عصابة تصنع بطاقات ائتمانية ببيانات مسروقة من عملاء بنوك

ضبطت الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، عصابة حولت شقة على شارع الشيخ زايد إلى مصنع بطاقات ائتمانية مزورة ببيانات مسروقة من عملاء بنوك، واستخدامها في شراء بضائع بملايين الدراهم.

وقال القائد العام لشرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان تميم، إن أحد زعماء العصابة قرصان إلكتروني أوروبي يدعى (ي.أ.ش)، احترف اختراق بيانات عملاء البنوك وسرقتها من خلال الانترنت، وإدراجها في بطاقات ائتمانية مزورة يصنعها بواسطة ماكينات حديثة وتقنيات متطورة، لافتاً إلى أن فريقاً محترفاً من إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية تعقب العصابة مدة شهر وقبض عليها، فيما يشتبه في أنها تمارس جرائمها منذ عام 2010.

توثيق الأدلة

قال مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، المقدم سعيد الهاجري، إن فريق العمل حرص على توثيق الأدلة من خلال مراجعة جهات تضررت من احتيال هذه العصابة وسجل إفادتهم كمشتكين، مشيراً إلى أن هناك عملاء بنوك ومصارف لا ينتبهون إلى وقوع اختلاسات في حساباتها أو لا تتعاون بشكل جيد مع الأجهزة الأمنية، حفاظاً على سمعتها، ما يعرضها لجرائم بشكل متكرر، مؤكداً ضرورة مراجعة الحسابات البنكية بشكل دوري والتأكد من وجود رقم هاتف مستخدم لدى البنك، لتلقي الإشعارات فور إجراء أي معاملة من بطاقاته.


الشريط الممغنط


 قال مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية، اللواء خليل إبراهيم المنصوري، إنه من الضروري توقف المؤسسات المصرفية المختلفة في الدولة عن استخدام البطاقات الائتمانية ذات الشريط الممغنط، لأنه من السهل تقليدها في ظل تطور تقنيات الجرائم الإلكترونية، واستبدالها بالبطاقات ذات الشريحة التي تستلزم إدخال رقم سري ويصعب تقليدها. وأضاف أن بطاقات الائتمان مثل أي مستند يتعرض للتزوير من خلال الحصول على الأرقام الموجودة في النظام وإعادة تخزينها على بطاقات أخرى مماثلة، مشيراً إلى أن التقنيات الحديثة المستخدمة في هذا المجال تزيد الإتقان في عمليات تزوير البطاقات الائتمانية، ما يزيد من صعوبة تمييزها عن نظيرتها الصحيحة.


وقال مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية، اللواء خليل إبراهيم المنصوري، إن أعضاء العصابة أقروا باختلاس نحو 16 مليون درهم، بواسطة البطاقات الائتمانية المزورة، لافتاً إلى ضبط 177 بطاقة مزورة في الشقة التي حولوها إلى مصنع بطاقات مزورة واستخدامها في شراء بضائع بملايين الدراهم، وبيعها واقتسام ثمنها، والإنفاق ببذخ على تأجير سيارات فارهة مثل فيراري ولامبورغيني، واستئجار شقق في مناطق راقية.

وتفصيلاً، أفاد تميم بأن عصابة استخدمت تقنيات متطورة وأساليب احترافية في تنفيذ جريمة بالغة التعقيد تمر عبر مراحل عدة، منها اختراق مواقع للحصول على بيانات بطاقات ائتمانية أو من خلال سوق سوداء إلكترونية تباع فيها تلك المعلومات، والمرحلة الثانية تشمل تصنيع البطاقات باستخدام ماكينة متطورة متصل بها جهازان حديثان لإدراج البيانات المسروقة في البطاقات الائتمانية المزورة: الأول يدخل المعلومات السرية في الشريط الممغنط، والآخر يكتب أرقام البطاقة واسم العميل.

وأشار إلى أن المرحلة الثالثة يتولاها الزعيم الثاني للعصابة، ويحمل جنسية دولة عربية، يدعى (ع.ص) الذي يدير مجموعة مكونة من أربعة أشخاص من دول عربية ويتولون استخدام البطاقات في أغراض مختلفة، تشمل شراء اشياء ثمينة، مثل كوبونات السفر وتذاكر الطيران وشراء الذهب والمجوهرات، وإعادة بيعها مرة أخرى والحصول على ثمنها نقداً.

