فاسد، لا دليل له، وإن مقدار النفقة المحكوم بها لا يتناسب مع سعة المنفق وحاله ووضعه الاقتصادي، ما يوجب نقض الحكم المطعون فيه. ورفضت محكمة النقض هذا النعي، وقالت إن الحكم الاستئنافي المطعون قد أيد الحكم الابتدائي دون زيادة أو نقصان في منطوقه، ما يعني أنه قد اعتمد ما اعتمدته محكمة البداية من أدلة وبينات. وحيث إن ما أثاره الطاعن في هذا السبب يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع التي استمعت إلى الشهود، ومحّصت الأدلة، وخلصت إلى النتيجة التي توصلت إليها، ومن ثم قد استعملت سلطتها في فهم الواقع، وتقدير الأدلة، من دون معقب عليها في ذلك، ما يجعل حكمها المطعون فيه متفقاً مع القانون ونصوص فقهاء مذهب مالك المعمول به في الدولة، ويجعل هذا النعي غير قائم على أساس حريا بالرفض.