إلى ذلك، قال المنصوري، إن العصابة عملت بطريقة احترافية بالغة الحذر، إذ سكن كل عنصر منها في مكان راقٍ مختلف لضمان السرية والبعد عن الشبهات، فيما خصص زعيم العصابة شقة لتصنيع البطاقات على شارع الشيخ زايد.

وأضاف أن فريقاً على قدر كبير من الاحتراف تابعاً للمباحث الإلكترونية تولى تقصي العصابة إلكترونياً وتتبع خطواتها في أعمال البيع والشراء، حتى توصل إلى معلومات مهمة تفيد بأن المتهم الأوروبي دخل البلاد عام 2010 وجمع أعضاء العصابة بين عامي 2010 و2011، ثم بدأ يمارس نشاطه في سرية تامة.

وأشار إلى أن المفارقة في القضية التي وصفها بـ«الخطيرة»، أن فريق المباحث الإلكترونية بدأ عمله في القضية منذ نحو شهر تقريباً بعد حصوله على معلومات من مصادره السرية، من دون أن يتلقى شكاوى على الرغم من أن العصابة استخدمت بطاقات تابعة لبنوك داخل الدولة وخارجها.

وأوضح أن زعيم العصابة العربي كان دقيقاً في التعامل مع بقية أعضائها لضمان عدم اختلاس أي منهم أموالاً لحسابه، فكان يصر على طلب إيصال الشراء لمعرفة الرصيد الموجود في البطاقة والمبلغ الذي أنفق منها، لافتاً إلى أن فريق العمل الذي ضم عناصر من إدارة الملاحقة الجنائية والجرائم الاقتصادية ضبط زعيم العصابة متلبساً أثناء صناعة بطاقة وإدخال البيانات فيها.

وتابع أن فريق العمل عثر على الماكينة والكمبيوتر المحمول الذي يتصل بها في حال تشغيل، وضبط 177 بطاقة جاهزة للاستخدام بأسماء وبيانات عملاء مختلفين، فيما كانت العصابة تعمل على تجهيز 100 بطاقة أخرى، مشيراً إلى أن كل بطاقة كانت تحوي رصيداً يراوح بين 80 و100 ألف درهم.

في سياق متصل، قال مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، المقدم سعيد الهاجري، إن فريق العمل في القضية توصل إلى معلومات من الأجهزة التي تم مصادرتها تفيد بتعاون القرصان الإلكتروني مع آخرين في الخارج للحصول على بيانات بطاقات ائتمانية.

وأضاف أن العصابة روجت عبر الانترنت لإمكانية سداد الفواتير والرسوم مقابل مبالغ أقل من قيمة الرسوم، واعتمدوا على شراء بطاقات هاتفية من متاجر كبرى وإعادة بيعها لمحال البقالة الصغيرة بأسعار مخفضة جداً. وأشار إلى أن فريق العمل في القضية اكتشف من خلال تعقب العصابة أن عدداً من عناصرها يسهرون بشكل شبه يومي في نواد ليلية فارهة، وينفقون في الليلة الواحدة نحو 40 ألف درهم، فتم تتبع كل عضو على حدة حتى قبض عليهم جميعاً في يوم واحد وتوقيت متزامن.

وأضاف أنه تبين من خلال استجواب أعضاء العصابة، أن القرصان الأوروبي يقيم بشكل مخالف في الدولة، إذ انتهت صلاحية إقامته وجلب الماكينة المستخدمة في صناعة البطاقات من الخارج، وتولى تجهيزها وتزويدها بالمعلومات المطلوبة، مشيراً إلى أن خامة تلك البطاقات رديئة لكن يصعب كشفها من جانب موظفين بسطاء في المتاجر المختلفة.

ولفت إلى أن أحد أعضاء العصابة من أرباب السوابق في الجرائم الإلكترونية، ودأب عناصرها على استخدام أسماء مستعارة أثناء الشراء، مشيراً إلى أنه تم إحالتهم جميعاً إلى النيابة العامة.
 

الأكثر مشاركة